«النصرة» تعطي الحكومة اللبنانية «فرصة أخيرة» لحل ملف العسكريين المختطفين

الحجيري لـ («الشرق الأوسط») : لم أكلف رسميا بوساطة جديدة والمطلوب بدء عملية المقايضة

TT

أعطت «جبهة النصرة» التي تحتجز منذ أغسطس (آب) الماضي 17 عسكريا لبنانيا في منطقة حدودية مع سوريا شرق البلاد، الحكومة اللبنانية «فرصة أخيرة» للانطلاق بمفاوضات «جدية» لتحريرهم، معلنة أنها أجلت عملية إعدام الجندي علي البزال التي كانت قد حددت موعدا لها ليل الجمعة الماضي.

وأوضح الشيخ مصطفى الحجيري الذي يلعب دورا أساسيا بالملف، أنّه نجح ليل الجمعة في حث الخاطفين على وقف العملية التي «لم تكن لتقتصر على البزال»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الملف كان متفجرا إلى حد بعيد، وبعد إعدام البزال كان سيتم إعدام العسكريين الآخرين، إلا أننا بذلنا جهودا كبيرة لوقف التدهور الدراماتيكي للأمور».

وأشار الحجيري الذي قصد موقع وجود الخاطفين في جرود بلدة عرسال الحدودية شرقا ليل الجمعة، إلى أن «جبهة النصرة» قد تكون أعطت الحكومة «الفرصة الأخيرة للانطلاق بمفاوضات جدية لتحريرهم، باعتبار أنني وبإطار جهودي لوقف عملية الإعدام، كنت أطلب أن يتم إعطاء الدولة فرصة أخيرة لتلبية المطالب، وذلك بالتنسيق والتواصل مع الوزير وائل أبو فاعور، والنائب جمال الجراح وغيرهما».

وشدّد الحجيري على أن «لا أهمية للوسيط الموجود إن كنت أنا أو وسيط قطري واحد أو 2 أو 10؛ فالملف بيد طرفين، الخاطفين الذين يهمهم تنفيذ مطالبهم، والحكومة المطالبة بحسم خيارها». وأضاف: «لا صحة للمعلومات التي تحدثت عن تكليفي رسميا من قبل الحكومة بمهمة التفاوض، وما يهمنا اليوم أن نكون قد فتحنا صفحة جديدة حيث لا مكان للإهمال واللامبالاة، فيأخذ العسكريون المحتجزون حقهم بالتفاوض الجدي».

ولفت الحجيري إلى أن الحكومة اللبنانية قد تسلمت عددا من الأسماء من «النصرة» لانطلاق عملية التفاوض والمقايضة، «والمطلوب البدء بها بأسرع وقت ممكن ليتم بعدها إرسال باقي أسماء المحتجزين الذين تطالب (النصرة) بتحريرهم مقابل إطلاق سراح العسكريين».

وتوجه الحجيري للفرقاء السياسيين، مطالبا إياهم بأن «يرأفوا بأحوال أهالي العسكريين الذين يعيشون على الطرقات منذ 4 أشهر وببكاء الأطفال والنساء». ووصف الظروف التي يرزح تحتها العسكريون في موقع احتجازهم بـ«الصعبة جدا»، وأضاف: «أصلا لا حياة في السلسلة الشرقية، فكيف في هذا الوقت من السنة.. البرد قارس والثلوج أينما كانوا».

ويُحتجز العسكريون المختطفون حاليا في منطقة جردية على الحدود اللبنانية السورية، حيث تتدنى درجات الحرارة كثيرا، وهم وكما أكّدت أكثر من عائلة زارتهم لا يزالون يرتدون الملابس التي خطفوا فيها ويعيشون في ظروف إنسانية مزرية.

وكانت معلومات صحافية تحدثت عن «قرار حكومي ببدء التفاوض الجدي المباشر والفوري مع الخاطفين»، بسبب ما قالت إنه «تلكؤ من قبل الوسيط القطري أحمد الخطيب»، إلا أنه لم يصدر أي تأكيد رسمي بهذا الخصوص.

وأصدرت «النصرة» صباح يوم أمس بيانا أعلنت فيه تأجيل عملية إعدام البزال «نظرا للاهتمام الذي بدا خلال الـ24 ساعة الماضية من كثير من الفعاليات على الساحة اللبنانية، ومن بينهم الوفد القطري والحكومة اللبنانية وأهالي العسكريين الذين أعطونا الوعود والعهود بشكل رسمي بمتابعة ملف المفاوضات بشكل جاد وواضحٍ وعلنيٍ، والالتزام بإطلاق سراح أسرى مقابل الأسرى المحتجزين».

وبعد أن تصدت القوى الأمنية يوم الجمعة الماضي بالقوة لمحاولة أهالي العسكريين المختطفين قطع مدخل بيروت الشمالي، ما أدّى لوقوع عدد من الجرحى في صفوفهم، أقاموا يوم أمس حاجز محبة وقدموا الورود إلى المواطنين للاعتذار عن الإزعاج الذي يتسببون به من خلال قطع بعض الطرقات، ولعناصر قوى الأمني الداخلي «عربون محبة للدولة اللبنانية، وباعتبار أن عناصر الأمن هم أبناؤنا ونحن أبناء سلام».

ورد المقدم وفيق نصر الله على مبادرة الأهالي، معتبرا «أن قضية العسكريين المخطوفين تشكل وجعا لقوى الأمن الداخلي تماما، كما هو وجع الأهالي؛ فالمأساة تشمل الجميع»، لافتا إلى «أنهم في بعض الحالات مضطرون إلى الالتزام بإجراءات معينة خلافا للمنطق العام، بناء على المصلحة العامة وحماية الناس والمواطنين».

وفي سياق متصل، أعلنت قيادة الجيش أمس أن قوة منها ضبطت أثناء قيامها بتفتيش عدد من المسالك في جرود بلدة عرسال، عبوة ناسفة زنة 20 كلغ من المواد المتفجرة ولغما مضادا للآليات، كانت مجهزة للتفجير عن بعد بواسطة جهاز لا سلكي. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مسلحين أطلقوا النار يوم أمس بأكثر من اتجاه في أحياء عرسال، مستهدفين عناصر الشرطة البلدية.

وتأتي عملية إطلاق النار بعد تحذيرات وجهها تنظيم داعش، الذي يختطف 7 عسكريين لبنانيين، لرئيس بلدية عرسال من استخدام عناصر بلدية جديدة، باعتبار أنها «داعمة للجيش اللبناني».

وكان الجيش خاض مواجهات عنيفة مع عناصر تنظيمي داعش وجبهة النصرة مطلع أغسطس الماضي في بلدة عرسال، مما أدى إلى مقتل عدد من عناصره وأسر عدد آخر، كما تصدى في الأشهر الماضية لأكثر من محاولة تسلل لمسلحين إلى مواقعه الحدودية.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي قتل عنصران من الجيش وجُرح 3 بانفجار عبوة ناسفة بآليتهم في عرسال، كما أصيب عنصران في عملية مماثلة منتصف الشهر الحالي.