«فادا باف».. طبق هندي ينافس البرغر الأميركي

من أشهر أطباق ولاية ماهارشترا

«فادا باف» مرادف البرغر في الهند
TT

نجح أحد الأطباق الهندية النباتية التقليدية، ويعرف باسم «فادا باف»، في غزو سلاسل مطاعم عالمية مثل «ماكدونالدز» و«برغر كينغ».

ويضرب هذا الطبق بجذور عميقة في ولاية ماهارشترا الواقعة غرب الهند تعود لعقود عدة مضت، ويعني اسمه حرفيا «فطائر البطاطا»، ويشتهر «فادا باف» في الهند بكونه «برغر الفقراء». و«فادا باف» عبارة عن فطيرة بسيطة مصنوعة من البطاطا المهروسة المخلوطة بتوابل ذات روائح فواحة وأعشاب وبصل وفلفل حريف وزنجبيل، ثم يغمس في عجين مصنوع من دقيق الحمص. بعد ذلك، يتم قليه قليا جيدا. وفي النهاية يقدم مع خبز غير محلى مخلوط بتوابل شهية. ويرجع الفضل لـ«فادا باف» وراء بقاء ملايين الفقراء في الهند على قيد الحياة. ويقدر عدد الفطائر التي تباع منه يوميا داخل العاصمة التجارية الهندية مومباي بأكثر من 4 ملايين فطيرة، وغالبا ما يجري تناوله مع شاي «ماسالا تشاي»، وهو شاي هندي متبل. ويتراوح سعر هذه الوجبة بين 5 و20 روبية تقريبا.

وعادة ما تنسب وصفة إعداد «فادا باف» سالفة الذكر إلى أشوك فايديا، وهو تاجر يبيع الوجبات الخفيفة أقام كشكا له خارج محطة دادار للسكك الحديدية في ستينات القرن الماضي، وهي منطقة مواصلات محورية بالمدينة. والمعتقد أن فايديا ابتكر هذه الوصفة لإشباع جوع عملائه ممن يستقلون المواصلات العامة يوميا ذهابا وإيابا لأعمالهم وعادة ما يكونون في عجلة من أمرهم، لذا يحتاجون وجبة خفيفة يمكنهم تناولها سريعا. واعتاد فايديا تقديم فطائر «فادا باف» ومعها صوص أحمر حار مصنوع من جوز الهند والفول السوداني وفلفل حريف وثوم وعجين مصنوع من تمر الهند. وعادة ما كان مرتادو المواصلات العامة يقبلون بنهم على فطائر «فادا باف» وهذا الصوص بنهم شديد.

ومثلما الحال مع أي منتج يحقق نجاحا كبيرا - سواء كان أحد الأطباق الشهية أو فيلما سينمائيا - يسارع المقلدون لمحاكاة المنتج الناجح. وعليه، سعى كل كشك طعام خارج مدرسة أو كلية أو مركز تجاري أو مبنى إداري لطرح الوصفة الخاصة به لـ«فادا باف». وبدأت عناصر وافدة من شتى أرجاء العالم في غزو الوصفة التقليدية الأصلية، فعلى سبيل المثال سرعان ما ظهر «شيزوان فادا باف» الذي يعكس تأثيرات وعناصر صينية. وظهر أيضا «تشيز فادا باف»، الذي تميز بطبقة من الجبن المجروش الذي يذوب بلطف ليغطي البطاطا ويضفي عليها مذاقا شهيا. وكذلك «جاين فادا باف» الذي تم تعديل وصفة إعداده للتواؤم مع المتطلبات الدينية من خلال التخلي عن البصل والثوم والبطاطا. وأخيرا، هناك النسخة شديدة الرفاهية التي تتضمن ثمار الكاجو والزبيب وأحيانا كريز الزينة.

* طبق سريع

* نظرا لأن هذا الطبق مبتكر أساسا من أجل التناول السريع، فإنه يكافئ في الأطعمة الغربية البرغر الأميركي أو الجبن - فجميعها وجبات سريعة جيدة المذاق لا تحتاج وقتا ولا مجهودا لتناولها ومتوافرة بسهولة. وبالفعل، أصبح «فادا باف» الآن من الوجبات المنتشرة في أوساط مرتادي المواصلات العامة في مومباي وأي شخص بالمدينة يبحث عن وجبة خفيفة وسريعة وزهيدة السعر. عندما دخلت مؤسسات الإنتاج الضخم المنافسة تم إنشاء سلاسل مطاعم متخصصة مهتمة بإعداد «فادا باف»، مثل «جامبو كينغ» الذي يبيع نسخة من «فادا باف» مجهزة ومقلية ومغلفة مسبقا وتحوي قدرا أقل بكثير من التوابل. أيضا، تأسست سلسلة مطاعم بالمجال ذاته باسم «غولي فادا باف».

