المرزوقي يطعن في نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التونسية

الرئيس التونسي: وحدة البلاد خط أحمر.. وأنا أول من سيقبل بنتائج الدورة الثانية

الباجي قائد السبسي بعد إلقاء كلمة أمام مناصريه في إطار مواصلة حملته الانتخابية بعد فوزه في الدورة الأولى بغالبية الأصوات في تونس أمس (إ.ب.أ)
TT

تقدم المنصف المرزوقي المتأهل إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد الماضي في تونس، بـ8 طعون في نتائج الانتخابات الرئاسية التي أفرزت فوز الباجي قائد السبسي بالمرتبة الأولى بنحو 39.46 في المائة من أصوات الناخبين مقابل 33.43 في المائة لصالح المرزوقي.

وقال الأسعد بن أحمد المكلف بالإعلام في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لـ«الشرق الأوسط» حول هذه الطعون، إن المحكمة الإدارية التي تفصل في النزاعات الانتخابية قد تلقت فعلا يوم أمس، وهو آخر يوم في تقديم الطعون القانونية، 8 طعون تقدمت بها إدارة الحملة الانتخابية للمنصف المرزوقي.

وأضاف أن هذه الطعون ستؤجل الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية أما إلى يوم 21 أو 28 ديسمبر (كانون الأول) المقبل عوضا عن تاريخ 14 من نفس الشهر الذي كان متوقعا في حال عدم تقديم تلك الطعون.

ومن المنتظر أن تنظر المحكمة في تلك الطعون من ناحية الشكل والأصل وتنظر في أمرها وتحسم بذلك ملف نتائج الانتخابات الرئاسية بصفة نهائية.

في السياق ذاته، صرح معز بوراوي رئيس جمعية «عتيد» (جمعية حقوقية مستقلة) في مؤتمر صحافي عقده يوم أمس بالعاصمة التونسية أن الجمعية تقدمت بدعاوى قضائية ضد 7 مرشحين للرئاسة ممن ثبتت لديهم إخلالات على مستوى الحصول على التزكيات المرشحة للانتخابات.

وفي كلمة وجهها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أمس، إلى التونسيين، اعتبر أن الوحدة الوطنية خط أحمر في مواجهة لدعوات تقسيم البلاد وحذر من الانزلاق في دوامة العنف والفوضى.

وتابع بقوله إنه سيقبل بنتائج الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، مطالبا جميع الأطراف السياسية بالقبول بنتائجها مهما كانت، مصرحا «وأنا أول من سيقبل بها».

واعتبر المرزوقي أن تونس تمر اليوم بظرف دقيق وأنه من حق التونسيين التعبير عن آرائهم حول تصريحات بعض السياسيين، وأضاف: «كرئيس للجمهورية مهمتي الحفاظ على الحقوق والحريات وأهم حق هو التظاهر السلمي فهو حق المواطن ومن واجب الدولة حماية هذا الحق». ودعا إلى أن تكون الفترة الأخيرة قبل الانتخابات المتعلقة بالدور الثاني للرئاسية فترة أفكار ضد أفكار وبرامج ضد برامج لا أشخاص ضد أشخاص على حد تعبيره، ودعا إلى الارتقاء بالخطاب حتى تمر الفترة بسلام وتمر تونس إلى صفحة جديدة من التعايش السلمي بين الجميع.

ولم تمر الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية دون أن تسجل تجاذبات سياسية حادة بدأت خلال الحملة الانتخابية بنعت المنصف المرزوقي لخصمه السياسي الباجي قائد السبسي بـ«الطاغوت» في إشارة إلى انتمائه إلى منظومة العهد السابق. وتواصلت بعد الإعلان عن النتائج الولية للانتخابات من خلال تصريح الباجي أن من صوتوا للمرزوقي هم من «الإسلاميين والسلفية الجهادية ورابطات حماية الثورة».

وخلفت التصريحات الأخيرة للسبسي احتجاجات شعبية في مناطق الجنوب التونسي التي صوتت بكثافة لفائدة المرزوقي.

