الترقب الحذر يسيطر على مصر بعد براءة مبارك

قتيلان في احتجاجات محيط التحرير وشغب في جامعات.. وتحذيرات من استغلال «الإخوان» للموقف

قوات مكافحة الشغب في مدخل جامعة القاهرة أمس (رويترز)
TT

في وقت شهدت فيه معظم أرجاء مصر هدوءا حذرا أعقب صدور الحكم ببراءة الرئيس الأسبق حسني مبارك وعدد من رموز نظامه من الضلوع في قتل ضحايا ثورة 25 يناير، أسفرت احتجاجات بضع مئات من الغاضبين في محيط ميدان التحرير عن مقتل شخصين وإصابة نحو 15 آخرين ليلة أمس، بينما تواصلت صباحا مظاهر الاحتجاج بين طلاب الجامعة بخروج عدد من المظاهرات المحدودة، التي شهدت للمرة الأولى منذ ثورة 30 يونيو مشاركة طلاب ينتمون إلى جماعة الإخوان التظاهر مع تيارات مدنية مناوئة لها على المستوى السياسي، وذلك بالتزامن مع تحذيرات أطلقتها السلطات المصرية من محاولة الجماعة لاستغلال الموقف للتصعيد والعودة مرة أخرى إلى الشارع بعد لفظها اجتماعيا.

ويأتي ذلك في وقت نظمت فيه عدد من القوى السياسية اجتماعا تنسيقيا لدراسة الخطوات المقبلة عقب صدور حكم البراءة، ومن بينها التصعيد بالتقدم ببلاغات جديدة ضد مبارك ورموز نظامه. وبينما عبر مواطنون عن حزنهم نتيجة الحكم، مشيرين إلى أنهم كانوا يتمنون صدور أحكام بإدانة النظام السابق.. فإن مراقبين يرون أن الأجواء العامة في مصر حاليا لا تحتمل التصعيد، كما أن «المزاج العام لم يعد يقبل المظاهرات الكبيرة في الميادين بشكل كبير».

ووسط تحذيرات مكثفة أطلقتها السلطات من محاولات جماعة الإخوان، التي تصنفها السلطات تنظيما إرهابيا، من محاولة استغلال الفرصة لإعادة التغلغل داخل المجتمع، أغلقت قوات الجيش والشرطة ميدان التحرير أمس لليوم الثاني على التوالي، بعد محاولة عدد من المحتجين دخول ميدان التحرير والاعتصام به اعتراضا على الحكم. فيما أغلقت قوات الأمن محطة لمترو الأنفاق في مواجهة دار القضاء العالي بوسط القاهرة «لدواع أمنية إلى أجل غير مسمى»، تحسبا لدعوات بالتظاهر أمامها.

وبينما أعلنت وزارة الداخلية أن حصيلة الوفيات جراء بعض الاشتباكات في محيط ميدان التحرير ليلة أمس كانت حالة واحدة، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة إن المظاهرات أسفرت عن وقوع حالتي وفاة و15 مصابا بينهم حالات حرجة.

وأشارت الداخلية في بيان لها إلى إصابة 5 من رجال الشرطة، من بينهم ضابط برتبة لواء، خلال الاشتباكات. موضحة أن «الأجهزة الأمنية رصدت اندساس عناصر إخوانية بتجمعات ميدان عبد المنعم رياض مساء السبت»، وأن «تلك العناصر بدأت في السيطرة على الميدان وترديد الهتافات العدائية ضد القوات المكلفة بالتأمين من عناصر القوات المسلحة والشرطة، ثم اشتبكوا مع المتجمعين وقاموا بإلقاء الحجارة وأطلقوا أعيرة الخرطوش والألعاب النارية تجاه القوات، وتعاملت معهم القوات وتمكنت من تفريقهم». كما تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط 4 من العناصر الإخوانية.

وأكدت الوزارة أن «الأجهزة الأمنية تواصل جهودها في الرصد والمتابعة والتعامل مع ما يستجد من أحداث، وتهيب من منطلق الحرص على أرواح المواطنين كافة بالحذر من استغلال عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي لتلك التجمعات لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية». كما أكد مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن «الإخوان سيكثفون من ظهورهم مجددا لمحاولة التصعيد والعودة إلى الشارع بعد أن لفظهم المجتمع خلال الفترة الماضية، وفشلوا في الحشد بطرقهم المعتادة».

من جهة أخرى، شهدت جامعات القاهرة والأزهر بالعاصمة المصرية مظاهرات محدودة لعدد من الطلاب واشتباكات مع قوات الأمن، التي كثفت من وجودها منذ الصباح في محيط أغلب الجامعات المصرية، تحسبا لمظاهرات الطلاب.

وظهر بالأمس مشهد جديد من نوعه لم يحدث منذ ثورة 30 يونيو، حيث تظاهر عدد من الطلاب المنتمين إلى التيارات المدنية جنبا إلى جنب مع طلاب جماعة الإخوان وأنصارهم من التيارات الدينية.

من جانبها، نفت جامعة الأزهر تجميد الدراسة في كليات الجامعة بالقاهرة والأقاليم. وأكد رئيس الجامعة أن الدراسة منتظمة تماما بنسبة 95 في المائة في جميع كليات الجامعة، مشيرا إلى أن اختبارات نصف العام سوف تتم في موعدها يوم 4 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وفي المحافظات، شهدت جامعة طنطا مظاهرة محدودة مكونة من نحو مائة طالب محسوبين على جماعة الإخوان. كما قام طلاب كليات جامعة اسكندرية أمس بإشعال الشماريخ وإطلاق العاب النارية خلال المسيرة التي نظموها داخل ساحات المجمع النظري وذلك اعتراضا على الحكم الصادر ببراءة مبارك. فيما كثفت قوات الجيش والشرطة من وجودها حول محيط كليات الجامعة، مشددة على أن «أي عمليات أو محاولات لخروج الطلاب خارج أسوار الجامعة لإثارة الفوضى ستتم مواجهتها بكل حسم».

سياسيا، أعلن عدد من الأحزاب أنهم بصدد دراسة إمكانية الدعوة لإعادة محاكمة مبارك. وقال حزب الدستور في بيان له إنه سيقوم بالتنسيق مع القوى السياسية الأخرى والخبراء القانونيين لملاحقة مبارك. كما قال حزب الثورة المصرية في بيان له إنه يحترم أحكام القضاء، إلا أنه يجب على جميع القوى السياسية والأحزاب الوطنية رفع دعاوى مجمعة على مبارك ورموز نظامه.