السيسي وهولاند يتفقان على التنسيق المشترك ودعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب

توقيع 3 اتفاقيات اقتصادية باريس ـ القاهرة: «الشرق الأوسط»

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى استقباله الرئيس عبد الفتاح السيسي («الشرق الأوسط»)
TT

وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مباحثاته مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بأنها «جاءت مثمرة للغاية»، وعكست تقاربا في وجهات النظر بين البلدين إزاء مختلف القضايا الثنائية والدولية، وعلى رأسها كانت القضية الفلسطينية، مؤكدا أن «وجهات النظر فيها جاءت متطابقة تماما بين البلدين، وتم الاتفاق على بذل كل الجهود بين جميع الأطراف للعمل على حل واستئناف عملية السلامة بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، مشددا في الوقت ذاته على أنه لا بد أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن.

وقال الرئيس السيسي، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس هولاند بقصر الاليزيه مساء أمس، إن حل القضية الفلسطينية سيحدث نقلة عظيمة في المنطقة العربية والعالم أجمع، مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة وجود دولة للفلسطينيين عاصمتها القدس الشرقية، لأن وجود دولة لفلسطين سوف يعطي لهم أملا حقيقيا وسوف يعزز من وضع الإسرائيليين في المنطقة. وأضاف أنه تم الاتفاق بخصوص الوضع في العراق على ضرورة العمل مع الحكومة العراقية ومختلف أطراف المجتمع الدولي من أجل مساندة العراق ومواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد أمنه وسلامته. وأشاد بجهود الحكومة العراقية من أجل توحيد صف العراقيين والابتعاد عن إقصاء أي مكون من مكونات الشعب العراقي.

وبخصوص الملف السوري، قال السيسي «لقد عكست مناقشاتنا تفاهما كبيرا حول ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن حقن دماء السوريين ويحمي مؤسسات الدولة ويحافظ على وحدة التراب السوري لما فيه مصلحة الشعب السوري الشقيق».

وعلى صعيد الأوضاع في ليبيا، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي «لقد تشاركنا المخاوف إزاء التطورات السلبية والعنف الذي تشهده الساحة الليبية بصورة جعلت من ليبيا مرشحة لأن تكون بيئة خصبة للجماعات التكفيرية والإرهابية التي استغلت حالة الضعف التي تمر بها مؤسسات الدولة لفرض كلمتها ورأيها وأجندتها على الشعب الليبي». وأكد أنه تم الاتفاق على ضرورة العمل لوقف هذا النزيف المستمر لمقدرات الشعب الليبي الشقيق عبر دعم الشرعية التي أقرها الشعب الليبي، لافتا إلى أنه تم التوافق على أهمية دعم التعاون بين دول البحر المتوسط خاصة ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية ودعم الجهود المستدامة في جنوب المتوسط.

وفي ما يخص العلاقات الثنائية، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي «اتفقنا على مواصلة العمل المشترك من أجل دفع التعاون الثنائي بين مصر وفرنسا في جميع المجالات الاقتصادية»، لافتا إلى أنه وجه الدعوة للرئيس هولاند إلى زيارة مشروع قناة السويس الجديدة مرة أخرى عقب افتتاحه في أغسطس (آب) المقبل.

من جانبه، أشاد الرئيس الفرنسي بالعلاقات الثنائية بين فرنسا ومصر في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن بلاده تدرك أن مصر قد مرت بمرحلة صعبة. وقال هولاند، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، إن باريس شريك قوي للقاهرة، متمنيا أن تتواصل عملية الانتقال الديمقراطي واستكمال خارطة الطريق في مصر. وأشار إلى أنه تحدث مع الرئيس السيسي حول ما يمكن أن تفعله فرنسا لتلبية احتياجات التنمية والنمو في مصر، وذلك في الإطار الذي تبنته مصر، وقال «إنه من المهم جدا أن تكون هناك استثمارات أكبر في الاقتصاد المصري». وأشار هولاند إلى أنه سيزور منطقة قناة السويس خلال زيارته القادمة لمصر تلبية لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقال إن مصر بحاجة إلى مساهمة المؤسسات الدولية، موضحا أن فرنسا ستشارك في حشد الأموال من أجل المساهمة في تنمية الاقتصاد المصري.

