براءة مبارك تعيد «المظاهرات» إلى شوارع مصر بين أفراح وأحزان

أنصاره يحتفلون أمام مقر إقامته بالمستشفى العسكري.. ومناوئوه يتظاهرون بالقرب من ميدان التحرير

أنصار الرئيس الأسبق يرقصون خارج المحكمة عقب حكم البراءة (أ.ب)
TT

احتفل العشرات من أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك فور نطق المحكمة، أمس، بقرار براءته في محاكمة القرن. وفي مشهد متواز، تجمع مئات الغاضبين من القرار في ميدان التحرير ومناطق متفرقة من العاصمة المصرية مطالبين بإعادة المحاكمة وتحقيق العدالة والقصاص للضحايا والشهداء. وقد أثار الحكم غضب المناصرين لثورة 25 يناير (كانون الثاني) واعتبروه صادما، خاصة بعد أن قضت المحكمة بعدم جواز محاكمة الرئيس الأسبق في اتهامات بالتحريض على القتل.

وبينما احتفل العشرات بالحكم أمام أكاديمية الشرطة (شرق القاهرة) التي استضافت المحاكمة منذ انطلاقها، ومستشفى المعادي العسكري (جنوب القاهرة) حيث يحتجز مبارك، تظاهر المئات في محيط ميدان التحرير الذي أغلقته قوات من الشرطة والجيش، فيما دعت جماعة الإخوان المسلمين أنصارها للرد على الحكم في الميادين.

وتجمع مئات النشطاء أمام مدخل ميدان التحرير احتجاجا على الحكم ببراءة مبارك، وردد المتجمعون العديد من الهتافات المناهضة للرئيس الأسبق، مطالبين بـ«إعادة المحاكمة والقصاص للشهداء»، على مشارف الميدان الذي شهد المظاهرات الأكبر في 25 يناير 2011، والتي استمرت على مدار 18 يوما حتى أُجبر مبارك على التنحي، بعد أن توافد ألوف المتظاهرين على القصر الرئاسي (شرق القاهرة).

وطالبت حركة شباب 6 أبريل أنصارها بالتوافد على ميدان عبد المنعم رياض للتظاهر احتجاجا على براءة مبارك ونجليه ووزير داخليته ومعاونيه، مما ينذر بصدامات مع الشرطة التي تغلق الميدان بعد انسحاب مدرعات الجيش إلى خلفية المشهد في الميدان.

وجاءت ردود الفعل الأكثر عنفا من الإسكندرية، حيث قالت مصادر أمنية محلية إن مجهولين يستقلون دراجة نارية ألقوا بزجاجة حارقة على نادي قضاة الإسكندرية، بمنطقة بولكلي، عقب النطق بالحكم على مبارك، مشيرين إلى عدم وقوع إصابات أو تلفيات بمقر النادي. كما انفجرت قنبلة دخان بالساحة المقابلة لمجمع محاكم ونيابات الإسكندرية، بمنطقة المنشية بوسط المدينة الساحلية، دون وقوع إصابات. وأشارت المصادر الأمنية إلى أن الأجهزة الأمنية المسؤولة أخلت مبنى مجمع المحاكم من الموظفين والمواطنين، فيما انتقلت قوات من إدارة الحماية المدنية وخبراء المفرقعات وقامت بفرض كردون أمني حوله، ومشط خبراء المفرقعات المبنى.

وفي القاهرة، استقبل أهالي قتلى ثورة 25 يناير حكم براءة الرئيس الأسبق ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه بالبكاء والصراخ، ووقعت بينهم حالات إغماء. وسادت حالة من الغضب والاستياء بين أهالي ضحايا «25 يناير» أمام أكاديمية الشرطة، وردد الأهالي هتافات تطالب بالقصاص.

وقال مصدر أمني إن أجهزة الأمن بمحافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة أوقفت 6 أشخاص وصفهم بـ«مثيري الشغب» عقب صدور الحكم في قضية القرن، مشيرا إلى أنه عثر مع الموقوفين على كميات كبيرة من البنزين و20 زجاجة حارقة معدة للاستخدام وكميات كبيرة من الألعاب النارية.

وفي المقابل، سادت حالة من الفرح والرقص والزغاريد بين أنصار مبارك، ودقوا الطبول ورفعوا الأعلام المصرية، كما تبادلوا التهاني فيما بينهم. وهتف المحتفلون للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، كما احتفل العشرات بحكم البراءة أمام مستشفى المعادي العسكري، رافعين علم مصر.

وفور صدور الحكم تصدر وسم (هاشتاغ) «محاكمة مبارك» قائمة الأكثر تداولا في مصر، رغم التباين الواضح في التغريدات بين مؤيد يطالب برد الاعتبار لمبارك، ومعارض يدعو لإعادة المحاكمة. واحتل المركز الثاني عالميا على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بعد مضي ساعة على النطق بأحكام البراءة وانقضاء آجال الدعاوى في قضيتي قتل المتظاهرين والفساد المالي المتهم فيهما الرئيس الأسبق ونجلاه وقيادات وزارة الداخلية في عهده.

وأغلقت قوات الأمن والجيش مداخل ميدان التحرير أمس بعد ورود أنباء عن قيام أهالي «شهداء 25 يناير» بالخروج في مسيرات والتوجه للميدان، للاعتراض على الأحكام التي صدرت من هيئة محكمة جنايات شمال القاهرة في قضية القرن.

وقال اللواء حمدي الحديدي، مدير مرور القاهرة، في تصريح صحافي أمس، إنه «تم إغلاق الميدان كإجراء احترازي وعمل أسلاك ونشر قوات الشرطة على مداخل ومخارج الميدان وعمل تحويلات مرورية».

وتوالت ردود فعل القوى والأحزاب والرموز السياسية على الحكم. وقال محمد صلاح، عضو المكتب السياسي لحركة شباب 6 أبريل التي لعبت دورا بارزا في الدعوة إلى ثورة 25 يناير، إن أحكام البراءة التي شهدتها محاكمة القرن تمثل هزيمة لثورة 25 يناير وانتصارا للثورة المضادة، معتبرا أن المسار القانوني الذي اتخذته محاكمات نظام مبارك شابه العوار منذ البداية، لذا كان طبيعيا أن تكون البراءة هي النتيجة.

من جانبه، قال عبد العزيز عبد الله، المتحدث باسم حزب الحركة الشعبية العربية الذي أسسته حركة تمرد، إن «المقدمات الخاطئة في مسار محاكمات مبارك ونظامه أدت إلى أحكام البراءة التي نراها»، مؤكدا أنه يجب محاكمته على جرائم سياسات الإفقار والفساد السياسي وتخريب القطاع العام وغيرها التي امتدت لثلاثين عاما قضاها في الحكم.

واستغلت جماعة الإخوان المسلمين الموقف، فوجهت اتهامات عنيفة لمؤسسات القضاء المصري في أعقاب الحكم على مبارك. ودعت الجماعة أنصارها للرد على الحكم في الميادين، وطالبت في بيان لها بنبذ الخلافات والعمل على تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وأشارت إلى أنها تعتزم بدء جولة مشاورات لعقد اجتماع مشترك مع كل قوى الثورة الفاعلة لدراسة الأمر.

وأبدى عدد من الأحزاب والشخصيات العامة في البلاد حذرا في التعليق على حكم قضائي، لكن عددا واسعا منهم أشار إلى أن أوراق القضية المتهافتة كانت السبب الرئيسي وراء الحكم.