المعارضة تربط التصعيد العسكري في الرقة بالحراك الدولي و«خطة ديمستورا» في حلب

خبراء لـ («الشرق الأوسط»): تأثيرها معنوي وعسكري لصالح النظام على طاولة المفاوضات

TT

قتل نحو مائة شخص، معظمهم من المدنيين، في أعنف غارات تشنها طائرات النظام السوري على مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن الأربعاء: «ارتفع إلى ما لا يقل عن 95 شخصا، بينهم 52 مدنيا، عدد الشهداء الذين قضوا (الثلاثاء) في غارات النظام التي استهدفت مواقع مختلفة في المدينة الشمالية»، مضيفا أن نحو 120 شخصا آخر أصيبوا بجروح.

وذكر أن «عناصر من تنظيم داعش قد يكونون قتلوا في هذه الغارات». وتابع أن بعض المواقع التي تم استهدافها في هذه الغارات التي بلغ عددها نحو 10 غارات «تقع بالقرب من مراكز لتنظيم داعش» الجهادي المتطرف «الذي يقيم مراكزه بين المدنيين».

وفي دمشق، قال مصدر أمني سوري لوكالة الصحافة الفرنسية إن الغارات التي شنها سلاح الجو السوري على مدينة الرقة «استهدفت مقار لـ(داعش)»، مشددا على أنه ليس هناك من تنسيق مسبق مع التحالف الدولي. وأوضح أن الجيش لديه «خطة عمل نتابع تنفيذها».

والرقة هي مركز المحافظة الوحيدة الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش بشكل كلي في سوريا، بحيث أصبحت معقله الرئيس. وظلت المدينة في منأى عن غارات النظام لعدة أشهر رغم شنه ضربات جوية ضد معاقل تنظيم داعش في شمال سوريا وشرقها منذ الصيف الماضي، علما بأن الغارات الأخيرة هي الأعنف على المدينة من قبل الطيران السوري، كما تتعرض المدينة أيضا لغارات تشنها طائرات التحالف الدولي.

وتربط المعارضة السورية بين تصعيد النظام العسكري باتجاه المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، ولا سيّما الرقة، والحراك بشأن الملف السوري وما يحكى عن حلول يبحث فيها، معتبرة أنّ النظام يهدف من خلالها إلى القول للمجتمع الدولي إنّه مساهم في مواجهة الإرهاب.

واعتبر أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري في الجيش الحر، أنّ النظام يحاول من خلال التصعيد العسكري في الرقة كسب الوقت في ظل الحراك الدولي والبحث في خطّة ديمستورا التي تنص ببندها الرئيس على وقف القتال في حلب وبعث رسائل إلى أميركا للقول إنه جزء من الحرب على الإرهاب.

ويشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «داعش» منذ بدء ضربات التحالف اعتمد سياسة الاختباء في مناطق مدنية، معتبرا أنّ النظام لن يقدر على تقويض التنظيم في هذه المناطق.

ورأى العاصمي أنّ الوضع يختلف في دير الزور حيث المعارك مباشرة ولها هدف ميداني عسكري وليس سياسيا.

كذلك، يرى الخبير العسكري العميد المتقاعد هشام جابر أنّ النظام متفرغ اليوم لجبهة حلب بعدما بات مرتاحا لوضعه إلى حد ما في دمشق والساحل والطريق بينهما، ويحاول كسب أكبر قدر من المكاسب في ظل التوجّه الدولي نحو الاتفاق على خطّة ديمستورا. ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «ضرب الرقة الموجودة في شمال شرقي حلب، التي تعتبر عاصمة (داعش) سيكون له تأثير معنوي وعسكري كبير بالنسبة إلى النظام، ولا سيّما على طاولة المفاوضات، وهو الأمر الذي يسعى إليه بتكثيف غاراته عليها بشكل غير مسبوق في هذه الفترة».

