مياه الشرب الملوثة تنذر بكارثة إنسانية في الموصل

انتشار أمراض الجهاز الهضمي مع تردي الخدمات العامة في ظل «داعش»

TT

يعاني أهالي مدينة الموصل، شمال بالعراق، من كارثة إنسانية تتمثل بانتشار أمراض في الجهاز الهضمي خصوصا بسبب تلوث مياه الشرب، ومن نقص في الأدوية لمعالجة المرضى في مدينتهم الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش منذ يونيو (حزيران) الماضي. ويعاني أهالي الموصل، ثاني مدن العراق، منذ سيطرة المتطرفين عليها من نقص في الخدمات العامة بشكل عام مما ينذر بكارثة إنسانية.

وشن «داعش» في يونيو هجوما واسعا على مدينة الموصل (350 كم شمال بغداد) تمكن خلاله من السيطرة عليها وبسط نفوذه على مساحات واسعة في مناطق متفرقة شمال وغرب البلاد. لكنه لم يستطع في ظل محاولاته توسيع السيطرة باتجاه إقليم كردستان، شمال العراق، ومحافظات أخرى، تأمين الخدمات وتحقيق استقرار لتلك المناطق مما أدى إلى تلاشي طموحاته في الوصول إلى مناطق أوسع.

ويقول أيمن التميمي، أحد العاملين في منتدى الشرق الأوسط والخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، إن الانطباع الذي يعمل «داعش» على إشاعته هو أنه «جماعة تؤمن حياة أفضل من السابق، وهو الأمر الذي يراه (بعض) الأهالي منصفا بالنسبة لهم.. لكن المصاعب التي يواجهها أدت بالتأكيد إلى إضعاف آماله نحو تحقيق متطلبات الناس وتوفير الأمن الحقيقي».

وتمثل الخدمات العامة أحد المعوقات الأساسية، رغم أنها كانت موجودة في مناطق واسعة من العراق قبل هجمات المتشددين، لكنها تفاقمت في الموصل بعد فرار عدد كبير من الموظفين الحكوميين خوفا من الوقوع بيد المتطرفين. وقالت سيدة مصابة بمرض سببه مياه ملوثة، تسكن حي الكرامة في الجانب الشرقي من الموصل، في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن «محطات تصفية المياه معطلة» الأمر الذي أدى إلى انتشار الأمراض بين الأهالي. وقال زوجها أبو علي إن «المشكلة أكبر وأخطر الآن بسبب ظروفنا القاسية وغياب الخدمات». وأشار إلى قيام كثير من الأهالي بحفر آبار للحصول على الماء وتعقيمها بإمكانات ذاتية، بسبب الانقطاع المتكرر في شبكة المياه التي لا تصلهم إلا ليوم أو يومين في الأسبوع.

وأكد مسؤول في دائرة تصفية مياه الموصل أن «محطات تنقية المياه قديمة وشبكة توزيع المياه تعاني من أضرار». وأشار إلى «نقص في عدد العاملين بسبب نزوح وهرب عدد كبير من أهالي المدينة منذ سيطرة تنظيم داعش على مقدراتها».

وكشف طبيب في مستشفى الموصل العام، في جنوب الموصل، عن «تلقي 15 مصابا بأمراض سببها تلوث المياه خلال الساعات الـ24 الماضية». ومن المرجح توجه مرضى آخرين إلى مستشفيات رئيسية أخرى موزعة في عموم الموصل. ففي مستشفى الجمهوري، في غرب الموصل، قال طبيب «استقبلنا عددا كبيرا من المرضى غالبيتهم من الأطفال، مصابين بأمراض في الجهاز الهضمي، كالتهاب المعدة والأمعاء أو التهاب فيروسي..».

وبينما تتزايد أعداد المرضى، تعاني مستشفيات المدينة من نقص في الأدوية. وأكد مسؤول في دائرة صحة نينوى أن «الأدوية أشرفت على النفاد من مستودعات المدينة وتوقفت شركة أدوية نينوى عن العمل تماما». وأشار إلى أن السبب يعود إلى «انقطاع التواصل مع المؤسسات الحكومية ولم تصلنا أي موازنة لنتمكن من توفير ما نحتاج من أدوية».

وتقول أم محمد، التي جاءت بولدها البالغ من العمر عشر سنوات إلى مستشفى الجمهورية لتلقي العلاج «هناك شحة كبيرة في الأدوية التي نحتاجها». وأضافت «الطرق مغلقة والموصل أصبحت سجنا كبيرا، لا نستطيع مغادرتها». وتابعت أن «الصيدليات الخاصة أصبحت الخيار الوحيد أمامنا، لكن أسعارها مرتفعة. كيف سيتمكن الفقراء من شراء الدواء؟». وقالت أم شيماء (29 عاما) التي تسكن في جنوب مدينة الموصل، وجاءت إلى مستشفى الموصل العام لعلاج ابنتها «ابنتي لم تتوقف عن البكاء وتعاني من آلام في البطن منذ أمس».