المغرب مرشح لاستقطاب 120 مليار دولار من الاستثمارات الخليجية خلال العقد المقبل

بدء محادثات إنشاء منطقة صناعية خليجية في الدار البيضاء

TT

أطلق مسؤولون خليجيون ومغاربة أمس محادثات حول إنشاء مدينة صناعية خليجية في مدينة الدار البيضاء، العاصمة التجارية والصناعية للمملكة. وقال محمد ساجد، عمدة الدار البيضاء، في افتتاح الملتقى الرابع للاستثمار الخليجي المغربي: «لقد نجحنا في تجربة مماثلة مع فرنسا، وأنشأنا منطقة صناعية خاصة في ضاحية الدار البيضاء تحت إشراف السفارة الفرنسية، التي توفر كل التجهيزات والخدمات الضرورية لتوطين الاستثمارات الفرنسية في المغرب». وأضاف ساجد: «الأحرى أن ننجح في إقامة مشروع مماثل لاستقبال استثمارات أشقائنا الخليجيين».

وأشاد الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، رئيس اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، بفكرة إنشاء المدينة الصناعية الخليجية في الدار البيضاء، مشيرا إلى أن مثل هذا المشروع سيساهم في تحقيق طموح الدار البيضاء التي تخطط لتصبح ممرا اقتصاديا وماليا جهويا.

وقدر البنك الإسلامي للتنمية قدرة الاقتصاد المغربي على استيعاب الاستثمارات الخليجية خلال السنوات الـ10 المقبلة بنحو 120 مليار دولار. وقال خالد العبودي، رئيس الشركة الإسلامية للتنمية التابعة للبنك الإسلامي للتنمية والمتخصصة في تمويل القطاع الخاص، إن المغرب مؤهل لاستيعاب هذا الحجم من الاستثمارات بفضل ديناميته الاقتصادية، مشيرا إلى تمكن المغرب في السنوات الأخيرة من المحافظة على معدل عال للاستثمارات يصل إلى 34.7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، إضافة إلى تحسن ترتيبه في سلم مناخ الاستثمار بـ8 رتب خلال السنة الماضية، زيادة على التوسع القوي الذي تعرفه الاستثمارات الخليجية في المغرب في السنوات الأخيرة.

ومن جهته أشاد الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، وزير الاقتصاد القطري، بجودة العلاقات المغربية - الخليجية، مشيرا إلى أن المبادلات التجارية تضاعفت 3 مرات خلال الأعوام الـ10 الأخيرة، رغم أنها لا تزال في مستوى دون الطموحات من حيث الحجم، كما أشار إلى ارتفاع الاستثمارات الخليجية التي شكلت 15.7 في المائة من إجمالي الاستثمارات الخارجية في المغرب خلال سنة 2013. وقال الوزير القطري إن موقع المغرب الاستراتيجي بين أوروبا وأفريقيا وإطلالته الأطلسية على الأميركتين، إضافة إلى استقراره المثالي، كلها عوامل أهلته لاجتذاب المستثمرين عبر العالم، بما في ذلك الاستثمار الخليجي.

ودعا عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، المسؤولين ورجال الأعمال الخليجيين إلى التخلي في علاقتهم مع المغرب عن بعض الألفاظ والعبارات المنتشرة في عالم الأعمال والتجارة الحديثة واعتماد لغة تنتمي إلى أجواء العائلة الواحدة. وقال ابن كيران: «نحن عائلة واحدة، فأجدادكم جاءونا قبل 14 قرنا بهدي الإسلام، ومنذ ذلك الحين ونحن نحتفي ونرحب بكل ما هو قادم من المشرق العربي».

وتحدث ابن كيران أيضا عن قدوم إدريس الأول إلى المغرب قبل 12 قرنا وتأسيسه دولة إسلامية قائمة على المذهب المالكي. وأضاف أن المغاربة استقدموا من ينبع بالسعودية قبل 6 قرون جد الأسرة الملكية الحاكمة حاليا في المغرب، الذي استقر في منطقة تافيلالت وأسس منها الدولة التي لا تزال مستمرة إلى اليوم.

وأشار ابن كيران إلى أن العلاقات المغربية - الخليجية ينبغي وضعها في هذا الإطار العائلي. وقال: «في المفاوضات بين التجار العاديين يسود مبدأ المشاححة، أما عندما يتعلق الأمر بالعائلة فالمبدأ الذي يسود هو المكارمة». وأشار ابن كيران إلى أن الغرب يدعو إلى علاقات اقتصادية «وين وين» أي رابح رابح، مضيفا: «فيما يتعلق بالعائلة لا يجب أن نفكر في الربح الفوري، الربح دائما يأتي لكن فيما بعد». وأشار ابن كيران إلى أن الشخص الذي يستثمر في العائلة يتزوج ويلد وينشئ الأبناء قبل أن يصل إلى جني أرباح استثماره، وأنه لو فكر بمنطق الربح الفوري والسريع ما تزوج.

وأكد ابن كيران للمشاركين في الملتقى الرابع للاستثمار الخليجي - المغربي أنه رهن إشارتهم للاستماع إليهم وحل كل المشكلات التي تعترضهم في المغرب. وقال: «فقط تحدثوا وأشيروا علي بما يجب أن أفعل والأشياء التي يجب أن نغير فسنغيرها».

وأضاف ابن كيران متوجها للمستثمرين الخليجيين: «لا تدعوا الأجانب الحقيقيين يسبقونكم في بلدكم».

ويشارك في الملتقى 500 من المسؤولين ورجال الأعمال من المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي. وستنظم على هامش الملتقى مئات اللقاءات الثنائية بين رجال الأعمال المشاركين ونظرائهم المغاربة من أجل بحث فرص الاستثمار والتجارة. كما سيعرف الملتقى وضع اللمسات الأخيرة على الكثير من المشاريع المشتركة، منها إطلاق خط للنقل البحري بين المغرب ودول الخليج، وإطلاق صندوق استثمار في المشاريع والشركات الصغرى والمتوسطة، وصندوق آخر للاستثمار في المجال الزراعي على أساس التكاملات بين المخطط الأخضر المغربي لتنمية الفلاحة وبين المخطط الخليجي للأمن الغذائي، الذي يعتبر الاستثمار في مشاريع زراعية خارج منطقة الخليج من أبرز روافده.