وزارة الدفاع التونسية لـ («الشرق الأوسط»): أميركا ليست بحاجة لمجالنا الجوي

أول وكالة استخبارات عسكرية لمقاومة الإرهاب.. والأحزاب تحدد مواقفها من مرشحي الرئاسة

TT

نفى المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية بلحسن الوسلاتي وجود طلب أميركي لتقديم تسهيلات عسكرية هدفها ضرب عناصر تابعة لتنظيم «داعش» في ليبيا. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الأميركية والغربية ليست في حاجة للمجال الجوي التونسي للتدخل العسكري في ليبيا إذا كانت لديها مخططات لذلك. وأضاف أن هجمات عسكرية جرت في السابق داخل ليبيا خاصة قبل الثورة ضد نظام القذافي دون لجوء الأميركيين لطلب مساعدة عسكرية من تونس، إذ إن القواعد الأميركية المنتشرة في البحر الأبيض المتوسط أو في أوروبا ضمن حلف الأطلسي بإمكانها أن تقدم التسهيلات العسكرية المزعومة.

وبشأن ما أعلنته خلية الأزمة المكلفة بمتابعة الوضع الأمني في تونس، من رفع لدرجة اليقظة والمراقبة على حدودها مع ليبيا في ظل تواصل أعمال العنف المسلح، قال المصدر ذاته إن تونس عززت منذ فترة طويلة التركيبة الأمنية والعسكرية في الجنوب التونسي، وأعلنت عن إحداث منطقة عسكرية عازلة لضمان حدودها. واعتبر ما أعلنت عنه خلية الأزمة بمثابة التذكير بضرورة اليقظة واتخاذ التدابير الضرورية لمنع تسلل الإرهاب إلى تونس من جديد.

وصادق مجلس الوزراء التونسي، خلال الأسبوع الماضي، على مشروع أمر بإحداث وكالة الاستخبارات والأمن للدفاع، مما يعكس وفق خبراء عسكريين تطورات جديدة في ملف مقاومة ظاهرة الإرهاب بتنامي التهديدات على المستوى الإقليمي. ولتوضيح مهام هذه الوكالة وما ستنفذه من استراتيجيات وطنية وإقليمية، قال بلحسن الوسلاتي لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المؤسسة العمومية جاءت لتعويض الإدارة العامة للأمن العسكري وفي نطاق التفاعل الضروري مع موضوع الإرهاب الذي تجاوز الأشخاص ليصبح تهديدا قائما للمنشآت الحيوية للبلاد، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن أمن الدولة (وزارة الداخلية) كان في السابق يتولى مهمة جمع المعلومات والتصرف فيها، فيما يسعى الأمن العسكري لضمان أمن العسكريين فقط، أما الآن وبإحداث هذه الوكالة فإن الهدف الأساسي من روائها هو تطوير منظومة الاستعلامات والاستشراف ووضع المخططات الضرورية لمكافحة كل أنواع التهديد المحتمل للعسكريين وللبلاد ككل.

وتسعى الوكالة الاستخباراتية الجديدة، التي من المنتظر أن ترى النور خلال سنة 2015، إلى تلافي النقائص على مستوى المنظومة الوطنيّة للاستعلامات خاصّة في الجانب المتعلق بوزارة الدفاع الوطني، وبهدف إضفاء المزيد من المرونة والنجاعة على العمل الاستعلاماتي.

ويعكس إحداث هذه الوكالة بحث تونس عن تصور شامل للمنظومة العسكرية وللمنظومة الأمنية في مكافحتها للإرهاب، حيث سيشتمل الجانب الاستخباراتي على مستوى المعلومة واستقائها وتوفير المعلومات وتحليلها بالإضافة لتحديد الاستراتيجية المتبعة لمكافحة كل أشكال التهديد المحتملة. ووفق مشروع إحداث وكالة الاستخبارات والأمن للدفاع، فإنها تهدف إلى حماية أفراد وزارة الدفاع ومعداتها ومنشآتها وأسرارها، والاستخبار والاستعلام حول التهديدات المحتملة ضد القوات المسلحة وأمن تونس، والمساهمة في التوقي من الإرهاب ومكافحته، وتقديم المشورة للقيادات العسكرية ولوزير الدفاع.