وبشأن الإرهاب الذي يضرب مصر، قال هولاند إن مصر تواجه إرهابا عنيفا خاصة في سيناء، لافتا إلى أنه ينبغي العمل معا من أجل مكافحة الإرهاب. وأشار إلى أنه تناول خلال لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي الأوضاع في ليبيا، وتم الاتفاق على العمل من أجل إعادة دولة القانون لتتمكن السلطات الليبية من توفير أمن وسلامة أراضيها. ووجه هولاند الشكر للرئيس السيسي على وساطته في العمل الذي قام به في اللحظة الحاسمة من أجل وقف إراقة الدماء في قطاع غزة. وقال «يجب علينا أن نعود إلى الإقناع بضرورة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس الاعتراف بدولتين». وأشار إلى أن لقاءه مع الرئيس السيسي تطرق أيضا إلى الحديث بشأن الأوضاع في العراق وسوريا ومكافحة الإرهاب الذي يرتكبه تنظيم داعش، لافتا إلى أنه يتم الآن بحث الحلول السياسية بشأن الأوضاع في سوريا من أجل عملية انتقالية حقيقية مع الحفاظ على الدولة. واستقبلت فرنسا السيسي بحفاوة بالغة، حيث أقيمت له ظهر أمس (الأربعاء) مراسم استقبال عسكرية في قصر «الأنفاليد»، وهو معلم أثري بالعاصمة الفرنسية باريس، وكان في استقباله وزير المالية ميشال سابان، وممثل عن الحاكم العسكري لباريس الجنرال هنري بازان، ومدير المراسم لوران ستيفانين. وبحسب البروتوكول الفرنسي، تجرى مثل هذه المراسم لكبار القادة الذين يزورون فرنسا.

واحتشد نحو ألف شخص من أبناء الجالية المصرية من جميع أنحاء فرنسا ومن أوروبا لتحية الرئيس السيسي عقب خروجه من قصر «الأنفاليد» حيث أجريت له مراسم الاستقبال العسكرية. ووصل الرئيس السيسي إلى العاصمة الفرنسية مساء أول من أمس قادما من إيطاليا، حيث تعد باريس المحطة الثانية له، في ختام أول زيارة أوروبية يقوم بها بعد توليه مقاليد الحكم في مصر. وعقب المراسم الرسمية، توجه الرئيس السيسي إلى قصر الإليزيه وعقد جلسة مباحثات مغلقة مع نظيره الفرنسي هولاند، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور الرئيسين، ووفدي البلدين، لتبادل الآراء القضايا الدولية والإقليمية، وبحث أوجه التعاون المشترك بين البلدين. وامتدت المباحثات المصرية الفرنسية على مأدبة غداء أقامها الرئيس هولاند على شرف الرئيس السيسي والوفد المرافق له الذي يضم وزير الخارجية سامح شكري ووزير التجارة والصناعة منير فخري عبد النور ووزير الاستثمار أشرف سالمان ووزير التموين والتجارة الداخلية خالد حنفي. كما حضر المباحثات أيضا السفير إيهاب بدوي سفير مصر لدى فرنسا. وشهد الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي هولاند بقصر الاليزيه التوقيع على ثلاث اتفاقيات تعاون بين مصر وفرنسا، وقعها وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الفرنسي لوران فابيوس، بالإضافة إلى وزير المالية ميشال سابان. وتشمل الاتفاقية الأولى إعلان نوايا حول الشراكة الفرنسية المصرية تتعلق بمترو أنفاق القاهرة، بينما الاتفاقية الثانية مع الوكالة الفرنسية للتنمية وتهدف إلى توصيل الغاز الطبيعي للمنازل في عدة محافظات بقيمة 70 مليون يورو. وتهدف الاتفاقية الثالثة وهي أيضا مع الوكالة الفرنسية للتنمية إلى دعم التوظيف عبر تمويل الشركات الصغيرة في المناطق الأكثر فقرا بقيمة 80 مليون يورو.

من جهته، صرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن «الرئيس أعرب في بداية المشاورات عن اهتمام مصر بتعزيز التعاون والتنسيق مع فرنسا في مختلف المجالات، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب في ظل العلاقات المتميزة والتاريخية التي تربط بين مصر وفرنسا، وتطابق الرؤى حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية. وقد أكد فابيوس على ما ذكره الرئيس، معربا عن أمله في أن تشهد الفترة المقبلة دفع التعاون الثنائي في شتى المجالات، ومشيرا إلى محورية الدور الذي تضطلع به مصر لإحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وقد أكد الوزير فابيوس دعم بلاده لمسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي التي تقوم بها مصر».