مسؤول في فتح: المصالحة متوقفة الآن مع حماس حتى تلتزم بالاتفاقات الموقعة

أبو مرزوق نفى وجود قرار سياسي يقضي بإزالة الخلافات

TT

تصر حركة فتح على تمكين حكومة التوافق من السيطرة على قطاع غزة قبل استئناف الحوار الوطني المتوقف مع حركة حماس، منذ استهدافها بتفجير منازل قادة ونشطاء الحركة في غزة في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وقال جمال محيسن، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، إن المصالحة متوقفة الآن حتى تلتزم حركة حماس الاتفاقات الموقعة، موضحا أن العلاقة بين الحركتين مقتصرة على الاتصالات بين عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لفتح ومسؤول ملف الحوار والعلاقة مع الفصائل، وموسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس، لكنها اتصالات محدودة، حسب رأيه.

وأضاف محيسن لـ«الشرق الأوسط»: «عليهم أولا أن يلتزموا الاتفاقات الموقعة، وأولها أن تمارس الحكومة مهامها في القطاع»، واتهم حماس بالسيطرة على كل كبيرة وصغيرة في غزة بقوله: «إنهم يطلبون من الحكومة أن تمارس دورها وهم يسيطرون على كل شيء، فهم يحتلون مقر منظمة التحرير ومقراتنا (فتح)، ويتحكمون في الأمن والوزارات والموظفين.. ودعواتهم للحكومة لممارسة مهامها دعوات كذب واضح».

وكانت المصالحة توقفت بين حركتي فتح وحماس منذ استهدفت تفجيرات منازل قيادات في حركة فتح بغزة، ووقتها اتهمت فتح قيادة حماس بتنفيذ هذه التفجيرات، إلا أن الحركة نفت ذلك نفيا قاطعا. وأكد محيسن مجددا أمس أن حركة فتح تملك المعلومات الكاملة عن الذين أعطوا الأوامر بتنفيذ التفجيرات، وقال إنهم من المكتب السياسي لحماس دون أن يسميهم بالاسم، ومن بينهم مرافقون لمسؤولين كبار في الحركة.

إلا أن حماس نفت مجددا أمس علاقتها بالتفجيرات، إذ قال القيادي في الحركة موسى أبو مرزوق، في رسالة وجهها إلى القيادي الفلسطيني قيس أبو ليلى، الذي طالب حماس بالكشف عن الجناة كبادرة لاستئناف الحوار الوطني وإنهاء الانقسام: «ما علاقة الحوار الوطني بالأعمال المدانة كالتفجيرات؟ وماذا لو فشلت الأجهزة الأمنية في الكشف عن المتهمين؟ وما علاقة حماس التي تمت إدانتها وتحميلها المسؤولية قبل بدء التحقيق.. الرئيس أعلن أنه يعرف المتهمين وعنده أسماؤهم، فما فائدة التحقيقات وقد تم نشر الأسماء بما فيها الموتى والشهداء؟ وإذا كان الرئيس يرفض إجراء أي تحقيقات، فلماذا التباكي عليها؟». وتساءل أبو مرزوق: «لماذا لا يقوم السيد رامي الحمد الله، بصفته وزيرًا للداخلية، بمسؤوليته ويكلف أجهزته الأمنية في غزة التحقيق؟».

وبخصوص اتهام حماس بأنها لا تمكن حكومة التوافق من القيام بمهامها، أوضح أبو مرزوق: «نحن أكثر المطالبين بتمكين حكومة التوافق من القيام بمسؤولياتها في قطاع غزة، ونحن نتساءل: من الذي يمنعها من القيام بمهامها؟ المشكلة ليست عند (حماس)، المشكلة تكمن في أنه لا قرار سياسيا يقضي بالمضي في المصالحة وإزالة الخلافات، وكلما تحدثنا مع رئيس الوزراء والوزراء يقولون بأن هذا قرار سياسي عند أبو مازن. المشكلة تكمن عمن يبحث عن أي ذريعة لإعاقة وتعطيل المصالحة، فهل لديكم تفسير آخر؟».

