رئيس الوزراء المصري يقلل من «انتفاضة الجمعة».. ويؤكد: سيكون يوما عاديا

انتشار مكثف لقوات الجيش والشرطة في الشوارع لتأمين المنشآت والأهداف الحيوية

مصريان يمشيان بجانب حاجز خرساني يحيط بوزارة الخارجية في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

قلل إبراهيم محلب، رئيس الوزراء المصري، من دعوات أطلقها عدد من الحركات السلفية المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، لحشد المواطنين للتظاهر اليوم (الجمعة) رافعين المصاحف، بغرض «فرض الهوية الإسلامية»، على حد زعمهم. وقال محلب في تصريح له أمس: «سيكون يوما عاديا.. ما دام لدينا جيش وشرطة بهذه الوطنية والكفاءة العالية، فلا يقلق أحد». وتشهد مصر حالة من التأهب والاستنفار الأمني العالي، تحسبا لأعمال عنف ومواجهات مسلحة خلال مظاهرات الجمعة، حيث انتشرت قوات ومدرعات الجيش والشرطة بشكل مكثف في شوارع العاصمة القاهرة وجميع المحافظات لتأمين المنشآت والأهداف الحيوية بالدولة، فيما أكدت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن «وزارة الداخلية تمكنت من رصد وضبط عدد من الخلايا الإرهابية التي تخطط لنشر الفوضى والقيام بأعمال تخريبية (اليوم) وستعلن عنها تباعا».

ودعت «الجبهة السلفية»، وهي أحد مكونات تحالف دعم الرئيس المعزول محمد مرسي، المواطنين للتظاهر اليوم (الجمعة) ورفع المصاحف بغرض فرض الهوية الإسلامية. وهي الدعوة التي أبدت جماعة الإخوان المسلمين «استحسانها».

كما ناشد «تحالف دعم الشرعية»، الذي تقوده الجماعة، أنصاره في بيان أمس للخروج في «أسبوع ثوري جديد، تحت (شعار الله أكبر.. إيد واحدة)، يبدأ بمليونية الجمعة، وأن تكمل الحشود حراكها الثوري المطالب بالقصاص السبت 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، بالتزامن مع نطق الحكم على الرئيس الأسبق حسني مبارك». وهدد بيان التحالف: «إما يصدر الحكم بالإعدام (ضد مبارك)، وإما سيكون للثورة كلمتها وللشعب غضبته إن تم تمرير جريمة التبرئة».

ونوه المتحدث باسم وزارة الداخلية المصرية أمس بـ«معلومات عن اعتزام تلك الجماعات حرق وتمزيق عدد كبير من المصاحف، وإلقاءها أمام قوات الأمن للزعم بأن القوات هي التي قامت بحرقها وتمزيقها من أجل إثارة الرأي العام».

ووقع عدد من أعمال العنف والتفجيرات، معظمها في سيناء، منذ عزل مرسي عن الحكم في يوليو (تموز) 2013، مما أدى لمقتل المئات من الأشخاص وأفراد الأمن. وتتهم الحكومة جماعة «الإخوان» بالوقوف وراء تلك العمليات، التي عادة ما تستهدف عناصر الشرطة ورجال القوات المسلحة.

وطمأن محلب المواطنين على استعداد قوات الأمن لمواجهة تلك الأعمال الإرهابية، مؤكدا على هامش تفقده أعمال تنفيذ كوبري بنها العلوي على نهر النيل أمس، أن الدولة سائرة في الاتجاه الصحيح نحو الأمن والاستقرار، وأنها «تستكمل حاليا خارطة الطريق السياسية بنجاح بعد أن تم اختيار رئيس للجمهورية في انتخابات نزيهة، شهد لها العالم، ونستعد لإجراء الانتخابات البرلمانية في أجواء تتسم بالحيادية والنزاهة أيضا»، كما أشار إلى أن الحكومة لديها أيضا خارطة طريق ورؤية اقتصادية شهدت لها المنظمات الدولية.

من جهتها، بدأت عناصر القوات المسلحة والشرطة العسكرية والقوات الخاصة وقوات التدخل السريع، في الانتشار في جميع المحافظات لحماية الممتلكات العامة والخاصة وتأمين الطرق والمحاور الرئيسية، والمشاركة في ضبط العناصر الإجرامية والخارجين عن القانون. وقالت مصادر أمنية إن القوات المسلحة تسلمت حماية المنشآت السيادية وعلى رأسها مبنى الإذاعة والتلفزيون، والبنك المركزي، ومقرات البنوك العامة، ومحطات الكهرباء والمياه.

كما رفعت الأجهزة الأمنية بالشرطة حالة الاستنفار الأمني بجميع محافظات الجمهورية والمدن والميادين الرئيسية، وذلك لمواجهة أي شغب أو أعمال خارجة عن القانون خلال مظاهرات اليوم.

