المصريون في انتظار مصير مبارك اليوم

تحسبا لاشتباكات بين معارضي ومؤيدي الحكم

مبارك مع نجليه في احدى جلسات محاكمة القرن
TT

يترقب المصريون، صباح اليوم (السبت)، مصير رئيسهم الأسبق حسني مبارك، في انتظار حكم جديد يصدر بحقه، وسط تحسب لاشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الحكم المنتظر. وقال قانونيون لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «كل احتمالات الحكم واردة، بدءا من تغليظ العقوبة السابقة على المتهمين لتصل إلى حد الإعدام أو تخفيفها حتى البراءة»، بينما توقع محامي مبارك حصوله على تبرئة موكله استنادا للأدلة التي قدمها للمحكمة خلال المرافعات.

ويحاكم مبارك (86 سنة) ونجلاه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه، إضافة إلى رجل الأعمال (الهارب) حسين سالم، في تهم قتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، إضافة إلى تهم تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ وإهدار المال العام.

وتعد تلك المحاكمة استئنافا (إعادة) لحكم سابق؛ حيث سبق أن صدر حكم بالسجن المؤبد (25 عاما) على مبارك والعادلي، في القضية نفسها عام 2012، بعد إدانتهما بالاشتراك في جرائم قتل المتظاهرين، في حين نال جمال وعلاء مبارك ومساعدو العادلي الـ6، وهم: (اللواء أحمد رمزي، واللواء عدلي فايد، واللواء حسن عبد الرحمن، واللواء إسماعيل الشاعر، واللواء أسامة المراسي، واللواء عمر فرماوي) حكما بالبراءة، قبل أن تأمر محكمة الاستئناف بإعادة المحاكمة من جديد لقبول الطعن على الحكم من قبل النيابة والمتهمين.

وكان من المقرر أن تصدر محكمة جنايات القاهرة، حكمها في جلسة 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن المستشار محمود كامل الرشيدي، رئيس المحكمة، قرر مد أجل النطق بالحكم، لجلسة اليوم (السبت) لاستمرار المداولة بين مستشاري المحكمة والانتهاء من كتابة حيثيات «أسباب» الحكم، وأن تكون كافة أوراق القضية موجودة لحظة النطق بالحكم حتى يطمئن المتقاضون بأن المحكمة قد فرغت تماما من قراءة أوراق القضية وتمحيصها.

وكانت القضية، في جولة الإعادة، قد بدأت أولى جلساتها في 11 مايو (أيار) 2013 واستمرت على مدر 54 جلسة كاملة حتى 13 أغسطس (آب) الماضي، من بينها 32 جلسة خصصت للاستماع إلى مرافعة النيابة العامة، وهيئة الدفاع عن المتهمين، والمتهمين بأشخاصهم، وتعقيب النيابة العامة على مرافعات الدفاع، والتعقيب الختامي لدفاع المتهمين، سبقتها 22 جلسة إجرائية تم خلالها الاستجابة وتحقيق طلبات هيئة الدفاع والاستماع إلى الشهود المطلوبين.

وسيكون الحكم المنتظر صدوره من محكمة الجنايات، نهائيا غير بات، حيث تتبقى درجة أخيرة من درجات التقاضي أمام محكمة النقض، التي ستنظر الطعون في القضية (سواء على الإدانة أو البراءة) للمرة الأخيرة، وتصدر فيها حكما نهائيا وباتا لا رجعة فيه ولا يقبل أي طعون مجددا، حيث يحق للمتهمين حال صدور حكم بالإدانة أن يطعنوا عليه بطريق النقض، وكذا بالنسبة للنيابة العامة التي يحق لها الطعن حال صدور حكم بالبراءة.

واستبعد قانونيون إمكانية تأجيل النطق بالحكم مرة أخرى رغم أحقية القاضي في ذلك. وقال سامح عاشور نقيب المحامين، إن «إعادة المحاكمة في الأساس جاءت بعد قبول الطعن من قبل النيابة ومن المتهمين معا، وبالتالي، فإن كل الخيارات ستكون مفتوحة أمام القاضي اليوم»، مشيرا إلى أنه «في كل الأحوال، فإن الحكم سيكون غير بات ويمكن نقضه مرة أخيرة أمام محكمة النقض، أعلى درجات التقاضي في البلاد، حيث ستفصل في القضية بنفسها للمرة الأخيرة ومن البداية، ويكون حينئذ الحكم نهائيا لا يقبل أي طعون»، وأضاف: «كل الاحتمالات واردة وللمحكمة الحق في تغليظ العقوبة السابقة على المتهمين لتصل إلى حد الإعدام أو تخفيفها حتى البراءة».

وأدلى مبارك بشهادته في أغسطس (آب) الماضي، نافيا عنه كل الاتهامات، وقال إن «محمد حسني مبارك لم يكن ليأمر أبدا بقتل المتظاهرين وإراقة دماء المصريين، ولم يكن لي أبدا أن أصدر أمرا بإشاعة الفوضى.. ولم يكن لي أبدا أن أصدر أمرا بإحداث فراغ أمني».

ويقضي مبارك حاليا فترة عقوبة بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وكذلك الأمر بالنسبة لنجليه علاء وجمال المحكوم عليهما بالسجن المشدد لمدة 4 سنوات، إثر إدانتهم جميعا بالاستيلاء على أكثر من 125 مليون جنيه من المخصصات المالية للقصور الرئاسية.

وقال فريد الديب، محامي مبارك، في تصريحات له، أمس، إنه قدم لهيئة المحكمة كل ما يثبت براءة موكله، وإنه ينتظر توفيق الله وحكم القاضي، مشيرا إلى أن الرئيس السابق «خدم وطنه بإخلاص وتفان، ولم يخن أو يتسبب في خلق مشكلات لمصر، بل تنحى حقنا لدماء المصريين».

وتجري جلسة النطق بالحكم اليوم وسط تأهب أمني عال، ووسط مخاوف من اشتباكات بين مؤيدي مبارك والقوى الثورية التي تخشى من تبرئة الرئيس الأسبق. وبدأت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية منذ، أمس (الجمعة)، رفع حالة التأمين استعدادا للجلسة، وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطة التأمين تشمل تكثيف القوات بمحيط أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة (مقر المحاكمة)، مدعومة بخبراء المفرقعات، إضافة لعملية تأمين المتهمين ونقل مبارك من مقر سجنه بمستشفى المعادي العسكري بواسطة طائرة هليكوبتر إلى مقر أكاديمية الشرطة، ومنحت عدد من المدارس والجامعات، وأبرزها جامعة الأزهر، الطلاب إجازة اليوم (السبت) تحسبا لأي أعمال عنف».