بريطانيا تفرض قيودا على المهاجرين تشمل منع الامتيازات وتسهل الطرد

كاميرون يهدد بإخراج البلاد من الاتحاد الأوروبي ما لم تتحقق الإصلاحات المطلوبة

كاميرون لدى إلقاء خطابه في مقر الشركة المصنعة لحفارات «جي سي بي» بمدينة روشستر الواقعة وسط إنجلترا أمس (رويترز)
TT

أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تحت ضغط المشككين في الوحدة الأوروبية وبعد صدور الأرقام الأخيرة حول الهجرة، أمس، إجراءات جديدة للحد من تدفق المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي مشككا بمستقبل بلاده داخل الاتحاد الأوروبي. وفي خطاب مرتقب كان البعض يأمل أن يكون أكثر تشددا، دعا كاميرون إلى الحد من المخصصات الاجتماعية للعاملين القادمين من دول الاتحاد الأوروبي لكنه عدل في المقابل عن تحديد حصص لعدد الوافدين من كل دولة. وقال كاميرون «نريد إقامة النظام الأكثر تشددا في أوروبا للتصدي لانتهاكات حرية التنقل والحد من التدفق الاستثنائي الكبير للمهاجرين القادمين من سائر دول أوروبا». وأقر بأن المشروع سيؤدي إلى تغييرات في المعاهدات الأوروبية مما يجعل تطبيقه غير مضمون.

وعلى الفور، أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده للتباحث في المقترحات البريطانية «بهدوء وحذر». وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارغاريتيس شينياس في لقاء مع صحافيين أمس إن مناقشة المقترحات البريطانية ستتم «بهدوء وحذر ومن دون تضخيم الأمور»، مؤكدا أن المفوضية «تنوي دراسة ما يمكن فعله من دون إغلاق الباب».

ويريد كاميرون فرض مهلة 4 سنوات قبل أن يحق للمهاجرين الحصول على بعض الامتيازات مثل تخفيضات ضريبية وسكن اجتماعي. ويستهدف هذا الإجراء خصوصا العمالة غير المؤهلة القادمة من أوروبا الشرقية تحديدا.

وجاء الكشف عن هذه الإجراءات غداة كشف المكتب الوطني للإحصاءات زيادة بنسبة 468 في المائة في عدد الرومانيين الذين قدموا إلى بريطانيا بين يونيو (حزيران) 2013 ويونيو 2014. بينما زاد عدد المهاجرين من كل الجنسيات بنسبة 39 في المائة (260 ألفا) مما يعني فشل الحكومة في خفض العدد تحت عتبة المائة ألف في السنة. وأضاف كاميرون أن أي مهاجر لا ينبغي أن يدخل إلى بريطانيا دون عرض عمل وسيطلب منه الرحيل بعد 6 أشهر ما لم يتم توظيفه. وكان كاميرون أعلن أنه يريد العودة إلى السياسات التي كانت متبعة في عهد حكومة مارغريت ثاتشر في ثمانينات القرن الماضي. وتابع كاميرون «البريطانيون لا يريدون هجرة خارجة عن القيود أو منعها تماما، بل يريدون أن تكون خاضعة لضوابط وهم على حق».

في المقابل، تخلى كاميرون عن مقترحات أخرى كان أشار إليها في الأسابيع الماضية مثل وضع سقف لعدد المهاجرين وذلك إزاء المعارضة الحازمة لشركائه الأوروبيين الذين ذكروه بالطابع غير القابل للتعديل لمبدأ حرية تنقل الأفراد في أوروبا. وكان متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعلن أن «الأمر غير قابل للتفاوض بالنسبة إلى ألمانيا».

ومع أنه عدل عن تحقيق سقف لعدد المهاجرين، إلا أن المشككين في الوحدة الأوروبية داخل حزبه رحبوا بخطابه مع أنه لن يكون كافيا لهم على الأرجح. وتساءل الوزير المحافظ السابق جيرالد هاورث على الفور «إنها إجراءات جيدة لكن هل ستكون كافية؟»، مؤكدا أن البريطانيين يريدون «استعادة السيطرة على حدودهم». والأمر لن يكون بسهولة العنوان الذي أوردته صحيفة «ديلي ميل» التي كتبت «كاميرون يتحرك أخيرا في مسألة المهاجرين، لكن هل ستوافق أوروبا؟».

وإزاء مخاطر عرقلة مشروعه، شدد كاميرون على «الحاجة الماسة» لإجراء إصلاحات. وهدد قائلا إنه «لا يستبعد شيئا في حال لم تلق مشاغلنا آذانا صاغية»، وبأنه سيخوض حملة للخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي تعهد بإجرائه في عام 2017 في حال فوزه في الانتخابات التشريعية في مايو (أيار) المقبل. إلا أن إعادة انتخاب كاميرون غير مضمونة. فحزب العمال سجل تقدما طفيفا في نوايا الناخبين بينما تراجعت شعبية حزب استقلال المملكة المتحدة (يوكيب) الذي فاز في الانتخابات التشريعية الأوروبية في مايو وجعل من ملف الهجرة محور حملته الانتخابية.

وأدى تقدم حزب «يوكيب» إلى تشديد خطاب كل الأحزاب التقليدية حول الموضوع بمن فيهم العماليون الذين يريدون أيضا الحد من الامتيازات الاجتماعية للمهاجرين. وكرر نايجل فاراج زعيم حزب «يوكيب» الذي ينتقد باستمرار «الفشل التام» لكاميرون في قضية الهجرة، أمس، أنه لن يكون بالإمكان فرض قيود على تدفق المهاجرين طالما المملكة المتحدة لا تزال ضمن الاتحاد الأوروبي.