وأعلن عدد من الوزارات والجهات الخدمية والأمنية بالدولة اتخاذ إجراءات تأمينية تحسبا لأعمال عنف أو فوضى. ومنح عدد من المدارس والجامعات؛ وأبرزها جامعة الأزهر، الطلاب إجازة أمس الخميس وغدا السبت إضافة للإجازة الأسبوعية اليوم (الجمعة) تحسبا لأي أعمال عنف.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف، إن وزارة الداخلية استعدت جيدا لمواجهة الدعوات التخريبية التي أطلقتها بعض الجماعات المتطرفة للقيام بأعمال عنف وتخريب اليوم الجمعة، واصفا الأوضاع الأمنية بأنها جيدة، وأن هناك حالة من الانضباط بالشارع المصري.

وشدد اللواء عبد اللطيف في تصريحات له أمس، على أن رجال الشرطة لن يسمحوا بأي تهديدات تمس أمن المواطن، مشيرا إلى وجود كثير من الدعوات المماثلة على مدار العام الماضي، سواء قبل الانتخابات الرئاسية أو قبل الاستفتاء على الدستور، «لكنها لم تمثل أي تهديد أو تأثير على الأوضاع الأمنية في الشارع».

وأشار المتحدث إلى تقارير أمنية أكدت أن التيارات الإرهابية فقدت قدرتها وتأثيرها على الشارع المصري، وأنها تلجأ حاليا إلى محاولة إثارة الفتنة بديلا عن الحشد والتأثير؛ وذلك على غرار دعوة رفع المصاحف، وما رصدته المعلومات عن اعتزامهم حرق وتمزيق عدد كبير من المصاحف وإلقاءها أمام قوات الأمن للزعم بأن القوات هي التي قامت بحرقها وتمزيقها، بدعوى عدم احترامها حرمة القرآن الكريم.

وشدد اللواء عبد اللطيف على أن وزارة الداخلية تتعامل بجدية وباحترافية وواقعية كاملة مع مثل هذه الدعوات التحريضية؛ وذلك من خلال خطة أمنية شاملة بالتنسيق مع القوات المسلحة، مشيرا إلى أنه تم بالفعل البدء في تنفيذها لتأمين الشارع المصري بكل مرافقه ومنشآته المهمة والحيوية والطرق السريعة والرئيسية، بالإضافة إلى تأمين كل المواقع الشرطية.

وأكد اللواء عبد الطيف أن قوات الشرطة ستتصدى لأي نوع من أنواع العنف أو التخريب أو ترويع المواطنين بشكل فوري وحاسم وفقا للقانون، وأنها لن تسمح بأي تهديدات تمس أمن المواطن المصري.

وقالت مصادر أمنية إن الأجهزة الأمنية بالمنيا تمكنت من رصد وضبط خلية إرهابية أثناء قيام عناصرها بعقد اجتماع سري تنظيمي بمدينة أبو قرقاص، لوضع خطط تحركات الجماعة الإرهابية اليوم الجمعة.

كما تمكن خبراء المفرقعات بمحافظة البحيرة أمس من إبطال مفعول قنبلة بدائية الصنع تم العثور عليها بإحدى مدارس أبو المطامير، وقنبلتين بجوار مكتب البريد وبمحيط محكمة أبو المطامير.

وفي الإسكندرية أبطلت قوات الأمن مفعول قنبلة بمحطة ترام الشبان المسلمين. كما قامت قوات الأمن بشمال سيناء بتفكيك عبوة ناسفة أخرى في مدرسة ابتدائية بالعريش دون أي إصابات أو خسائر.

من جانبه، انتقد الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف تلك المظاهرات. وناشد الأزهر جميع المواطنين «اليقظة والحذر من المكائد والدسائس التي يحاول أعداء الوطن الترويج لها، من خلال الدعوة إلى رفع المصاحف». وقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محيي الدين عفيفي إن «الأزهر مستمر في التواصل مع أبناء الشعب لتحذيرهم من الدعوات التخريبية».

وجدد دعوة الأزهر المواطنين إلى الاصطفاف خلف القيادة والجيش والشرطة ودعم كل السبل التي تحقق التنمية، وتقطع الطريق على المتربصين بالوطن.

كما حذرت وزارة الأوقاف من الاعتصام بالمساجد، وأكد القطاع الديني بالوزارة أن «(الإخوان) و(الجبهة السلفية) يسيرون على منهج الخوارج ومصرون عليه، سواء في دعوتهما الخبيثة إلى رفع المصاحف في اعتداء على حرمة كتاب الله وقدسيته، أم في دعوتهما الأخبث إلى الاعتصام بالمساجد في استخفاف واضح بحرمة بيوت الله، ومحاولة توظيفها لأغراضهما الخبيثة».

وأعلن وكيل الوزارة بالقاهرة الشيخ جابر طايع إنشاء غرفة عمليات لمتابعة التطورات بالمساجد حتى انتهاء اليوم الجمعة، مشيرا إلى أنه سيتم فتح المساجد قبل وقت الصلاة وإغلاقها بعد انتهائها مباشرة، وأنه في حالة حدوث أي تجمعات، فسيتم اتخاذ الإجراء المناسب حيالها حفاظا على قدسية المساجد.