سامح شكري: نتوقع من قطر مواقف تبرهن على قبول ما اتفق عليه في الرياض

وزير الخارجية المصري لـ(«الشرق الأوسط») : ديمستورا لديه أفكار طيبة حول سوريا.. وروسيا تسعى إلى مجموعة عمل أقليمية ودولية

TT

* القيادة السعودية تمنت أخيرا على مصر، عقب الاتفاق التكميلي الذي تحقق في قمة الرياض الخليجية الأخيرة، أن تتجاوز خلافاتها مع قطر.. كيف تلقيتم هذه الدعوة وهل هناك تدابير عملية لترجمتها إلى واقع؟

- كانت مصر سريعة في التفاعل تقديرا للعاهل السعودي الملك عبد الله، وتأكيدا لأن مصر ليست هي الطرف الذي بادر إلى اتخاذ أي مواقف «غير ودية»، وإنما هي تعمل من أجل التضامن العربي، وتسعى لأن تكون علاقاتها مع أشقائها العرب وثيقة، حميمية وتتحلى بكثير من التعاون. وكما أشار إليه السيد رئيس الجمهورية في المؤتمر الصحافي «الذي عقده في إيطاليا»، فإن الكرة ليست في ملعبنا، ونتوقع أن يتخذ الطرف الآخر (قطر) مواقف تبرهن على قبوله ما اتفق عليه في قمة الرياض، وأن يتبع سياسات تبرهن على أنه يبادلنا التوجه نفسه حتى تكون العلاقات أخوية ومبنية على الاحترام المتبادل ومراعاة مصلحة كلا الطرفين. نتصور ونتمنى أن تكون كل الدول العربية حريصة على مصلحة مصر وأمنها القومي، وعلى تدعيمهما، كما تحرص مصر من جهتها على أن تكون طرفا فاعلا في حماية الأمن القومي العربي والعمل على توطيده.

* عمليا، ماذا تطلبون من قطر؟

- المطلوب من قطر أن تكون سياستها داعمة لمصر ولأمنها القومي في هذه المرحلة، وأن تكون بعيدة عن أي عمل يؤدي إلى زعزعة الاستقرار فيها، وأن تتصرف بما يساعد على تحقيق هذا الهدف.

* المعروف والمتداول أن الخلاف مع قطر يدور حول دعم الدوحة لـ«الإخوان المسلمين» وموضوع قناة «الجزيرة».. هل هذه هي الحال أم أن هناك مآخذ أخرى على الدوحة؟

- أنا أترك الحكم على ذلك للمتابع لهذه المسائل، وعليه أن يستخلص بنفسه ردودا على هذه الأسئلة المهمة من خلال مراقبته وقراءته، وأنتم كإعلاميين لديكم على ما أعتقد هذه القدرة.

* يعني هذا أنكم تحملون الإعلام هذه المسؤولية؟

- بالتأكيد.. على كل المتابعين لكل هذا الشأن أن يقروا بما هو عليه الحال وتقييم هذه العلاقات والسياسات.

* في المؤتمر الصحافي المشترك في قصر الإليزيه، كان هناك تركيز على وحدة المقاربة للملف السوري بين مصر وفرنسا.. ولكنني شخصيا لا أعتقد بوجود وحدة موقف بين البلدين.. هل لكم أن توضحوا لنا هذه المسألة؟

- في الحقيقة، كان هناك تفاهم وتوافق فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الملف السوري، وكان هناك توافق في الآراء التي طرحها الرئيسان لجهة الحافظ على وحدة الأراضي السورية ومصلحة الشعب السوري ووقف نزيف الدم وعلى ضرورة البحث عن حل سياسي لهذا الأزمة. وكل هذه عناصر توافق وبرأينا يتعين أن يقوم عمل مشترك في إطار المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي.

* لكن بعض المشكلة هي في تعريف الحل السياسي.. بالنسبة لفرنسا هذا يعني رحيل الرئيس الأسد بطريقة أو بأخرى.. أما بالنسبة إليكم فأتصور على ما أعتقد، الرأي مختلف.. أليس كذلك؟

- هناك تفاهم وتوافق يتزايدان في الأوساط الدولية لجهة ضرورة التعامل مع المعطيات الحالية بشكل يؤدي إلى حماية الشعب السوري، كما أن هناك رغبة في تفعيل الإطار السياسي حتى نحقق هدف الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والخروج من دائرة العنف ومواجهة التحديات المرتبطة بالإرهاب، وكل ذلك يتطلب منا جميعا أن ننظر في كيفية تفعيل هذه الأهداف وتحقيقها ومن أجل ذلك لا بد من استكشاف كل المناحي التي قد تؤدي إلى ذلك وأنتم تعلمون أن هناك أفكارا كثيرة مطروحة، بالإضافة إلى مشاورات كثيفة بين الكثير من الأطراف الدولية المهتمة للتوصل إلى خريطة الطريق المناسبة والمفيدة.

