إبقاء «أوبك» على سقف الإنتاج يلقي بظلاله على الأسواق العالمية

أسهم شركات الطاقة تكبدت خسائر فادحة

هبوط أسعار النفط يلقي بظلاله السلبية على أسواق الأسهم (أ.ب)
TT

يغذي قرار أوبك بإبقاء سقف الإنتاج عند مستواه الحالي دون تغيير من هبوط أسعار النفط ما يلقي بظلاله السلبية على أسواق الأسهم، خاصة أسهم شركات الطاقة، فيما ترتفع سندات الملاذ الآمن على غرار السندات الأميركية والألمانية ويزداد الإقبال عليها من قبل المستثمرين.

وقال محللون لـ«الشرق الأوسط» إن استمرار الهبوط في أسعار النفط بعد قرار أوبك يمتحن قدرة شركات النفط الصخري على مقاومة أسعار الهبوط في معركة سيكون فيها البقاء للأقوى مع توقعات بإقبال على الملاذات الآمنة على غرار سندات الدول الكبرى والمعادن النفيسة التي يلجأ إليها المستثمرون في أوقات الأزمات كمخزن للقيمة.

واتفق أعضاء المنظمة، التي تضطلع بإنتاج نحو ثلث النفط العالمي، الخميس الماضي على الإبقاء على مستوى الإنتاج عند 30 مليون برميل يوميا، وفقا لما تم الاتفاق عليه في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وسقف الإنتاج هو الأداة الرئيسية في متناول أعضاء المنظمة «لضبط العرض النفطي في العالم»، غير أن خفض هذا السقف قد يؤدي إلى خسارة أعضائها حصصا من السوق لصالح دول منتجة أخرى، ما لم توافق هذه الدول المنتجة على تطبيق إجراءات مماثلة.

وانخفض الخام الأميركي الخفيف إلى أدنى مستوى له في نحو 4 سنوات عند مستوى 68.92 دولار للبرميل متراجعا نحو 6.47 في المائة في جلستين فقط.

ويثير تراجع الأسعار مخاوف لدى عدد من أعضاء أوبك، حيث يطالب معظمهم بأن يكون السعر أعلى من 80 دولارا للبرميل لمعادلة ميزانيات حكوماتهم. وتراجعت أسهم شركات الطاقة الأوروبية على مدى الجلستين الماضيتين مما كبد الأسواق خسائر كبيرة في آخر جلسات الأسبوع.

وفي أوروبا، هوت أسهم رويال داتش شل وبريتش بترليليوم 4.3 في المائة و2.7 في المائة على التوالي، فيما تراجعت أسهم عملاق صناعة النفط الفرنسية توتال 4.1 في المائة. وتراجعت أسهم شركة «سي.دريل» المختصة في أعمال الحفر والتنقيب 7.1 في المائة.

وفي بورصة تورونتو خسر المؤشر العام للسوق نحو 100 نقطة في تعاملات أمس مع تراجع أسهم شركات الطاقة حيث هوى المؤشر العام للقطاع بنحو 7 في المائة.

وفي بورصة موسكو تراجع سهم شركة لوك أويل نحو 3.5 في المائة على مدار الجلستين الماضيتين، كما تراجع سهم روزنفت نحو 2 في المائة.

وقالت أمريتا سن، محللة أسواق النفط بأسبيكت: «يبدو أنها حرب سيكون البقاء فيها للأقوى. أعتقد أن المقصود من تلك الحرب هي شركات النفط الصخري الأميركية التي كانت السبب الرئيسي في هبوط أسعار النفط مع وفرة المعروض وتراجع الطلب».

وتبلغ تكلفة إنتاج النفط الصخري للشركات الأميركية نحو 60 دولارا للبرميل أي إن انخفاض الأسعار دون هذا الرقم يعني تكبدهم خسائر، فيما تبلغ تكلفة إنتاج النفط لمعظم دول أوبك نحو 20 دولار للبرميل فقط.

وقالت شركة سانفورد برينشتين البحثية في مذكرة الشهر الماضي إن بعض الشركات المنتجة للنفط الصخري بالولايات المتحدة تحتاج إلى أسعار نفط عند 80 دولارا للبرميل لتحقيق أرباح، فيما تحتاج دول على غرار السعودية وإيران والعراق لمستوى 30 دولارا للبرميل فقط لتحقيق أرباح بغض النظر عن احتياجات الميزانيات في تلك البلدان.

أضافت سن «تستطيع بعض الدول على غرار الدول الخليجية تحمل الهبوط في أسعار النفط ولكنه سيكون مشكلة في بعض الدول الأخرى على غرار فنزويلا وإيران التي تحتاج إلى أسعار مرتفعة للنفط لتحقيق التعادل في ميزانيتها».

وقالت موديز في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي إن انخفاض أسعار النفط وارتفاع أسعار التعادل المالي سيشكل عائقا محدودا لزيادة الفوائض المالية في عام 2015. وأضافت الوكالة أن دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط ما زالت تسجل فائضا ماليا كبيرا، متوقعة أن تحصل على المزيد من الأصول الخارجية بالإضافة إلى المحافظة على انخفاض مستويات الدين الحكومي.

وقالت آليسا نيكوليتي، محللة أسواق النفط لدى «آي.إتش.إس هيرولد»: «من الممكن أن نصف ما يحدث من قبل أوبك بأنه رهان على قوة معظم أعضائها الذين صوتوا لصالح الإبقاء على سقف الإنتاج دون تغيير، غير أنه في نفس الوقت امتحان صعب للدول الفقيرة داخل المجموعة».

وأنتجت أوبك خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) تشرين الأول الماضي 30.97 مليون برميل متخطية سقف الإنتاج المحدد في 2011 وفقا للبيانات المستقاة من الموقع الإلكتروني للمنظمة الدولية.

وأضافت: «قد يأذن ذلك بنهاية حقبة تاريخية أقبل الجميع فيها على إنتاج النفط بأي وسيلة مع ارتفاع الطلب عليه. ولكن الآن ستواصل الأسعار انخفاضها وقد تختفي شركات بأكملها من على الساحة لتترك المجال الأقوى. إنها حرب بقاء».

وإلى أسواق السندات، حيث شهدت سندات الملاذ الآمن في أعقاب قرار أوبك بعدم خفض الإنتاج وما تلاه من هبوط أسعار النفط أداء جيدا مع ارتفاع الإقبال عليها. وتظهر حسابات لـ«الشرق الأوسط» تراجع العائد على السندات الأميركية لأجل 10 سنوات على مدار تعاملات اليومين الماضيين نحو 0.026 نقطة أساس كما هبط العائد على سندات لآجل 30 عاما 0.025 نقطة أساس.

والعلاقة عكسية بين العائد على السندات والطلب عليها، فارتفاع العائد يعني تراجع الطلب والعكس بالعكس.

وتظهر الأرقام المنشورة على موقع الخزانة الأميركية ارتفاع الطلب الخارجي على السندات الأميركية لأجل 5 سنوات إلى أعلى مستوى له في نحو 10 سنوات منذ عام 2004.

وتقول سيسليا غلين، مديرة صندوق استثماري في أدوات الدخل الثابت لدى سيتي غروب: «من المعروف عن السندات الأميركية جاذبيتها خصوصا في أوقات الأزمات مع بيئة صفرية لأسعار الفائدة من قبل معظم البنوك المركزية. ومع انخفاض أسعار النفط قد نرى أسواق السندات في ارتفاع خلال الأشهر القليلة المقبلة».