سكان غزة يعانون الأمرين بسبب الأمطار.. والسلطة تتعهد بتسهيل آليات الإعمار

إسرائيل تفتح معبر «كرم أبو سالم» لإدخال 300 شاحنة إلى القطاع

سكان من غزة يغادرون منازلهم التي تعرضت لأضرار كبيرة بسبب الأمطار الغزيرة التي سقطت على المدينة خلال الأيام الأخيرة (أ.ب)
TT

بعد ساعات قليلة من التحذيرات التي أطلقها جون جات روتر، ممثل الاتحاد الأوروبي، من أن الوقت بدء ينفد أمام إعادة إعمار غزة، أعلن مفيد الحساينة، وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني، عن تسهيلات مرتقبة على آلية إدخال مواد البناء الخاصة بإعادة الإعمار، وشدد في كلمة له، خلال مؤتمر حول واقع وآفاق تطوير الصناعات الإنشائية الفلسطينية، على توفر الإمكانيات والخبرات والمواد الفلسطينية اللازمة لتسريع وإنجاز عملية الإعمار.

وتصاعدت في غزة خلال الأيام الأخيرة الانتقادات الحادة لبطء عملية إعادة إعمار القطاع، خصوصا بعدما زادت الأمطار والأحوال الجوية السيئة من معاناة الغزيين الذين فقدوا منازلهم، حيث غرقت أمس أحياء كاملة في غزة بالمياه، وأعلنت الأمم المتحدة حالة الطوارىء في غزة بسبب الفيضانات، فاضطر الآلاف إلى مغادرة منازلهم، مع تعطيل كامل للدراسة بعد أن وصل منسوب المياه في بعض السيول إلى متر، وغرقت بسبب ذلك بعض الشوارع والمنازل في أحياء محددة في القطاع، ومن بينها مناطق لجأ إليها المشردون الذين دُمرت بيوتهم. كما اضطر أصحاب الشقق العالية للبقاء في منازلهم، وأرغم أصحاب الشقق المنخفضة على المغادرة بسبب تدفق المياه إلى المنازل. ونتيجة لذلك وجد هؤلاء المشردون في المدارس ملاذا آمنا لهم، خاصة في ظل الأزمة السكانية التي سببتها الحرب الإسرائيلية التي هدمت وألحقت الضرر بآلاف المنازل في غزة، إضافة إلى البنية التحتية.

وحذر ممثل الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، من أن الوقت بدأ ينفد أمام البدء في إعادة إعمار غزة بعد الحرب، وقال إن الأمر لا يحتاج إلى إسمنت وطوب فحسب، بل أيضا إلى تغيير سياسي جوهري. وأضاف جات روتر، الذي كان يتحدث من غزة في افتتاح معرض للصور التي التقطت أثناء الحرب على القطاع، أنه يدرك بألم حجم الأشياء التي يتعين القيام بها للإسراع في تسليم المساعدات إلى سكان غزة، البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة. وتابع موضحا: «لقد مضى وقت طويل دون دخول كميات كافية من الإسمنت أو المواد التي تسمح للسكان بإعادة بناء منازلهم.. ونحن لا نملك رفاهية الانتظار لأجل غير مسمى، فهناك حاجة حقيقية للتحرك على وجه السرعة دبلوماسيا وسياسيا لمحاولة عمل شيء ما». كما أشار جات روتر أيضا إلى المواجهة السياسية بين الفلسطينيين، وتقاعس كل من حماس وحركة فتح عن تفعيل حكومة التوافق بطريقة مناسبة، وقال بهذا الخصوص: «مشكلات غزة متعددة وبالغة التعقيد، لكنها سياسية أولا وقبل كل شيء.. إنها ما زالت في الأساس مشكلة الانقسام».

وتعد المصالحة بين حركتي فتح وحماس مجمدة، بسبب خلافات واتهامات للحركة الإسلامية باستمرار السيطرة على غزة، وعدم تمكين حكومة التوافق من أداء عملها في القطاع، إضافة إلى استهداف قيادات فتح في غزة.