* الجميع يعرف أن فشل مؤتمر «جنيف2» مرده للخلاف على حسم مسألة مصير الرئيس السوري، وبكلام آخر، هل هناك اليوم قبول لما يقوله النظام السوري من أنه السد المنيع أمام الإرهاب؟

- أريد أن أشدد على زيادة الاهتمام الدولي بالملف، وبالبحث عن الإطار المناسب الذي يؤدي إلى تحقيق الأهداف التي فصلتها سابقا. ولكن على المجتمع الدولي أن يصوغ التوجه السياسي والقدرة على العمل لتحقيق هذا الهدف. لا أقول إن هناك توحدا في الرؤى، ولكن هنالك رغبة مشتركة واستعداد للتشاور والتفاعل بين الكثير من الدول الإقليمية والدولية للوصول إلى نقطة تمكننا من الهدف المرجو.

* هل اطلعتم على تصريحات الوزير فابيوس صباح الثلاثاء التي أعلن فيها عن السعي لإقامة مناطق آمنة مع مناطق حظر جوي ومن غير استبعاد توجيه «ضربات غامضة» ضد قوات النظام السوري؟

- لم أطلع على هذه التصريحات، ولكن الحوار الذي كان لنا «مع الوزير الفرنسي» لم يتطرق ولم نستشف منه هذه الرؤية. وربما هناك أفكار تتم بلورتها وربما ستطرح على الشركاء الآخرين. ولكن ما كان متداولا خلال المباحثات مع السيد الرئيس لم يأتِ على ذكرها، بل هو تأكيد على فكرة الحفاظ على وحدة سوريا.

* ما رأي مصر في الأفكار التي طرحها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا حول سوريا، وتحديدا حول تجميد القتال في بعض الجبهات، وخصوصا في حلب؟

- للمبعوث الدولي أفكار طيبة تتناول تجميد الوضع العسكري في حلب كمقدمة لتفعيل السعي لمنع سفك مزيد من الدماء ومحاولة الخروج من دائرة العنف، وهو قد طرح أفكاره علينا وشرح لنا أبعادها، وأكد أن وضع الآليات المناسبة جارٍ لتحقيق هذا الهدف وهو يحظى بدعمنا لأننا نؤيد وقف النار في أي جزء «في سوريا» وهو توجه نؤيده لأنه يحمي الشعب السوري من المزيد من سفك الدماء والتدمير. إذا ما تم قبول هذه المبادرة وتكررت في أماكن أخرى مما يؤدي إلى حماية أكبر للمدنيين، فسيحظى ذلك بدعمنا أيضا. وإذا عملنا وقف إطلاق النار، فمن غير شك فذلك مكسب مهم، وقد يؤدي إلى إذكاء فكرة المفاوضات والحل السياسي.

* لكن المعارضة السورية متحفظة جدا إزاء أفكار دي ميستورا؟

- هناك تحفظات من قبل كل الأطراف في بداية أي مبادرة.. لكن المبعوث الأممي لديه الكثير من القدرة على جذب الأطراف وطلب منا توظيف علاقاتنا مع المعارضة ومع كل الأطراف لشرح أهدافه وتوضيحها، وخصوصا إمكانية أن تفضي إلى الذهاب نحو الحل السياسي عندما يتم التخلي عن الخيار العسكري.

* كثيرون يتحدثون عن «مبادرة» روسية.. أعرف أن علاقاتكم جيدة مع القيادة الروسية.. هل هناك مبادرة كهذه وما مضمونها في حال وجودها؟ وهل وجود وزير الخارجية السوري وليد المعلم في موسكو دليل على وجودها؟

- تحدثت الكثير من المرات مع الوزير سيرغي لافروف، وأعلم أن لديه أفكارا ربما لم تكتمل في شكل مبادرة. ما نعلمه هو طرح فكرة إيجاد مجموعة عمل إقليمية ودولية الهدف منها الوصول إلى رؤية مشتركة وتصور حل سياسي للقضية السورية. الوزير لافروف لم يطلعني على عناصر محددة لمبادرة، ولكن كان هناك حديث لمسعى لإقامة مجموعة العمل التي يأمل أن تكون لها مبادرة ما في الموضوع السوري.

