البابا يدعو أوروبا لمساعدة المهاجرين و«التخلي عن انطوائها»

وصفها في خطاب أمام البرلمانيين بـ«الجدة التي فقدت حيويتها»

TT

دعا البابا فرنسيس، أمس، أوروبا «العجوز» التي قارنها بـ«جدة أضعفت قواها»، لأن أن تساعد المهاجرين الذين يتدفقون إلى سواحلها وتتخلي عن انطوائها.

وفي خطاب شديد اللهجة أمام البرلمان الأوروبي، أشار البابا إلى الانطباع العام الذي أعطته أوروبا بأنها «جدة لم تعد مليئة بالحيوية أو الخصوبة» والتي «باتت تشعر بأن دورها يتقلص». وقال إنه «آن الأوان للتخلي عن فكرة قارة أوروبية مذعورة منطوية على نفسها» لتصبح «مرجعا ثمينا للبشرية كلها». وجدد البابا النداء الذي أطلقه في يوليو (تموز) 2013 على جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، وقال: «لا يمكننا أن نسمح بأن يتحول المتوسط إلى مقبرة كبيرة! تنقل الزوارق التي تصل يوميا إلى السواحل الأوروبية رجالا ونساء يحتاجون إلى مساعدة». وطالب البابا بـ«انتخابات تشريعية تحمي حقوق المواطنين الأوروبيين وتضمن استقبال المهاجرين في آن».

وتعد هذه الزيارة التي دامت 4 ساعات الأقصر لحبر أعظم في الخارج، ولم يتضمن برنامجها لقاء مع الكاثوليك الفرنسيين، مما خيب آمال المؤمنين الذين اكتفوا بمشاهدة شاشة عملاقة في كاتدرائية ستراسبورغ. وحيال هذه الخيبة، وعد الفاتيكان بزيارة البابا لفرنسا العام المقبل. وصفق المؤمنون عندما شاهدوا على الشاشة طائرة البابا تحط في مطار ستراسبورغ صباح أمس. واستقبلته سيغولين رويال وزيرة البيئة باسم الحكومة الفرنسية، في حين استقبل في البرلمان الأوروبي على ألحان نشيدي الفاتيكان وأوروبا وعلى أصوات أجراس الكنائس في مدينة ستراسبورغ. وانتشرت في المدينة قوات النخبة والشرطة والدرك والآلاف من عناصر قوى الأمن.

وقال البابا في خطابه أمام النواب الأوروبيين، إن «الأفكار الكبرى التي استوحتها أوروبا في الماضي خسرت على ما يبدو جاذبيتها لتحل مكانها بيروقراطية المؤسسات». وأضاف أن «المسيحية لم تعد تشكل تهديدا على علمانية الدول أو استقلال المؤسسات في أوروبا، بل باتت تغنيها»، في حين احتج نواب أوروبيون على زيارته حفاظا على مبدأ العلمانية. وانتقد البابا خصوصا الفردية والنزعة الاستهلاكية وقلة التضامن والبيروقراطية التي تجعل من الرجال والنساء «جزءا من سلسلة تحولهم إلى سلع استهلاكية».

وبعد أن توجه إلى النواب في البرلمان الأوروبي الذين أتوا من 28 بلدا في الاتحاد، عبر البابا النهر لدخول «مجلس أوروبا»، المنظمة الحكومية التي تمثل 47 بلدا. ورتل عدد من المؤمنين تراتيل مسيحية وراء السياج الأمني المحيط بمجلس أوروبا. وكان البابا يوحنا بولس الثاني آخر بابا زار هذه المؤسسات في 1988 عندما كانت أوروبا لا تزال مقسمة إلى جزأين بالستار الحديدي. وأمام مجلس أوروبا، دعا البابا الأوروبيين إلى أن يظلوا ملتزمين في العالم من دون الانطواء على أنفسهم. وتأتي زيارة البابا الخاطفة في فترة توتر في أوروبا مع البطالة والهجرة ونقاشات اجتماعية صعبة وتهديد بحرب باردة جديدة مع النزاع في أوكرانيا.