تراجع حاد في سوق الأسهم السعودية بضغط من قطاع البتروكيماويات

المؤشر انخفض بـ430 نقطة أي بما يعادل 4.76 %

جانب من تداولات الأسهم السعودية (رويترز)
TT

استقبلت سوق الأسهم السعودية تراجع أسعار النفط بانخفاض حاد، بلغت نسبته 6 في المائة منذ اللحظات الأولى من تعاملات يوم أمس الأحد؛ إذ شهد قطاع الصناعات البتروكيماوية في السوق المالية السعودية، يوم أمس، تراجعات حادة للغاية، حيث عمّق مؤشر القطاع حجم خسائره بنسبة 9.03 في المائة، ليسجل بذلك انخفاضا تبلغ نسبته 34.1 في المائة من أعلى مستوى جرى تحقيقه خلال 90 يوما فقط.

وخلال تعاملات سوق الأسهم السعودية مع افتتاح تعاملاتها الأسبوعية يوم أمس الأحد، أغلقت معظم أسهم شركات البتروكيماويات على النسب الدنيا من التراجعات (- 10 في المائة) دون طلبات تذكر، وذلك عقب تراجع أسعار البترول يومي الخميس والجمعة الماضيين بنسبة تتجاوز الـ10 في المائة. وانخفضت المكررات الربحية لقطاع الصناعات البتروكيماوية مع إغلاق تعاملات السوق المالية السعودية يوم أمس إلى مستويات 13.9 مرة (وفقا للنتائج المالية المعلنة)، مسجلا بذلك انخفاضا تبلغ مستوياته 1.1 مرة عن المكررات الربحية النهائية لسوق الأسهم السعودية، وذلك في وقت انخفض فيه المكرر الربحي لشركة «سابك» وفقا لأداء الشركة المالي آخر 12 شهرا، إلى مستويات 10.47 مرة.

وتأتي هذه التراجعات في وقت كشف فيه المهندس محمد الماضي، الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك»، الخميس المنصرم، عن توقعاته بوجود فكرة جيدة لدى شركته للمشاركة في بعض المشروعات في أميركا الشمالية للاستفادة من ثورة الغاز الصخري، وذلك في بداية العام المقبل 2015. وقال المهندس الماضي، الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر «جيبكا» السنوي بمدينة دبي «إن الإعلان عن المشروعات سيجري بعد أن يُعلن عنها بمشاركة هيئة السوق المالية في البلاد».

وفي السياق ذاته، من المتوقع أن يحافظ مؤشر سوق الأسهم السعودية، اليوم، على مستويات 8400 نقطة، إذ أصبحت المكررات الربحية الحالية للسوق المالية السعودية تقف عند مستويات تاريخية جديدة، لم تتكرر منذ عام 2010، مما يعني أن سوق الأسهم السعودية من المرشح أن تتماسك خلال الفترة القريبة.

ويأتي انخفاض مؤشر سوق الأسهم السعودية بقيادة أسهم قطاع الصناعات البتروكيماوية، يوم أمس، مربكا لكثير من قرارات المتداولين الأفراد، إذ افتتحت معظم أسهم شركات القطاع على النسب الدنيا في الدقيقة الأولى من التداولات، وذلك قبل أن تحاول أن تتماسك قليلا في الساعة الأولى، إلا أنها عادت مجددا للانخفاض على النسب الدنيا دون طلبات. وعاكس سهما شركتي «التعاونية للتأمين»، و«النقل البحري»، الأداء السلبي لسوق الأسهم السعودية، أمس، إذ أغلق هذان السهمان على ارتفاعات إيجابية تبلغ نسبتها 3 في المائة، وسط انخفاضات جماعية سيطرت على القطاعات المدرجة، لينهي بذلك المؤشر العام تداولاته على انخفاض تبلغ نسبته 4.76 في المائة.

وفي هذا الإطار، أغلق مؤشر سوق الأسهم أمس على تراجع يبلغ حجمه 430 نقطة، ليغلق بذلك عند مستويات 8624 نقطة، وسط سيولة نقدية متداولة بلغ حجمها نحو 7.2 مليار ريال (1.92 مليار دولار)، وسط أداء سيطرت عليه حالات هلع عارمة أصابت نفوس معظم المتداولين الأفراد.

وتعليقا على تداولات سوق الأسهم السعودية، أمس، أكد الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، أن تراجعات سوق الأسهم السعودية يوم أمس كانت بتأثير ملحوظ من أسهم قطاع الصناعات البتروكيماوية، وقال «هنالك بيوع جماعية وهلع ملحوظ، ربما نشاهد بعض التماسك خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصا إذا ما نجحت أسعار البترول في الاستقرار فوق مستويات 66 دولارا للنفط الخام». وأضاف الدكتور باعجاجة، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس «قرار منظمة الأوبك بعدم خفض الإنتاج أثر على أسعار البترول سلبا، وانعكس ذلك على أداء الأسواق العالمية، خصوصا شركات الصناعات البتروكيماوية»، مشيرا إلى أن برميل النفط الخام من المتوقع ألا يكسر حاجز الـ60 دولارا خلال الربع الأخير من هذا العام، بسبب الطلب على وقود التدفئة مع دخول فصل الشتاء.