* مَنْ مِن المفترض أن تضم هذه المجموعة من أطراف؟

- هي في إطار التكوين والبلورة، وأتصور أنها ستضم أطرافا إقليمية ودولية لها تأثير على المشهد السوري، ولا أريد استباق الأحداث، وأريد ترك الإعلان عن تشكيلها للوزير لافروف نفسه.

* ليبيا مستمرة في الانزلاق نحو الهاوية ولا يبدو أن الوساطات ومنها وساطة المبعوث الأممي مؤثرة على تطور الوضع فيها.. إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ وهل من مخرج ما؟

- الوضع في ليبيا خطير.. هناك مبادرة وضعتها دول الجوار الليبي وهي مؤهلة إذا حسنت النيات، وكان هناك استعداد لقبولها، أن تؤدي إلى وضع أساس الحل السياسي وحوار وطني. وهذا تم التفاهم عليه في المؤتمر الوزاري الذي استضافته القاهرة في شهر أغسطس (آب) الماضي. المبادرة تشجع على الحوار الوطني بين الأطراف التي تنبذ العنف والخيار العسكري والحرص على وحدة وسلامة الأراضي الليبية. طبعا هناك شرعية تمثلت في مجلس النواب وهي تعبر عن إرادة الشعب الليبي بفضل الانتخابات الحرة والديمقراطية، وبالتالي فالحكومة المنبثقة عنه تعبر عن إرادة الشعب الليبي. وهذه الشرعية يجب أن تحظى بدعم كل الأطراف الدولية. هناك اعتراف دولي بهذه الحكومة «التي يرأسها عبد الله الثني». بالمقابل، هناك طرف ما زال يتشبث باللجوء إلى العنف والخيار العسكري ويحاول فرض إرادته على الشعب الليبي بأن يحظى بمكانة في أي حوار ينشأ اعتمادا على ما حققه من إنجازات مدعومة بالعمل العسكري. ولكن بالطبع هذا الأمر لا يمكن أن يستقيم. هناك معادلة سياسية والتقسيم برزت من خلال الانتخابات البرلمانية التي يتعين احترام نتائجها.

* لكن قرار المجلس الأعلى الليبي زاد الوضع غموضا وتشويشا.. أليس كذلك؟

- هناك تفسيرات قانونية كثيرة مرتبطة بهذا الحكم منها من لا يعتد به لاعتبارات قانونية لا تقبل تفسير الآخرين القائل لأنه يترتب عليه حل مجلس النواب. ولا ننسى أنه صدر تحت ضغط وترهيب القضاة وشهدنا أن بعضهم اختار الهرب من طرابلس سواء قبل الحكم أو بعده بسبب الضغوط التي كانت تمارس. فضلا عن ذلك، المجتمع الدولي لم يتفاعل مع هذا الحكم وبقي التأييد بصفة عامة لجانب الشرعية الممثلة بمجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه.

* هل أنتم وباريس على نفس الموجة بالنسبة لهذا الملف؟

- بالتأكيد، هناك توافق واسع في رؤى الجانبين.

* أنتم تدعمون الشرعية الليبية، لكنها متحالفة مع فرقاء من غير الشرعية يقاتلون معها ومنهم مثلا اللواء خليفة حفتر.. كيف يمكن أن يستقيم هذا الأمر؟

- مجلس النواب أصدر قرارا بإعادة اللواء حفتر إلى الرتبة العسكرية ودمجه مجددا في صفوف الجيش بموجب قرار رسمي. وهو اليوم جزء لا يتجزأ من الجيش الشرعي الرسمي.

* لكنَّ هناك قسما من ليبيا مع الشرعية التي تتحدثون عنها وقسما آخر له رأي مختلف. هل هذا يعني أن الحرب ستدوم إلى ما لا نهاية؟ هل يمكن ترك الأطراف تستقوي وتستمر في القتال؟

- لا إطلاقا، هناك جهود برناردينو ليون ونحن ندعمه في البحث عن إطار سياسي للحل وخلق حوار وطني يتيح تراجع من يستغل قدراته العسكرية لفرض توجهاته العمل على دمجه في العملية السياسية وفقا لحجمه ولخيارات الشعب الليبي. السلطة مصدرها الشعب وهو يعبر عن خياراته في صندوق الاقتراع ونتائج الانتخابات التي حصلت الصيف الماضي توفر مؤشرات لحجم كل طرف وهو ما يتعين قبوله.