وضمن ردود الفعل ضد تصريحات الباجي، شهدت شوارع مدينة تطاوين (نحو 700 كلم جنوب شرقي العاصمة التونسية) احتجاجات، ندد المشاركون بتلك التصريحات التي أدلى بها لإحدى الإذاعات الفرنسية. ورفعوا شعارات مناهضة لتقسيم تونس إلى جنوب وشمال ودعوا الباجي إلى تقديم توضيحات حول تلك التصريحات.

ورد الطيب المدني ممثل حركة نداء تونس في تطاوين على تلك التصريحات بقوله لمراسل وكالة الأنباء التونسية الرسمية، إن الباجي لم يذكر أي جهة من جهات الجنوب التونسي ولم يتهم أحدا بالإرهاب، وأبدى استغرابه مما سماه «التوظيف السياسي الممنهج».

وقبل يومين، شهدت مدينة بن قردان المجاورة لتطاوين مسيرة احتجاجية مماثلة دعت إلى رفض تقسيم التونسيين ونددت بتصريحات الباجي.

ويخشى الكثير من المتابعين للشأن السياسي التونسي من امتداد تلك الاحتجاجات إلى مناطق أخرى في الجنوب التونسي بعد تتالي الدعوات على صفحات التواصل الاجتماعي إلى استقلال الشمال عن الجنوب والاكتفاء بثرواته من النفط والفوسفات والتمور.

وبالتوازي مع ذلك، تتخوف أطراف أمنية وعسكرية تونسية من محاولة استغلال تلك الاحتجاجات لتهريب السلاح إلى تونس.

وفي محاولة لتلطيف العلاقة مع سكان الجنوب، عينت حركة نداء تونس محمد الفاضل بن عمران وهو رئيس الدائرة الانتخابية في مدينة قبلي (الجنوب التونسي) رئيسا للكتلة البرلمانية للحزب. وقال محسن مرزوق رئيس الحملة الانتخابية للباجي إن الحزب «متفتح على كل الطاقات التونسية الوطنية بغض النظر عن الانتماء الجهوي».

ووصف الباجي قائد السبسي سكان الجنوب التونسي الذين صوت معظمهم خلال الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية لصالح المرزوقي، بأنهم أهله وأنه سينصفهم في المستقبل القريب.

وفي محاولة لإطفاء نار الحريق المندلع بين الباجي والمرزوقي المتهم بتلقي الدعم من حركة النهضة، دعا الشيخ راشد الغنوشي في بيان حمل توقيعه إلى «المضي قدما نحو استكمال المحطة الانتخابية الرئاسية الثانية في نطاق الهدوء والمحافظة على الوحدة الوطنية والاجتماعية وروح التنافس بعيدا عن الاستفزاز والتجييش والتشهير والتنابز والتراشق بالتهم».

ونبه إلى خطورة خطاب التحريض ورد الفعل وتقسيم التونسيين على أساس انتمائهم الفكري أو السياسي أو الجهوي.

من ناحيته ناصر حامد القروي رئيس حزب الحركة الدستورية الباجي قائد السبسي، وقال في تصريح إعلامي إنه «لن يتغول ولن يحكم التونسيين وحده»، واعتبر تقسيم التونسيين «لعبة خطرة جدا» وحذر من انتشار العنف والفوضى في حال فوز المنصف المرزوقي في الانتخابات الرئاسية.

ويرد القروي بطريقة غير مباشرة على قول حمادي الجبالي أول من أمس بأن من يدعو إلى تقسيم التونسيين لا يستحق أن يكون رئيسا.

على صعيد آخر، نفت وزارة الدفاع التونسي الطابع الإرهابي لجريمة قتل وذبح أحد العسكريين في إحدى الثكنات العسكرية في مدينة منزل بورقيبة (60 كلم شمال تونس العاصمة)، وقال بلحسن الوسلاتي المتحدث باسم الوزارة في تصريح إعلامي إن «مقتل العسكري لا علاقة له بأي عمل إرهابي»، وأضاف أن خلافات قديمة تجمعه بأحد رفاقه هي التي دفعت المتهم إلى قتله أثناء العمل ثم ذبحه للتمويه والتضليل والاتهام بوجود عمل إرهابي، في إشارة إلى ذبح العسكريين الـ8 في 2013 بجبال الشعانبي وسط غربي تونس.