شاشة الناقد: ألعاب خطابية هزيلة

من «ألعاب الجوع» مع جنيفر لورنس
TT

*إخراج: فرنسيس لورنس.

* أدوار أولى: جنيفر لورنس، جوليان مور، فيليب سايمور هوفمان، دونالد سذرلاند.

* تقييم الناقد: (2*) (من خمسة)

* تم تقسيم الجزء الثالث من رواية سوزان كولينز المعنونة بـ«موكينغجاي» إلى قسمين وتصويرهما متتابعين. هذا القسم هو الأول بينهما والثالث بين أفلام السلسلة. هذا سبق أن حدث مع سلسلة «هاري بوتر»؛ إذ عندما آن وقت تقديم الرواية الأخيرة من السلسلة، كما وضعتها ج. ك. رولينغ، تم تقسيمها إلى جزأين في رغبة لعصر كل ما يمكن عصره من السلسلة وجمهورها.

إنه قرار تسويقي أكثر مما هو درامي أو فني. لكن النتيجة أن هذا الجزء الأول من الرواية الثالثة لا يتضمن الكثير من دواعي الإثارة أو التشويق.

ما زلنا على وعد بأن القطاع «13» الذي تنتمي إليه الفتاة المتمردة كاتنيس (جنيفر لورنس) سيتمرد على الطبقة التي تقطن المدينة وتسير الحياة ومقدراتها وتستحوذ على كل خيراتها. كاتنيس الآن مختبئة تحت الأرض بعدما نجت من الموت في الجزء السابق. في الوقت ذاته، يقوم بلوتارش (الراحل فيليب سايمور هوفمان) المنقلب على النخبة الحاكمة بمحاولة تهيئة كاتنيس لتقود الثورة المضادة. المغزى هنا هو أنها، في الفيلمين السابقين، استطاعت أن تنتصر في تلك الألعاب القاتلة من ناحية، وعلى سعي المؤسسة الحاكمة لإسكات الأصوات المعارضة عبر تصويرها على أنها متعاونة وفتاة نموذجية يجب أن يحتذي بها الجميع. الذروة هنا هي إذا ما كانت ستستطيع الخلاص من قبضة المؤسسة وتحديها وكيف سيتم لها ذلك.

مساعي بلوتارش لتصويرها نموذجا ثوريا سيقود أميركا الشمالية (حيث من المفترض وقوع هذه الأحداث المستقبلية) إلى الخلاص، تلتقي ومساعي رئيسة القطاع «13» (جوليان مور) لإطلاق ثورة ناجحة. لكن عمليا، كل ما نشاهده في هذا الجزء هو تحضير (يحتل هذا التحضير الفصول الـ12 من الرواية) لما سيلي في الجزء الأخير المنوي إطلاقه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل. وهذا التحضير، كونه أقرب إلى تمهيد متواصل، يمر بمشاهد من الجفاف وأخرى من الخطابة.

لهذا السبب فإن قرار تقسيم الرواية الثالثة من روايات مسز كولينز هو قرار «بزنس» لا يكترث لحقيقة أن سرد الحكاية مكتوبة يتيح للقارئ الإلمام بكل جوانبها ومتابعة أحداثها من نقطة البداية إلى نقطة النهاية، في حين أنه إذا ما تم اقتطاع جزء منها لتحويلها إلى فيلم، فإن ذلك تجزئة مضرة للسياق وللدراما التي في الرواية.

لا يبدو أن الناس تكترث (الفيلم ينجز نجاحات كبيرة في الصين كما في أوروبا والشرق الأوسط). وفي وسط الرغبة في تقديم فيلم يذكّر المشاهدين ببعض ملامح العصر الذي نعيشه وأحداثه، لم يستطع إلا السقوط في لغة خطابية هزيلة.

لملء الفراغ هناك تداول متجدد للحب المزدوج الذي تكنّه كاتنيس لكل من غايل (ليام همسوورث) الذي انضم إلى المؤسسة، وبيتا (جوش هتشرسون) القابع في سجون المؤسسة. هذه العاطفة بين حبّين متعادلين في حياة البطلة يتحول إلى الاستطراد ذاته الذي يشكو منه هذا الجزء. والغائب الأكبر هو مشاهد «ألعاب الجوع». هذه المرة لا وجود لتلك المعارك بذاتها.