* إلى أين وصلت العلاقات المصرية - الأميركية؟

- هي وثيقة، وهناك قدر كبير من الحوار والمصالح المشتركة وسعي من قبل الطرفين للتواصل وتقريب وجهات النظر حول الموضوعات التي ليس هناك تطابق حولها، ولكن هناك مساحة كبيرة من الموضوعات والمصالح التي نتوافق بشأنها مع الولايات المتحدة. التنسيق عالي المستوى بيني وبين نظيري الأميركي، واللقاء الذي تم في نيويورك بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس أوباما كان نقطة هامة في إطار العلاقة والتفاعل الأميركي الكامل مع الرئيس والحكومة المصرية بعد الانتهاء من الاستحقاق الثاني من خريطة الطريق بانتخاب السيد الرئيس، ونحن نعمل معا على أن تكون علاقتنا إيجابية وداعمة للطرفين.

* وماذا عن التحفظات التي عبرت عنها السلطات الأميركية منذ التغيرات في مصر في صيف عام 2013؟ هل زالت بشكل نهائي أم بقيت بعض النقاط التي تحتاج لتنقية؟

- لا أنظر اليوم إلى هذه العلاقة أنه يشوبها شيء من التحفظ، إنما هي علاقة طبيعية تتضمن اعترافا كاملا لما حققته مصر من إنجازات في خريطة الطريق ورغبة في التعاون وتحقيق المصالح المشتركة، وأن تكون العلاقة في وجوهها السياسية والاقتصادية والعسكرية علاقة وثيقة ونشهد وصول وفود كثيرة رسمية تزور القاهرة وسعي لدعم الاقتصاد المصري، وقد استقبلنا وفدا من 150 رجل أعمال زار مصر بتحفيز وتشجيع الإدارة الأميركية والتواصل مع واشنطن قائم على كل المستويات والبرامج التربوية التي تشرف عليها الولايات المتحدة قيد التنفيذ ونحن نعمل على أن تكون علاقاتنا طبيعية. وبالطبع، العلاقة بين دولتين لا تعني وجود تطابق تام في الرؤى وأن تختفي بعض الاختلافات في النظرة إلى بعض القضايا الإقليمية والدولية ومعالجتها. هذا لا ينتقص من الاهتمام الثنائي المشترك الذي تم التعبير عنه على كل المستويات، وخصوصا إبان قمة نيويورك.

* لكن لماذا لا تزال واشنطن تفرض بعض القيود على الأسلحة المفترض أن تصلكم؟

- لم تزل هذه القيود موجودة.. الكونغرس كان قد فرضها وهو يطلب من الإدارة أن تثبت وجود وضع يسمح لها بالخروج من هذه القيود. التشريع الذي يحكم المساعدات لمصر مربوط مجموعة من الشروط كان على الإدارة أن تتحقق من توافرها حتى تقوم بالإفراج عن بعض المساعدات التي تم تعليقها. وهناك تشاور واهتمام من الجانبين بأن تصل الإدارة إلى النقطة التي ستمكنها من الحصول على رفع القيود. ونحن نوضح لها المقومات التي يمكن أن تستند إليها ومن غير شك أن المساعدات تخدم مصالح مصر، وإنما هي أيضا لصالح الولايات المتحدة الأميركية. واشنطن كانت حريصة على أن تكون مصر جزءا من التحالف الذي يحارب «داعش» والإرهاب. والمساعدات صورة من صور الشراكة القائمة بين البلدين والشراكة تعتمد على التفاعل والإيجابية في العلاقة، ولذا نحن نترقب العودة إلى النقطة التي تطبق فيها مناحي ذات أهمية في المناطق.

* أول من أمس قال الرئيس هولاند إنه يرغب في مساعدة مصر على الصعيد الأوروبي، لكنه ربط ذلك بـ«توافر الشروط».. ما المقصود بذلك؟

- ما استخلصته من المحادثات التي أجريناها مع الرئيس هولاند هو استعداد فرنسا لأن تكون شارحة للأوروبيين للرؤية المصرية التي تجاوب معها الرئيس الفرنسي وتفهمها. بالتأكيد، في أي علاقة هناك ولا أصفها بشروط هناك توقعات من كل طرف إزاء الطرف الآخر. وهي تحدد مجال وحجم العلاقة ومدى كونها وثيقة. ومثلما هناك توقع من الجانب الأوروبي للمسيرة المصرية للمستقبل فأيضا لنا توقعات من أوروبا في كيفية التفاعل مع مصر لمقاومة الإرهاب وتدعيم الخطة التنموية لمصر والاستقرار في الشرق الأوسط، ولا بد للطرف الأوروبي أن يراعي المصالح المصرية فيها. العلاقة يجب أن تكون تبادلية وليس من طرف واحد.