لكن محيسن رفض كلام أبو مرزوق ورد عليه قائلا: «إنه يطلب من وزير الداخلية الكشف عن المجرمين وهو (وزير الداخلية) لا يستطيع إزالة حاجز في غزة لأنهم يتحكمون في كل شيء.. إنهم يتعاملون مع غزة على أنها مخطوفة لديهم».

وفيما تعد المصالحة مجمدة، تنقضي الأسبوع المقبل فترة حكومة التوافق التي شكلت لستة أشهر للتحضير لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية. وفي ظل هذا الوضع، يعتقد أن يقدم الرئيس الفلسطيني على إجراء تعديلات على الحكومة الفلسطينية حتى من دون الاتفاق مع حركة حماس إذا بقيت المصالحة معلقة حتى بداية العام المقبل. وتكمن أهمية استمرار الحكومة الحالية بالنسبة لقطاع غزة في إعادة إعمار القطاع، ومراعاة حاجات الناس الماسة بعد الحرب الأخيرة.

ويؤكد مسؤولون في حركتي فتح وحماس أنه لا خيار عن العودة للمصالحة لحين الوصول إلى انتخابات عامة. وفي هذا الصدد، طالبت هيئة المنظمات الأهلية، أمس، الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء وحركتي فتح وحماس بالعمل على تجاوز تداعيات حادث التفجيرات الأخير، من خلال الإسراع في الكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة، إضافة إلى وقف الحملات الإعلامية المتبادلة، وتعزيز خطاب إعلامي تصالحي.

كما طالبت الهيئة حكومة التوافق الوطني بالوجود في قطاع غزة بشكل عملي بهدف تسلم ملفات الحكومة كاملة، وفي مقدمتها «إعادة الهيكلة وتوفيق أوضاع الموظفين، وتوفير كل الخدمات، وأبرزها المعابر، والأمن، وإنهاء الحصار، والإعمار، والتحضير للانتخابات، ودعت لاستكمال تنفيذ باقي بنود المصالحة الوطنية، وفي مقدمتها تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستئناف دور ومهام المجلس التشريعي وعقد جلساته، وإنجاز توصيات لجنتي المصالحة المجتمعية والحريات العامة. كما دعت الحكومة والأمم المتحدة للتراجع عن مشاركتها في آلية على الرقابة على مواد البناء التي تسهم في إطالة أمد ومأسسة الحصار، وإعاقة وتقييد إعمار قطاع غزة.

وأكدت الهيئة التي تضم 80 منظمة أهلية أنه «لا خيار أمام الفلسطينيين «سوى السير في مساعي المصالحة الوطنية على طريق الوحدة، وبناء نظام سياسي فلسطيني ديمقراطي وتعددي، بما يمكن الساحة الفلسطينية ويقويها لمواجهة المخططات الاحتلالية». وقالت إن دعوتها «تأتي نظرا إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في قطاع غزة بشكل سريع، في ظل استحكام الحصار، وتفاقم الأوضاع الإنسانية لعشرات الآلاف ممن دمر الاحتلال منازلهم خلال العدوان الأخير، وفي ظل تصاعد الانتهاكات والاستفزازات الإسرائيلية في القدس وعمليات التهويد، والاعتداءات على القدس والمقدسات وتصاعد وتيرة مصادرة الأراضي والاستيطان».

وأضافت الهيئة أن «كل ذلك يجري وسط استمرار حالة الشلل في أداء الحكومة، وتهديدات جدية بالعودة إلى مربع الانقسام البغيض وتداعياته، الأمر الذي سيكون أكثر سلبية، ليس فقط على الواقع المعيشي لسكان القطاع، بل على القضية الفلسطينية برمتها».