الملاحظ أن «جامبو كينغ» نجح في تأسيس سلسلة مطاعم كاملة للطعام السريع حول «فادا باف» تحديدا، ليجعل من «فادا باف» داخل مومباي مكافئا لأطباق البرغر والبطاطا المحمرة داخل الولايات المتحدة. وتطمح «جامبو كينغ» لاحتلال مكانة شبيهة بتلك التي حققها «ماكدونالدز» في مجال الأطعمة الخفيفة السريعة. وركز المطعم سياسته على تقديم خدمة جيدة ومستوى رفيع من الجودة والنظافة والقيمة.

* نبذة عن جامبو كينغ

* جدير بالذكر أن «جامبو كينغ» تأسس عام 2001 على يد الزوجين دجيراج وريتا غوبتا، واستلهمت الشركة نموذجها من «ماكدونالدز» و«برغر كينغ». وتتميز مطاعم «جامبو كينغ» بقائمة طعام محدودة وتكلفة منخفضة ومنتجات يجري الإعلان عنها على نطاق واسع. اليوم، تتراوح أسعار منتجات «جامبو كينغ» بين 10 و75 روبية، وتمثل جميعها صورا مختلفة من «فادا باف». ومؤخرا، أضافت الشركة طبق السمبوسة حديثا لقوائم الطعام بمطاعمها تحت اسم «جامبوسا»، وهو طبق يتميز بشكل مختلف عن السمبوسة التقليدية، لكن يبقى الطعم من دون تغيير. وتملك مصانع «جامبو كينغ» اليوم القدرة على إعداد 1.5 طن عجين في الساعة، مما يمكنها من إنتاج «فادا باف» بكميات ضخمة.

من جهته، اعترف دجيراج غوبتا، الحاصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، بأنه استوحى التجربة من قراءته للسيرة الذاتية لرائد سلسلة مطاعم «ماكدونالدز»، راي كاروك، بل وأنه حرص على العمل في «ماكدونالدز» للتعرف عن قرب على نموذج العمل المتبع هناك.

داخل مطعم «جامبو كينغ» القائم خارج محطة قطارات دادار بمومباي، يحتشد الركاب العائدون لمنازلهم يوميا أمام واجهة يقف خلفها عدد من العاملين الذين يرتدون الزي الموحد المميز للمطعم، حيث يتلقون طلبات العملاء وإلى جوارهم آلة بيع تعد صورة أبسط من مثيلاتها داخل «ماكدونالدز»، وتقدم فطائر «فادا باف» المغلفة والتي تتسم بأسعار أعلى قليلا عن مثيلاتها غير المغلفة والتي لا تحمل ماركة محددة وتباع في الهواء المفتوح عبر أكشاك إعداد طعام تنتشر على كل قارعة طريق تقريبا في مومباي.

في هذا الصدد، علق دجيراج غوبتا، مدير شركة «مانالي فودز»، وهي الشركة المالكة لسلسلة مطاعم «جامبو كينغ»، بقوله «يكمن الاختلاف في مستوى الحفاظ على إجراءات الصحة والنظافة». وقد حقق المنتج درجة مبهرة من النجاح دفعت الزوجين غوبتا للتفكير حاليا في وضع خطة طموحة لزيادة أعداد المنافذ لقرابة 2.000 بحلول عام 2015. والملاحظ أنه يجري بالفعل الآن افتتاح 20 منفذا جديدا كل شهر. ويتميز الكثير منها بمواقع استراتيجية قرب محطات للسكك الحديدية داخل مومباي، أو عند تقاطعات لشوارع محورية تعج بالحركة، أو بقرب أسواق تجارية وذلك لضمان اجتذاب أكبر قدر ممكن من العملاء.

من جهته، أكد مسؤول بالشركة أن «رؤيتنا تقوم على السعي لجعل (فادا باف) الوجبة السريعة الوطنية. عندما تفكر في أميركا فإن أول ما يرد لذهنك هو البرغر والبطاطا المحمرة. ونحن نرغب في أن يصبح (فادا باف) أول ما يتبادر إلى الذهن لدى القدوم إلى الهند».

من بين من دخلوا حديثا لسوق «فادا باف» «غولي فادا باف»، وهي سلسلة مطاعم انطلقت عام 2004، وأصبح لديها الآن 275 منفذا بمختلف أرجاء الهند. من جهته، أوضح أحد مؤسسي الشركة ورئيسها التنفيذي فنكاتيشير، أن اهتمام الشركة ينصب على بناء نموذج توصيل بمقدوره التنامي بسرعة. وترمي الشركة لبناء 500 منفذ جديد في غضون خمس سنوات.