ويلفت جابر إلى أنّ النظام الذي يعمل باتجاه واحد في حربه هذه، وكما في أي حرب، لن يهتمّ بالخسائر في صفوف المدنيين، مشيرا في الوقت عينه إلى أنّ هناك تنسيقا، وإن كان غير مباشر بين الطلعات الجوية التي ينفذها النظام وتلك التي يقوم بها «داعش»، منعا لأي تصادم قد يؤدي إلى حرب بين الطرفين.

وفي حين يشير رامي عبد الرحمن في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ النظام يتمنّى إسقاط عدد كبير من مقاتلي «داعش»، للحصول على مصداقية أمام المجتمع الدولي، يعتبر أنّه قد يكون يعتمد سياسة ممنهجة يهدف من خلالها إلى تأليب السوريين الموجودين في مناطق «داعش» وتهجيرهم، كما حصل في مدينة حلب، أو أنه يستعين بطيارين يفتقرون إلى الخبرات اللازمة وكل ما يقومون به هو قصف المناطق التي يفترض أنّ فيها وجود لـ«داعش». وذكّر عبد الرحمن بما حصل قبل نحو شهرين، عندما أظهر شريط فيديو طيارا وهو يقول: «سيدي الطائرة تبدو معي ثقيلة»، فما كان للأخير إلا أن أمره برمي البرميل المتفجر أينما كان مستهدفا بذلك منطقة مدنية.

وفي موقف له تجاه استهداف النظام للمدنيين، استنكر الائتلاف الوطني على لسان أمينه العام نصر الحريري، «سلبية التحالف الدولي تجاه المجازر المرتكبة بحق أهالي الرقة، جرّاء البراميل المتفجرة التي تمطر بها طائرات النظام المدنيين». وقال الحريري: «إنّ هذا الغموض والسلبية والسلوك غير الواضح في استراتيجية التحالف الدولي بالتعامل مع الواقع السوري، من شأنه أن يدفع المستضعفين للالتحاق بصفوف الجماعات المتطرفة، لكونها السبيل الوحيدة الموجودة أمامهم، في ظلّ هذا التخاذل الدولي في التعاطي مع المسألة الإنسانية بسوريا».

وأشار الأمين العام إلى «أنّ القصف الذي تشهده الرقة ليس عشوائيا، بل هو منتظم يستهدف المدنيين فقط، وأن إصرار التحالف على عدم وضع حدّ لمجازر الرقة يعني أنّ ذلك إقرار بالجريمة وتقديم خدمات مجانية لقوات الأسد».

وتضررت أماكن كثيرة جراء الغارات الجوية، بينها عدد من المنشآت العامة مثل المتحف الوطني والمنطقة الصناعية ومسجد.

والرقة هي مركز المحافظة الوحيدة الخاضعة لسيطرة «داعش» بشكل كلي في سوريا، بحيث أصبحت معقله الرئيس.

وظلت المدينة في منأى عن غارات النظام لعدة أشهر رغم شنه ضربات جوية ضد معاقل التنظيم في شمال سوريا وشرقها منذ الصيف الماضي.

وزادت الغارات الجوية التي تشنها القوات الحكومية السورية منذ بدأ تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة مهاجمة مواقع التنظيم في سوريا في سبتمبر (أيلول) الماضي مع بدء تنفيذ طائرات التحالف ضرباتها، مع العلم أنّ 90 في المائة من الغارات التي استهدفت «داعش» من قبل النظام لم تكن صائبة واستهدفت المدنيين، وفق المرصد.

وكان المرصد قد أعلن في السادس من سبتمبر الماضي أن 8 غارات على الرقة أسفرت عن مقتل 53 شخصا معظمهم من المدنيين، وآخر استهداف لمراكز «داعش» عبر طيران النظام كان في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فيما كان آخر قصف للتنظيم من قبل النظام أيضا، في 23 الحالي في دير الزور، أدى إلى مقتل 17 مقاتلا خلال يومين. وقد شن سلاح الجو السوري 1592 غارة جوية في أنحاء سوريا على مدى الشهر الماضي قتل خلالها 396 مدنيا على الأقل.