قانون «يهودية الدولة» يلقى معارضة واسعة في إسرائيل

الرئيس اعتبره مضرا.. وباحث كبير شبهه بقوانين النازية

TT

في أعقاب انفجار حملة معارضة واسعة للقانون الذي يسمي إسرائيل «الدولة القومية للشعب اليهودي»، قرر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تأجيل بحثه أسبوعا واحدا على الأقل، على أمل التوصل إلى تفاهمات مع الأحزاب والشخصيات والمؤسسات المعارضة؛ خاصة بعد أن سيطرت الدعوات المعارضة في الأيام الأخيرة، والتي قالت إن «الهم الأساسي لنتنياهو ليس الهم اليهودي والوطني، بل الحسابات الحزبية والمصالح الضيقة».

وكان في مقدمة المعارضين المفاجئين رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، الذي يعد أحد أقطاب اليمين الكبار؛ حيث فاجأ الجميع بموقف معارض بشكل حاد لقانون القومية وشكك في النوايا الكامنة وراء طرحه، وتساءل خلال خطابه أمام مؤتمر لوكلاء النيابة، قائلا: «علينا أن نسأل أنفسنا بجدية: ما هو الهدف من القانون المقترح.. ألا يشكك قانون كهذا بنجاح المشروع الصهيوني من أساسه، الذي نحن محظوظون بالعيش في كنفه؟».

وأضاف ريفلين موضحا: «يهودية هي ديمقراطية وديمقراطية هي يهودية.. هكذا فقط يمكننا أن نعرف أن الإرهاب الخارجي العنيف لن يكسر معنوياتنا.. فهل يعني أن تكون جزءا من أقلية في دولة إسرائيل أنك لست فيها مواطنا حرا؟».

وأكد ريفلين أن «العرب في إسرائيل ليسوا أقلية بالمفهوم التقليدي، لأن نحو ربع الطلاب في الصف الأول في إسرائيل من جنسيات عربية، ونحو خُمس الطلاب يهود متدينين»، وبالتالي فإن استخدام مصطلح «أقلية» مغلوط، بالنسبة لريفلين. وأشار الرئيس الإسرائيلي إلى أنه يخشى أن الأجواء التي أدت إلى تشكيل وبلورة هذا القانون لن تختفي بسهولة، ولن تمر مرور الكرام على الكنيست أو الجمهور الإسرائيلي. ودعا أعضاء الكنيست وسكان إسرائيل اليهود وغير اليهود إلى «تضافر الجهود من أجل إلغاء هذا القانون».

وبرز أيضا بين معارضي القانون البروفسور دانئيل بلتمان، المتخصص في أبحاث «المحرقة اليهودية في زمن النازية الألمانية»، الذي أجرى مقارنة جريئة بين قانون القومية اليهودية وبين القوانين التي تم سنها في أوروبا مع فترة صعود النازية والفاشية؛ حيث قال إن «سن قوانين لتثبيت قومية الدولة، يتم عادة في دول تشعر بتهديد لكيانها، مثلما حدث سنة 1937 في بولندا ورومانيا وغيرهما، وكان اليهود هم الضحية الأولى لسياسة التمييز. وقوانين نينبيرغ، التي سنها الألمان وتحولت إلى رمز للتمييز العنصري ضد اليهود، تم تفسيرها بالقول إنها لا تأتي لكي تدير نظاما عنصريا، بل لترتيب كيفية الحفاظ على شعبنا. وهذا المنطق نفسه نسمعه اليوم من مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية وفي اليمين المتطرف».

وتابع بلتمان متسائلا: «ما الذي نتعلمه إذن من سن قانون القومية اليهودية؟ الأمر الأساس الذي نتعلمه هو أن النتيجة التي تقود إليها مثل هذه القوانين معروفة، وينبغي على كل من سيرفع يده في الكنيست لتأييد قانون كهذا، أن يدرك إلى أين سيقوده، فالنهاية لهذا الطريق لا يمكن تصورها».

من جهة ثانية، كشف النائب دوف حنين، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن نواب أحزاب المعارضة، وهي «حزب العمل»: «ميريتس»، الجبهة: «الحركة العربية للتغيير»: «الحركة الإسلامية» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، اتفقت على الالتزام التام بالتصويت الجماعي ضد قانون القومية. وقال إنه يحاول إقناع الأحزاب الدينية (الحريديم): «شاس» و«يهدوت هتوراة» بأن شرعنة المسّ بالأقليات وبمبدأ المساواة وتعميق العنصرية التي بدأت ضد العرب، في إطار اقتراح القانون الذي يقدّمه نتنياهو، ستطال الأقليات الأخرى في وقت لاحق.

كما شملت المساعي الإسرائيلية الرامية إلى صدّ اقتراح قانون «القومية اليهودية» ممارسة ضغوط على حزب «هتنوعا» و«ييش عتيد»، وعلى أوساط جماهيرية مقرّبة من الحزبين، أدّت إلى عدم تصويتهما لصالح اقتراح القانون.

وهناك نشاط مواز يقوم به «الائتلاف لمناهضة العنصرية في إسرائيل» والذي يضم 37 جمعية ومؤسسة حقوقية عربية وعبرية، اعتبرت في بيان لها أن اقتراحات قانون القومية «تصبو لإفراغ مبدأ ديمقراطية الدولة من مضمونه»، وبهذا الخصوص قال المحامي نضال عثمان، مدير الائتلاف لمناهضة العنصرية، إن «المحاولة البائسة لأعضاء كنيست من اليمين، وكذلك رئيس الحكومة نفسه، للنيل من مكانة الجماهير العربية ومكانة اللغة العربية، إنما هي محاولة لتفريغ الديمقراطية من مضمونها، وهي خطوات تسويقية لإرضاء الأصوات العنصرية في اليمين».