«الأكياس السوداء» و«قنابل الإزعاج» تشعل سخرية المصريين

أصبحت فرجة تجذب المواطنين للالتفاف حول الخبراء وهم يبطلونها

TT

لا تغيب روح المرح والقفشة عن المصريين، حتى في أقسى الظروف يحتفظون بها وكأنها شكل من أشكال مقاومة القبح والفساد.. بهذه الروح يعلق عم أحمد الرجل الذي تخطى السبعين، على القنابل التي يضعها أنصار جماعة الإخوان، في الشوارع والحافلات العامة والحدائق «دول شوية عيال وشوشهم مصدية بيلعبوا لعبة فشنك في الوقت الضائع.. وعلى رأي المثل.. إيش تعمل الماشطة في الوجه العكر».

على نفس المنوال وبصوتها المثقل بتراكمات السنين، قالت نبيلة حسن، وهي سيدة ستينية: «أصواتها ترعبنا.. نلتفت حولنا طول الوقت خوفا من وضعها في أي مكان هنا أو هناك»، وتابعت بقولها: «لكن عنف وقنابل الإخوان المسلمين في المطرية (وهي منطقة شعبية شرق العاصمة) لن يمنعني من النزول للشارع أو ركوب مترو الأنفاق أو الذهاب للسوق أو الخروج مع أحفادي».

وتدعو الشرطة المصرية المواطنين ضمن خططها لملاحقة قنابل الإزعاج التي استهدفت مؤخرا ولا زالت ميادين وخطوط السكك الحديدية ووسائل المواصلات وأكشاك الكهرباء، أي بلاغات عن وجود قنابل أو عبوات ناسفة بجدية شديدة وتدعو المواطنين للإبلاغ عن الأجسام الغريبة التي يتم وضعها في «كراتين» أو «أكياس بلاستيك سوداء»، وعدم التعامل معها فور رصدها.

وشهدت البلاد سلسلة انفجارات في أماكن متفرقة نفذتها الجماعات الإرهابية بواسطة أفراد أمس، بدأت بانفجار عبوة ناسفة في الجزيرة الوسطى بمحيط قصر الاتحادية بحي مصر الجديدة، وأخرى في ميدان عبد المنعم رياض القريب من ميدان التحرير بوسط العاصمة، وثالثة في منطقة روكسي، فيما تعاملت السلطات مع عشرات البلاغات من مواطنين وأحبطت عددًا من التفجيرات بالقاهرة والمحافظات خلال الساعات الماضية، ونجح خبراء المفرقعات في تفكيك عبوات ناسفة زرعها أنصار الجماعات الإرهابية قدرت بالعشرات أمس، فيما ألقت القوات القبض على عدد من عناصر الإخوان، تزامنًا مع دعوة الجماعة وأنصارها للتظاهر في عدد من الميادين والشوارع الرئيسية، تحت اسم «انتفاضة الشباب المسلم»، عبر رفع المصاحف بغرض فرض الهوية الإسلامية في مصر.

السيدة نبيلة تسكن في حي المطرية، وهو من الأحياء التي تمثل «بؤرا ملتهبة» للسلطات المصرية، نظرا للمظاهرات الأسبوعية التي تدعو لعودة الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان للسلطة. تضيف: «القنابل والعبوات الناسفة دائما ما يتم وضعها في أكياس سوداء.. حتى لا يتم رؤية ما بداخلها.. وأصبح الكل يخشى التعامل مع هذه الأكياس خوفا من وجود متفجرات داخلها». لافتة إلى أن «الحكومة كانت قد منعت التعامل بهذه الأكياس منذ فترة نظرا لخطورتها على الصحة العامة بعد وضع مواد غذائية بداخلها، ثم عادت هذه الأكياس من جديد لتهدد حياتنا في كل مكان».

ويضيف أحمد مرزوق، من سكان حي عين شمس القريب من المطرية: «أركب يوميا مترو أنفاق القاهرة.. وأفراد الأمن أصبحوا الآن يشتبهون في أي كيس أسود، سواء يحمله صاحبه أو موجود على الأرفف»، لافتا إلى أن أغلب القنابل توجد داخل أكياس بلاستيكية ويتم تصنيعها بشكل محلي بواسطة أي شاب. ويوضح مرزوق أنه «أول ما يركب المترو (الذي يعد الوسيلة الأولى للمواصلات في مصر) ويجد كيسا أسود على الفور يسأل عن صاحبه».. ولو شك فيه يطلب هو والركاب الاطلاع على ما في الكيس.

وعين شمس والمطرية اللذان شهدا أمس أحداث عنف سقط خلالها مصابون، تعود جذورهما إلى عصر الفراعنة؛ لكنهما تحولا عقب الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عام 2011 عقب ثورة «25 يناير» إلى مركز قوي استغله تيار الإسلام السياسي خلال انتخابات الرئاسة الماضية التي فاز بها مرسي، وخلال الانتخابات البرلمانية السابقة التي حصدها تيار الإسلام السياسي وفي مقدمته جماعة الإخوان.

ويضيف مرزوق (45 عاما): «القنابل التي تجدها الشرطة في كل مكان هدفها فقط إثارة الفزع بين المصريين، ويمكن لأي شخص حملها ووضعها في أي مكان دون أن يشك فيه أحد».

وقال الخبير الأمني اللواء طلعت مسلم إن «قنابل الإزعاج هدفها الترويع وإظهار الحكومة أنها غير قادرة على السيطرة على الوضع العام في البلاد».

ويقول ياسر (ن) من الشباب الذين يشاركون في مسيرات الإخوان بضاحية المطرية، إن «تصنيع العبوات والقنابل البدائية من الأشياء السهلة جدا، خاصة وأن موادها متوفرة في كل مكان، وتباع قنابل صوت وصواريخ أخطر منها في منطقة الموسكي بوسط القاهرة، حيث يتم تركيبها مع مواد أخرى لإصدار أصوات ضخمة». وهو مشهد تكرر أمس مع «جمعة المصاحف»، عبوات ناسفة بالقرب من أكوام القمامة وسط الأكياس السواد. ويقول مصدر أمني، إن «أغلب القنابل وجدت على الأرصفة في أكياس سوداء.. وبمجرد أن تصلنا بلاغات من مواطنين نذهب إليها». فيما قال رشدي السيد (40 عاما)، «المواطنون تنتابهم سعادة غامرة فور الإبلاغ عن القنابل، وفور وصول رجال الجهات الأمنية نقف بجوارهم إلى أن يتم تفكيكها»، مطالبا بمنع تصنيع الأكياس السوداء في مصر.