حلب تنتخب مجلس محافظتها المدني.. وتشكيلاتها العسكرية تقترب من التوحد «لمواجهة النظام»

14 فصيلا عسكريا تتواصل لتشكيل غرفة عمليات مشتركة.. وتستبعد «النصرة» منها

طفلان من القسم الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب يتكآن على حائط رسم عليه علم الاستقلال الذي اتخذته المعارضة شعارا لها (رويترز)
TT

انتخبت المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب، أمس، مجلس المحافظة الخاص بها، الذي يتولى مهام تسيير الشؤون المدنية في المحافظة، في وقت يسعى فيه 14 تشكيلا مسلحا معارضا للتوصل إلى اتفاق لتشكيل مجلس إدارة عسكري موحد، يتوقع أن يُنجز خلال ثلاثة أيام، كما قالت مصادر المعارضة في المدينة لـ«الشرق الأوسط».

وبدأت قبل ثلاثة أشهر المساعي لتوحيد الصفوف والتلاقي العسكري بين مختلف الفصائل العسكرية باستثناء «جبهة النصرة» وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وذلك بهدف «منع النظام من فرض الحصار على المدينة، ومواجهته ضمن إطار عسكري موحد وغرفة عمليات مشتركة»، كما قال رئيس مجلس قيادة الثورة في حلب ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن 7 فصائل أساسية أنجزت الاتفاق، على الرغم من محاولات ضم التشكيلات المحلية التي تسيطر على الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة، مشيرا إلى أن «تلك التشكيلات لها الحق في الانضمام ولها دور فاعل في مساعدة المدينة وحماية أحيائها الداخلية».

وتتمثل العقبات في أن تلك الفصائل لم تتمكن حتى الآن من التوصل إلى «تصوّر واضح حول المهام وتوزع القوى»، علما بأن المبادرة «هي الأحدث بين محاولات التنظيم العسكري التي تخص مدينة حلب». وقال إن حاجتها «تضاعفت مع ازدياد المخاوف من محاصرة النظام للمدينة».

غير أن تلك العقبات وصلت إلى حلول، كما قال القيادي في حلب وعضو المجلس الوطني السوري حسان النعناع لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى توقعات بأن تنتهي المشاورات خلال ثلاثة أيام، وصدور بيان موحد يعلن الاتفاق عن تشكيل مجلس إدارة عسكري موحد في المدينة، يتضمن غرفة عمليات مشتركة، ويعمل على تنسيق العمليات العسكرية ضد النظام. وقال النعناع إن محاولات التوحد بدأت قبل ثلاثة أشهر، ضمن مبادرة «واعتصموا» التي تضم 100 فصيل عسكري في أنحاء سوريا، مشيرا إلى أن المباحثات في حلب تجري بين 14 فصيلا باستثناء «جبهة النصرة»، لكنها تضم «أحرار الشام» و«جيش المجاهدين» و«لواء التوحيد» وألوية «نور الدين الزنكي»، أي معظم التشكيلات المنضوية تحت لواء «الجبهة الإسلامية»، وذلك «لصد محاولات النظام لمحاصرة المدينة، وفتح خطوط إمداد من أريافها».

وينفي النعناع أن يكون ذلك مرتبطا بخطة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا القاضية بتجميد القتال في حلب، مشيرا إلى رفض داخلي لتلك الخطة صدر عن رئيس المجلس العسكري للمدينة زاهر الساكت، بتأييد من أغلب القوى العسكرية، إضافة إلى تأييد من المدنيين.

وتأتي تلك المحاولات في ظل سيطرة المعارضة على أكثر من 50 في المائة من مساحة مدينة حلب، إذ تتركز المناطق «المحررة» في الأحياء الشرقية والجنوبية، بالإضافة إلى القسم الغربي الجنوبي من المدينة.

وبينما تتواصل الاجتماعات للتوصل إلى حل، ذكرت وسائل إعلام محلية معارضة أن المجلس ستكون له إدارة موحدة يتم التباحث فيها، وسيكون له مجلس قضاء موحد، بالإضافة لتنظيم شؤون المدنيين في أحياء المدينة وتوفير الخدمات اللازمة لهم. لكن العمل على تسيير أمور المدنيين يتولاه مجلس المحافظة بشكل أساسي، فقد أنجز المعارضون في حلب، أمس، انتخاب المجلس الثالث للمحافظة منذ إنشاء المجلس الأول في ربيع 2013، ويتولى هذا المجلس المشكل من المدنيين «تسيير أمور الناس، وتقديم الخدمات لهم».

وقال النعناع لـ«الشرق الأوسط» إن 16 شخصا انتخبوا أمس ليكونوا أعضاء مجلس محافظة حلب في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ويمثل هؤلاء الحراك الثوري السلمي، لافتا إلى مواصلتهم الاجتماعات لانتخاب مكتب تنفيذي لمجلس المحافظة. وأشار النعناع إلى أن أعضاء مجلس المحافظة كان معظمهم من أعضاء مجلس المحافظة التابع للنظام قبل خروج المدينة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2012، وهم «عبارة من مجموعة تكنوقراط من المحامين والمهندسين والأطباء وغيرهم»، لافتا إلى أن اختيارهم «تحقق بموافقة أغلب الفصائل العسكرية التي سهلت قيام المجلس، ولم تعارضه، على الرغم من أنها لا سلطة لها عليه».

وكانت الفصائل العسكرية في المدينة وافقت عند انتخاب المجلس الأول في ربيع 2013 على أن يكون هناك مجلس مدني مهمته تقديم الخدمات العامة، وصيانة الطرقات والمياه والدفاع المدني وإزالة القمامة من الشوارع «مما يعني تقديم الخدمات العامة للناس، كأي محافظة نظامية»، وتلقى المجلس الدعم المالي من الائتلاف الوطني السوري، كما يتلقى الموظفون فيه رواتبهم من الحكومة المؤقتة. ويتضمن المجلس أيضا مكتبا قانونيا وصحيا، وبرز دوره في حملات التلقيح الصحي، وفي مهام الدفاع المدني الكثيرة التي نشطت في أحياء المعارضة، بالتزامن مع استهدافها بالبراميل المتفجرة.