وفي إطار ذي صلة، اعتمد مجلس هيئة السوق المالية السعودية الخطة الاستراتيجية للهيئة للأعوام الخمسة المقبلة (2015 - 2019)، في خطوة ترمي إلى تحديد الأهداف التي ستعمل الهيئة على تحقيقها في هذه الفترة، بما يتسق مع المهام التي أوكلت إليها في نظام السوق المالية.

وأوضح مجلس هيئة السوق المالية أن الهيئة راعت عند تطوير الخطة الاستراتيجية دراسة أهم التحديات التي تواجه السوق المالية واحتياجاتها والعوامل المؤثرة فيها، كما أخذت بآراء وملاحظات المختصين من داخل الهيئة وخارجها من جهات حكومية وشركات مدرجة، وأشخاص مرخص لهم (مؤسسات مالية مرخصة)، ومستثمرين. وترمي هيئة السوق السعودية، بحسب بيان صحافي أمس، من هذه الخطة إلى جعل بيئة السوق المالية أكثر استقرارا ودعما للاقتصاد الوطني وتحفيزا للاستثمار، فيما تشتمل الخطة على مجموعة من الأهداف تتوزع على أربعة محاور هي: تعزيز تطوير السوق المالية، وتعزيز حماية المستثمرين، وتحسين البيئة التنظيمية للسوق، إلى جانب تعزيز التميز المؤسسي لدى هيئة السوق المالية.

كما أن العمل على تعزيز تطوير السوق المالية يتضمن العمل على توسيع قاعدة الاستثمار المؤسسي، وتشجيع إصدار الصكوك وأدوات الدين، ودعم تطوير الأشخاص المرخص لهم وتنمية الكوادر البشرية في قطاع السوق المالية، ودعم صناعة إدارة الأصول، ودعم توطين الوظائف لدى الأشخاص المرخص لهم. وفي جانب تعزيز حماية المستثمرين، ستعمل الهيئة على تحسين متطلبات ومحتوى الإفصاح بغرض رفع الشفافية في السوق المالية، ورفع مستوى الوعي والثقافة الاستثمارية للمشاركين في السوق، ورفع مستوى الالتزام بنظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية من خلال رقابة وتوعية فعالة وتبني سياسات رادعة.

وأوضحت هيئة السوق المالية أنها تسعى من خلال تنفيذ خطتها الاستراتيجية إلى تحقيق رؤيتها بأن تكون السوق المالية السعودية سوقا رائدة تحوز ثقة المستثمرين وتتسم بالعدالة والكفاية والشفافية في معاملات الأوراق المالية، وبينت الهيئة أنه قبل اعتماد الخطة في صورتها النهائية عرضت مشروعها على اللجنة الاستشارية لهيئة السوق المالية للتأكد من شموليتها وملاءمتها للفترة المقبلة.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي رفعت فيه هيئة السوق المالية السعودية درجة المأمونية والجودة في أعمال الأشخاص المرخص لهم (المؤسسات المالية المرخص لها من هيئة السوق المالية)، وذلك من خلال (قواعد الكفاية المالية) التي بدأ تطبيقها في شهر يناير (كانون الثاني) من العام المنصرم، على المؤسسات العاملة في نشاط الأوراق المالية لتضاف على اللوائح الأخرى المنظمة للنشاط، ومن بينها لائحة «الأشخاص المرخص لهم».

وقالت هيئة السوق المالية السعودية في بيان صحافي، الأسبوع المنصرم «دأبت الهيئة خلال إعداد (قواعد الكفاية المالية) الجديدة على تطبيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية في هذا المجال والمتمثلة في متطلبات بازل 2 و3، وتهدف هذه القواعد إلى تحديد حد أدنى لمتطلبات رأس المال للتأكد من توافر الموارد المالية اللازمة لاستمرار أعمال الشخص المرخص له والحد من حجم المخاطر التي يتعرض لها». وأضافت أن هذه القواعد تعتمد على قيام الشخص المرخص له بالحفاظ على قاعدة رأسمال كافية لتغطية متطلبات الحد الأدنى لرأس المال، حيث يجري تحديد مقدار الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال بناء على حجم المخاطر التي يتعرض لها الشخص المرخص كمخاطر الائتمان، وتقلبات السوق، والمخاطر التشغيلية، وبذلك فإن الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال يزيد بزيادة تعرض الشخص المرخص له لهذه المخاطر.

وتابعت هيئة السوق «تراقب الهيئة الكفاية المالية للأشخاص المرخص لهم بحسب متطلبات قواعد الكفاية المالية والمكونة من ثلاث ركائز؛ الأولى: تنظم متطلبات الكفاية المالية التي تشمل مخاطر الائتمان ومخاطر السوق والمخاطر التشغيلية، والركيزة الثانية تشمل عملية التقييم الداخلي لكفاية رأس المال، وهاتان الركيزتان جرى العمل بهما خلال العام الحالي. أما الركيزة الثالثة فتشمل الإفصاح عن الاستراتيجيات والعمليات الخاصة بإدارة المخاطر والالتزام وقيمة قاعدة رأس المال، وسيبدأ العمل بها في الربع الأول من العام المقبل».

وتفيد بيانات صادرة عن هيئة السوق المالية السعودية في السياق ذاته بأن عدد المؤسسات المالية المرخصة للعمل في نشاط الأوراق المالية بلغ بنهاية العام الماضي 89 مؤسسة، إجمالي رساميلها 15.7 مليار ريال (4.18 مليار دولار)، في حين بلغت إيراداتها 6.3 مليار ريال (1.68 مليار دولار).