ويفترض أن تتسلم حكومة التوافق مسألة الإعمار، لكن الأموال اللازمة لذلك لم تحول بعد من الدول المانحة التي تريد الاطمئنان على أن اتفاقا سياسيا حول القطاع قد رأى النور، ما يمنع تكرار الحرب مرة ثانية. وأمس، سجلت خروق نادرة لاتفاق التهدئة الذي وقع في نهاية أغسطس (آب) الماضي، حيث قصف الجيش الإسرائيلي بقذائف المدفعية منطقة حدودية في قطاع غزة، ردا على ما قال إنه إطلاق رصاص على جيب عسكري إسرائيلي كان يقوم بأعمال الدورية على حدود القطاع. وقالت مصادر إسرائيلية إن سيارة عسكرية تعرضت لإطلاق نار أثناء دورية اعتيادية بالقرب من بلدة باري، القريبة من حدود قطاع غزة، وقد ردت المدفعية الإسرائيلية نحو المنطقة التي خرجت منها الطلقات النارية، لكن لم تقع إصابات بشرية في الطرفين.

كما اعتقلت قوات إسرائيلية فجر أمس 15 فلسطينيا خلال عمليات دهم وتفتيش نفذتها في محافظات القدس والخليل وطولكرم. ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر أمنية ومحلية أن قوات الاحتلال داهمت عدة أحياء في مدينة الخليل وبلدة بيت أمر، واعتقلت القيادي في الجبهة الشعبية عبد العليم دعنا (65 عاما) إضافة إلى 7 آخرين، ونقلتهم لجهة غير معلومة. كما اعتقلت قوات الاحتلال فجر أمس 4 فلسطينيين من بلدة العيساوية ومخيم شعفاط وسط مدينة القدس، وأيضا 3 شبان من ضاحية شويكة شمال طولكرم.

من جانبها، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن قوات الجيش اعتقلت 12 فلسطينيا 4 منهم من حماس، وذكرت أن قوات الأمن تشتبه في ضلوع 7 من المعتقلين في «أعمال شغب استهدفت المس بأهداف مدنية وعسكرية».

وتشن القوات الإسرائيلية حملات اعتقالات بصورة شبه يومية في أنحاء الضفة الغربية والقدس لملاحقة أشخاص تصفهم بـ«المطلوبين».

ومن جهة ثانية، فتحت مصر معبر رفح البري أمس لليوم الثاني للسماح للعالقين الفلسطينيين بالعودة لقطاع غزة، وهو أول فتح للمعبر منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعدما قتل متشددون في سيناء المصرية 33 من قوات الأمن، في واحد من أعنف الهجمات ضد الدولة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013، وتم فتح المعبر من الساعة السابعة صباحا حتى الرابعة عصرا بتوقيت فلسطين. وقالت مصادر فلسطينية إن مئات العالقين تمكنوا من العودة إلى غزة، بينما بقي آلاف عالقين مصر. في غضون ذلك، واصلت إسرائيل فتح معبر «كرم أبو سالم» لإدخال بضائع إلى قطاع غزة، حيث نقلت وكالة الصحافة الفلسطينية (صفا) عن رئيس لجنة تنسيق إدخال البضائع لقطاع غزة رائد فتوح، أن قوات الاحتلال سمحت بدخول 300 شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم أمس، وكانت محملة ببضائع مخصصة للقطاعين التجاري والزراعي، ولقطاع المساعدات والمواصلات، ومن ضمنها مائة شاحنة حصمة خاصة بالبنية التحتية للطرق للمشاريع القطرية.

ويعتبر «كرم أبو سالم» هو المعبر التجاري الوحيد الذي تدخل منه البضائع والوقود إلى قطاع غزة، وتغلقه سلطات الاحتلال يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع. كما أن معبر رفح هو المعبر الوحيد للأفراد.