* متى يمكن أن نتصور تخلص مصر من ظاهرة الإرهاب في الأمد المنظور؟ كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟ هل هذا العمل سيتطلب منكم وقتا طويلا؟

- عندما ترتكز السياسات الأوروبية على مقاومة الإرهاب والعمل على القضاء على هذه الظاهرة، يتعين على أوروبا أن تقف إلى جانب مصر عندما تواجه الإرهاب. ونحن ننتظر من أوروبا أن توفر لنا الدعم، سواء أكان سياسيا أو ماديا أو عسكريا وتوفير ما تحتاج مصر إليه في حربها على الإرهاب وحماية جنودنا حتى لا يتم استهدافهم وتمكينهم من تعقب العناصر الإرهابية.

بالمقابل، مصر تقوم بهذه الحرب ضد الإرهاب في سيناء وتتحمل التضحيات مراعاة لظروف سيناء ووجود مناطق سكانية كثيفة يلجأ إليها الإرهابيون وحرصنا على عدم وقوع ضحايا مدنية بريئة. وكان من السهل «محاربة الإرهاب» لو كانت هناك عمليات عسكرية عشوائية لا تراعي سلامة المدنيين. لكن هؤلاء مصريون والدولة تحافظ عليهم وترعاهم وهو ما نتمسك به.

أما بالنسبة للفترة الزمنية، فنحن نبذل كل جهد ونأمل التخلص من هذه الظاهرة قريبا وهناك إجراءات يجري القيام بها منذ الحادث الأخير (مقتل مجموعة عسكرية في تفجير في سيناء)، وأتصور أنه سيكون لها الأثر القوي في نجاح الحرب ضد الإرهاب. وأهم شيء هو تكاتف الشعب المصري ولفظه لهذا الفكر والأعمال وتضامنه مع أجهزة الدولة.

* العالم شغل في الأيام الماضية بمفاوضات الملف النووي الإيراني.. هل عدم النجاح في هذه المفاوضات سيدفع برأيكم إيران لسياسات متشددة في المنطقة؟ وامتدادا، إلى أين وصلت علاقاتكم مع إيران.. هل هناك محاولات لكسر الجليد معها؟

- الموضوع النووي موضوع ذو أهمية على الصعيدين الإقليمي والدولي والدول الكبرى يفترض بها أن تجد المعادلة التي تضمن عدم انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وعدم حيازة أي من الدول لهذا السلاح منعا لسباق تسلح نووي يكون له أثره الوخيم على هذه المنطقة. وبالتأكيد الكل يتابع ما أقره عدد من الدول من عقوبات على إيران إلى حين التوصل إلى اتفاق. نحن ندعم مبدأ عدم انتشار الأسلحة النووية ونطالب بمنطقة شرق أوسط خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل كما نتابع عن قرب مفاوضات النووي الإيراني ونطالب بأن يؤدي الاتفاق إلى وثوق المجتمع الإقليمي والدولي بأن برنامج إيران سلمي ونحن في نفس الوقت نؤيد حق الدول في برامج نووية سلمية للاستفادة من الطاقة النووية طالما التزمت بالشرعية الدولية ونظام الضمانات المطلوب من الوكالة الدولية للطاقة النووية لتبرهن للعالم سلمية برنامجها. نرى في الوصول إلى اتفاق كهذا أهمية بالغة للاستقرار المنطقة والاطمئنان لعدم قيام سباق نووي حتى لا يصبح لطرف ما قد يجعله يتوهم أنه ميزة استراتيجية ويختل ميزان القوى في المنطقة ويكون له أثر هدام وغير محسوب.

في موضوع العلاقة مع إيران، لم يتغير الوضع كثيرا خلال الـ25 سنة الماضية. العلاقة مجمدة والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة، ولم تسفر بعض المحاولات من الجانبين عن أي تطور وفي هذه المرحلة نتعامل مع إيران في الإطار المتعدد. لدينا عضوية مشتركة في الكثير من المنظمات الإقليمية والدولية. لكن العلاقات الثنائية ليست فيما يجب أن تكون عليه بين بلدين بحجم مصر وإيران. نأمل للمستقبل سياسات وفرصة لاستعادة علاقة طبيعية عندما تكون للجانب الإيراني رغبة وانتهاج سياسات مشجعة على التفاعل المشترك.