ساركوزي يفوز برئاسة حزب فرنسا اليميني الأول.. وعيناه على الإليزيه

عقبات تعوق مشاريعه أبرزها مشكلاته مع القضاء والمنافسات الداخلية

نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني بعد الإعلان عن فوزه برئاسة حزبه مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد 30 شهرا على خروجه من قصر الإليزيه عقب هزيمته في الانتخابات الرئاسية في ربيع عام 2012، عاد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى واجهة المسرح السياسي رئيسا لحزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية»، وهو حزب يميني معارض، بعد فوزه في انتخاباته الداخلية بنسبة 64.5 في المائة، بينما حصل منافسه الأول، وزير الزراعة السابق برونو لو مير، على نحو 30 في المائة. وبحسب الأوساط السياسية والإعلامية في فرنسا، فإن عودة ساركوزي إلى رئاسة حزبه ليست سوى الخطوة في مسيرته الطويلة للعودة إلى قصر الإليزيه في انتخابات ربيع عام 2017.

بيد أن طريق الرئيس اليميني السابق الذي يريده أن يقوده إلى قصر الإليزيه في الدائرة الثامنة من باريس، ليس مزروعا بالورود؛ إذ إن عليه أن يتغلب على منافسيه من داخل الحزب وداخل معسكر اليمين، كما أن عليه أن يتخلص من مشكلاته مع القضاء الفرنسي حيث يرد اسمه في مجموعة من الفضائح. وإذا كانت شرعية ساركوزي المكتسبة من صناديق الاقتراع ليست موضع تشكيك من أحد، إلا أن النسبة التي حصل عليها لم تكن بمستوى توقعاته وتوقعات الدائرة الأولى من المقربين منه. هؤلاء كانوا ينتظرون أن يقترب من نسبة 80 في المائة، خصوصا أنه عندما وصل إلى رئاسة الحزب المرة الماضية حصل على 84 في المائة من الأصوات، مما يعني أنه خسر 20 نقطة.

في المقابل، فإن برونو لو مير، البالغ من العمر 46 عاما، قام بحملة انتخابية ناجحة للغاية، داعيا إلى تجديد فكر الحزب ومشروعه السياسي، خصوصا طاقمه البشري. وبعكس كل التوقعات، فقد نجح لومير في الحصول على 30 في المائة من الأصوات، مما يحوله إلى رقم صعب داخل معادلة الحزب. ويفيد استطلاع للرأي بأن شخصية ساركوزي ما زالت تطرح مشكلة حقيقية؛ إذ إن الفرنسيين لم يطووا صفحة رئاسته ولم ينسوا شخصيته المتقلبة وطروحاته اليمينية التي تقترب كثيرا من طروحات اليمين المتطرف في مواضيع تتناول الهجرة، والهوية الوطنية، والإسلام، لا بل إنه أخذ يتبنى طروحات معادية للبناء الأوروبي.

أما صعوبة ساركوزي الثانية فلها أكثر من اسم؛ هي أسماء منافسيه للفوز بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية، وأخطرهم على الإطلاق رئيس الحكومة الأسبق ووزير خارجيته السابق ألان جوبيه الذي رأس الحزب عند تشكيله. وفي الأشهر الأخيرة، ارتفعت مكانة جوبيه لدى الفرنسيين وفي صفوف اليمين، وغدا الشخصية الأكثر شعبية. وبعكس ساركوزي الموصوف بالتطرف، فإن جوبيه معروف باعتداله، كما أن له خطا سياسيا مختلفا عن خط ساركوزي. جوبيه يرى أن استراتيجية الحزب السياسية يجب أن تقوم على التحالف مع الوسط، بينما ساركوزي يركض وراء الأصوات في أقصى اليمين، لا بل إن بعض طروحاته تلامس طروحات اليمين المتطرف. ويريد جوبيه أن تحصل انتخابات تمهيدية لتعيين مرشح اليمين في عام 2016 وألا تقتصر على المحازبين، بل يتوجب أن تشمل كل محبذي اليمين. والمرجح أن ساركوزي سيرفض هذا الطرح لأنه يعني خسارته في وجه جوبيه. لذا، فإنه من المرجح جدا أن تحصل معركة سياسية حامية بين الطرفين. وينتظر أن يسعى ساركوزي إلى وضع الأوفياء له في المواقع الحساسة داخل الحزب الذي يريده منصة للانتخابات الرئاسية ولتعويض هزيمته أمام الرئيس هولاند.. ثم هناك منافسان آخران لساركوزي: رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون، ووزير العمل الأسبق كزافيه برتراند. ولا يستبعد أن يظهر آخرون على الساحة من الآن وحتى ربيع عام 2017.

حقيقة الأمر أن شراسة المعركة يمينا سببها الأول ضعف اليسار وتراجع شعبية رئيس الجمهورية التي انحدرت إلى مستويات لم يعرفها أي من سابقيه في قصر الإليزيه. وتفيد استطلاعات الرأي بأن الرئيس هولاند (أو أي مرشح اشتراكي آخر) لن يمر للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي يرجح فيها تنافس مرشح اليمين الكلاسيكي ومرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبن التي أعيد انتخابها على رأس حزبها بنسبة 100 في المائة. وتبدأ مارين لوبن، وعمرها 46 عاما، التي لم تواجه منافسا معلنا، ولاية ثانية رئيسة للحزب الذي أسسه في 1972 والدها جان - ماري لوبن. وتقول الجبهة الوطنية التي تمنحها استطلاعات الرأي 30 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية في 2017، إن عدد أعضائها يبلغ 83 ألف منتسب، وإن أكثر من 22 ألفا شاركوا في التصويت. ووجدت 17 بطاقة ملغاة. ولذا، فإن مرشح اليمين سيكون هو، على الأرجح، الرئيس المقبل، لأن الفرنسيين «غير مستعدين بعد» لتقبل مارين لوبن رئيسة للجمهورية. غير أن الأمور يمكن أن تنقلب إذا تحسن الوضع الاقتصادي وعاد النمو وتراجعت البطالة وانخفضت الضرائب، أي إذا بدأت السياسة الاقتصادية تؤتي ثمارها. المؤكد هو أن صفحة سياسية جديدة فتحت نهاية الأسبوع في فرنسا، ويريد ساركوزي أن يكون بطلها ليثبت خطأ النظرية القائلة إن رئيسا سابقا للجمهورية محروم من العودة رئيسا إلى قصر الإليزيه.