استطلاع: 70 % من الإسرائيليين يؤيدون التفاوض مع الفلسطينيين

الكشف عن مفاوضات سرية كادت تتوصل لاتفاق سلام لكن تم إجهاضها

TT

في الوقت الذي يصعد فيه بنيامين نتنياهو ووزراؤه ونوابه في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، التوتر مع الفلسطينيين ويكرسون الاستيطان والتهويد، دلت نتائج استطلاعات للرأي على أن الغالبية الساحقة من اليهود في إسرائيل مؤيدون لحل الدولتين، ومستعدون لدفع ثمن السلام حتى في مدينة القدس. كما تم الكشف في تل أبيب أمس عن وجود قناة مفاوضات سرية عملت بنشاط خلال السنوات الأخيرة، وكادت تتوصل لاتفاق سلام متكامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكنها أجهضت في اللحظة الأخيرة.

وكان استطلاع للرأي قد أجري الأسبوع الماضي بإدارة الدكتورة مينا تسيمح، أشهر خبراء دراسات الرأي العام في إسرائيل، التي قالت إن الإحصائيات تدل على أن القيادة الإسرائيلية لا تعبر عن موقف الشعب. وجاء في هذا الاستطلاع أن 56 في المائة من اليهود الإسرائيليين يؤيدون أن تعمل الحكومة الإسرائيلية على تطبيق حل الدولتين، فيما أجاب ثلث المشاركين بالنفي حول هذه النقطة. وبخصوص مدى استعدادهم لدفع ثمن عملية السلام، أي الانسحاب الإسرائيلي من المناطق المحتلة، بما في ذلك الانسحاب من الحارات العربية في القدس الشرقية ووضعها تحت سيادة فلسطينية، جاء الجواب إيجابيا من طرف أكثر من 50 في المائة من المشاركين. وعندما سئلوا إن كانوا يؤيدون إجراء مفاوضات فورية مع السلطة الفلسطينية حول حل الدولتين، أجاب نحو 70 في المائة بأنهم يؤيدون ذلك، فيما قال نحو 30 في المائة إنهم سيدعمون المفاوضات حتى لو كان هنالك تمثيل لحركة حماس فيها.

وقالت تسيمح إن هذه المعطيات تدل على أن مؤيدي السلام يمثلون كل الشرائح السياسية في المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك اليمين، ولا يقتصر على اليسار وحركات السلام التي تبدو ضعيفة ومهزومة.

من جهة ثانية، كشفت مصادر سياسية رفيعة في إسرائيل والولايات المتحدة، أمس، عن أنه بموازاة مع المفاوضات الرسمية التي تمت بوساطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، جرت مفاوضات أخرى بواسطة قناة سرية بين الممثل الرسمي لرئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق مولخو، وبين مقرب شخصي من الرئيس الفلسطيني. وأوضحت المصادر ذاتها أن هذه المحادثات توصلت إلى صيغة شبه نهائية لتسوية الصراع، على أساس حل الدولتين على أساس حدود 1967، مقابل التنازل الفلسطيني بخصوص الاعتراف بيهودية الدولة، شرط أن توضع صيغة تمنع المساس بمكانة المواطنين العرب في إسرائيل. ولكن عندما تبين للزعيمين نتنياهو وأبو مازن أن الأمور نضجت واستقرت على هذا النحو تراجعا عنها. وقد خرج أبو مازن بتصريح ينفي فيه وجود أي مفاوضات باستثناء المفاوضات الرسمية. وقد دارت هذه المفاوضات في عامي 2010 و2011 في إحدى العواصم الأوروبية. وجرت بوتيرة مرة واحدة كل أسبوعين، إلا أن هذه المصادر رفضت أن تكشف هوية المسؤول الفلسطيني، بدعوى الخوف على حياته، ولكنها أكدت في المقابل أنه أحد المقربين القلائل من أبو مازن.

وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة كانت على علم بهذه القناة التفاوضية، ورافقتها في البداية من بعيد. لكن في وقت لاحق انضم إليها دنيس روس، بوصفه مندوبا أميركيا رسميا، ثم انضم إليها بعد ذلك مارتن إنديك، الذي عين مسؤولا عن مسار المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية. وكان جون كيري يفاوض الطرفين في المسار الرسمي، الذي يعرف بالقناة التفاوضية الأخرى. ولكن الطرفين أوقفاها سنة 2011، ثم جدداها في نهاية 2013 وبداية 2014، وهنا توصلا إلى الصياغات شبه النهائية، وكان يفترض وضع آخر اللمسات عليها، لكن الطرفين تنكرا لها وتراجعا، خصوصا أبو مازن، وفقا للمصادر الإسرائيلية.

في غضون ذلك أعلنت حكومة السويد، بعد اعترافها بالدولة الفلسطينية، أنها تنوي عقد مؤتمر دولي على أراضيها لبحث كيفية تطبيق بنود مواثيق جنيف على الفلسطينيين خلال منتصف الشهر المقبل. وقال مسؤولون إسرائيليون وغربيون لصحيفة «هآرتس» إن إسرائيل والولايات المتحدة تحاولان منع عقد هذا المؤتمر للدول الموقعة على ميثاق جنيف الرابع، الذي سيركز على الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.

وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أنه على خلفية ضغوط فلسطينية وعربية فإن الحكومة السويسرية، الراعية للميثاق، على وشك إصدار دعوات خلال الأيام القريبة لينعقد المؤتمر في أواسط الشهر المقبل. ولكن الضغوط الأميركية والإسرائيلية أدت إلى تقزيم المؤتمر، بحيث يكون مقصورا على خطابات لبضع ساعات من دون قرارات إدانة.