ومن بين الوجبات الخفيفة الموجودة بقائمة الطعام لدى «غولي فادا باف» البطاطا والبازلاء، وماسالا فادا باف مغطاة بصوص متبل مصنوع من الثوم المجفف يحظى بشهرة واسعة على مستوى ماهارشترا.

وعن «فادا باف» تحديدا، قال فنكاتيشير إنه «أشبه بأميتاب باتشان صناعة الأغذية»، مشبها شعبية هذه الوجبة الخفيفة بشهرة نجم بوليوود الأبرز. وأعرب فنكاتيشير عن حرصه على توسيع نطاق عمل الشركة إلى دبي والمملكة المتحدة وسنغافورة.

وتطرح مطاعم «غولي فادا باف» 10 تنويعات مختلفة لـ«فادا باف»، بينها وصفة تجمع «فادا باف» ومزيج من الخضروات ووجبة «ألو تيكي» الخفيفة الشهيرة بالهند. وتتميز الوجبات بسعر في متناول الجميع، حيث تبدأ بـ25 روبية بالنسبة للوصفة الكلاسيكية من «فادا باف» وصولا إلى 40 روبية للوصفات التي تتضمن الخبز وكذلك فطيرة «ماكابالاك فادا باف».

جدير بالذكر أن «غولي فادا باف» يستعين بشركة «فيستا بروسيسد فودز»، وهي شركة تابعة لشركة «أو إس آي» الأميركية، إحدى كبريات الشركات بمجال معالجة الأغذية على مستوى العالم والتي تعد البرغر لحساب مطاعم «ماكدونالدز»، في إعداد عجائن البطاطا. المعروف أن الشركة حاصلة على شهادة عالمية بمجال سلامة الغذاء، وبإمكانها إعداد 100.000 قطعة عجين خلال خمس ساعات. وتجري جميع خطوات إعداد العجين بشكل أوتوماتيكي. يذكر أن الظروف الصحية التي تنتج في إطارها «فيستا» عجائن البطاطا نجحت في زيادة فترة صلاحيتها على أرفف المحلات من واحد إلى 90 يوما، بينما ساعد الاعتماد على الميكنة في تقليص النفايات المهدرة المتخلفة عن التصنيع. في الوقت الراهن، تمر كل قطعة عجين بعد الانتهاء من إعدادها أسفل أجهزة رصد معدنية وأخرى تعتمد على أشعة إكس لضمان قدر أكبر من السلامة والجودة.

بعد ذلك، يجري نقل قطع العجين مغلفة ومحفوظة داخل علب كرتونية مغلقة ومختومة، وتحمل عبوات العجين تواريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية بوضوح، ويجري نقلها في شاحنات مزودة بأجهزة تبريد إلى مخازن، ومنها إلى منافذ البيع، حيث يجري فك الغلاف وتحميرها عند الطلب لتقدم إلى العملاء كوجبة ساخنة.

* فادا باف حبيب الجميع

* ومع ذلك، يرى كثير من العملاء أن وجبات «فادا باف» الممتازة توجد لدى البائعين البسطاء الموجودين في الشوارع الجانبية الضيقة. من العامة إلى مشاهير بوليوود، يعشق الجميع «فادا باف». وقد أكد لاعب الكريكيت الهندي الشهير ساشين تندلكار أن «فادا باف» تعد وجبة خفيفة ممتازة. وكثيرا ما استمتع ملك بوليوود شاه روخان بتناول فطائر «فادا باف» خلال الأيام الصعبة من حياته، بينما أطلق عليها الممثل آر مادهافان أنها «غذاء روحي».

من جهته، أعرب جاكي شروف، أحد عشاق أطعمة شوارع مومباي، عن اعتقاده بأن «فادا باف» أبقت على الكثير من الفقراء على قيد الحياة. وقال مانوج باجباي، الذي يرى أن التعرف على المذاق الحقيقي لمومباي يتطلب النزول للشوارع وتناول أطعمتها «اعتدت تناول فطائر فادا باف كوجبة كاملة خلال الأيام الأولى لي في مومباي».

ورغم أنه بالإمكان تناول «فادا باف» مع الخبز، فإنه من الأفضل تجربة تناول هذه الفطائر بمفردها كوجبة خفيفة ولو لمرة واحدة. وفي ما يلي طريقة إعداد «فادا باف» من البطاطا.