من ناحية أخرى، تتواصل عمليات الاصطفاف السياسي إلى مخيم أحد المرشحين في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي تجرى خلال الشهر المقبل. وأعلنت عدة أحزاب سياسية عن دعمها ترشح الباجي قائد السبسي، مرشح حركة نداء تونس (توجه ليبرالي وسطي)، فيما لم تتضح الرؤية تماما بالنسبة لداعمي ملف ترشح المنصف المرزوقي (المرشح المستقل المدعوم من قواعد حركة النهضة). وعبر كل من حزب المسار الاجتماعي الديمقراطي (حركة التجديد سابقا) الذي يقوده سمير الطيب، وحزب المبادرة الدستورية التي يتزعمها كمال مرجان (آخر وزير خارجية في العهد السابق)، وحزب الخيار الثالث بقيادة صالح شعيب، عن دعم الباجي. واتفقت تلك الأحزاب على أن التصويت لفائدة الباجي قائد السبسي «ضمان لتوحيد التونسيين ومواصلة نفس المدرسة الإصلاحية الحداثية». وأضافت تلك الأحزاب في بيانات سياسية أن الباجي هو «الأقدر على تسيير البلاد في هذا الظرف الدقيق والحساس». وفي المقابل، هاجم عدنان منصر كل من سينتخبون الباجي قائد السبسي، ووصفهم بـ«العبيد»، وقال على صفحات التواصل الاجتماعي إن التصويت لفائدة المنصف المرزوقي هو تعبير عن الحرية، على حد تعبيره.

وبمنطق الربح والخسارة وجمع أصوات المناصرين المحتملين، فقد ظهرت عدة سيناريوهات للحسم بين الباجي والمرزوقي، من بينها أن الباجي سيحصل على أصوات حمة الهمامي مرشح الجبهة الشعبية، وسليم الرياحي مرشح الاتحاد الوطني الحر، وأحزاب العائلة الدستورية (حزب المبادرة والحركة الدستورية على الأخص)، وأصوات مصطفى كمال النابلي (المرشح المستقل المقرب من حركة نداء تونس)، بالإضافة لأصوات عدة مرشحين في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية على غرار العربي نصرة (مرشح حزب صوت الشعب)، وعلي الشورابي (المرشح المستقل)، وبذلك يحصل الباجي قائد السبسي على قرابة 500 صوت انتخابي إضافي، وهو ما يدعم حظوظه في الفوز بالانتخابات والتربع على كرسي الرئاسة. كما أن رصيدا انتخابيا كبيرا قد يلعب لصالح أحد المرشحين ويتمثل في عدم تصويت قرابة مليوني تونسي في الدورة الأولى من الانتخابات. ووفق التكهنات الأولية، فإن الباجي قائد السبسي قد يحصل على مليون و800 ألف صوت.

أما بالنسبة للمنصف المرزوقي فإن عدة أطراف سياسية ومرشحين في الدورة الأولى قد يدعمون ترشحه، ومن بين تلك الأطراف الهاشمي الحامدي مرشح حزب تيار المحبة، وأحمد نجيب الشابي مرشح الحزب الجمهوري، ومصطفى بن جعفر مرشح التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، إلى جانب عدة مرشحين مستقلين للرئاسة من بينهم حمودة بن سلامة وعبد الرزاق الكيلاني ومحمد الفريخة. وبذلك يكون عدد الأصوات المفترضة في حدود مليون و400 ألف صوت انتخابي، وهذا السيناريو يميل لصالح الباجي.

إلا أن عدم وضوح موقف حركة النهضة بصفة حاسمة تجاه دعم المرزوقي من عدمه قد يقلب كل المعادلات خاصة أن القاعدة الانتخابية لحركة النهضة قد انقسمت خلال الدور الأول من الانتخابات بين دعم المرزوقي باعتباره يمثل توجه المحافظة على الحقوق والحريات، وبين عدم التصويت التزاما بموقف مجلس الشورى لحركة النهضة الذي التزم الحياد وقرر عدم مساندة أي مرشح في الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى.

ومن المتوقع أن تصدر حركة النهضة موقفا نهائيا من منافسات الرئاسة إثر انعقاد دورة جديدة لمجلس الشورى يوم السبت. غير أن حمادي الجبالي، الأمين العام السابق لحركة النهضة، هاجم تصريحات الباجي قائد السبسي، وقال في بيان نشر أمس إن المرشح الذي يفرق بين أبناء شعبه لا يستحق أن يكون رئيسا، وهو ما قد يؤثر على اختيارات القاعدة الانتخابية لحركة النهضة. وأشار إلى مخاطر تقسيم المجتمع التونسي إلى شق إسلامي وشق ديمقراطي.

وفي السياق نفسه، قال محمد بن سالم، القيادي في الحركة، في تصريح إذاعي، إن موقف الحزب لا يزال على حاله ولم يتغير، وهو التزام الحياد تجاه كل المرشحين. وأضاف أن كل الخيارات تبقى مفتوحة، وأنه لا مانع من مساندة المرزوقي من الناحية النظرية والعملية، لكن الحركة تسعى إلى الابتعاد عن زيادة الاحتقان، على حد قوله.