السعودية: استقرار السوق النفطية ليس مسؤولية «أوبك» بمفردها

أبدت ارتياحها للقرار الذي اتخذته المنظمة خلال اجتماعها الأخير

جانب من اجتماع أوبك الأخير في فيينا (رويترز)
TT

أرسلت الحكومة السعودية يوم أمس رسالة إلى جميع منتجي البترول في العالم، مفادها أن استقرار السوق يتطلب تعاون المنتجين خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ولا يقف على السعودية وباقي الدول الأعضاء في «أوبك» وحسب.

وقال مجلس الوزراء السعودي أمس في بيان عقب اجتماعه الأسبوعي إنه أبدى ارتياحه من القرار الذي اتخذته منظمة «أوبك» خلال اجتماعها الأخير الذي عقد في العاصمة النمساوية فيينا يوم الخميس الماضي. ووافقت المنظمة في الاجتماع على إبقاء سقف إنتاجها كما هو عند 30 مليون برميل يوميا، وهو السقف الذي تم الاتفاق عليه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2011.

وقال المجلس في البيان إن القرار «يعكس تماسك المنظمة ووحدتها، وبعد نظرها، وهو ما توليه المملكة أهمية خاصة». وأشار المجلس في بيانه إلى اهتمام المملكة باستقرار السوق البترولية الدولية، «وأن تعاون المنتجين من داخل المنظمة وخارجها يعتبر مسؤولية مشتركة لتحقيق هذا الاستقرار».

وتسبب قرار «أوبك» الخميس الماضي في هبوط أسعار النفط في نيويورك ولندن إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2009 نظرا لأن السوق كانت تتوقع أن عدم تخفيض السعودية و«أوبك» إنتاجها سيؤدي إلى تراكم فائض كبير في العام القادم.

وتشهد السوق النفطية وجود فائض حاليا يقدر بين 1 إلى 2 مليون برميل يوميا، نتيجة لنمو الإنتاج من داخل «أوبك» بعد عودة ليبيا ومن خارج «أوبك» من خلال نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وأبدى مؤتمر وزراء «أوبك» يوم الخميس قلقه من تنامي الإنتاج من خارج «أوبك» في العام القادم، إذ قال المؤتمر في بيانه الرسمي عقب الاجتماع إن الطلب على النفط في 2015 سينمو، لكن هذه الزيادة ستقابلها زيادة في الإنتاج من المنتجين خارج «أوبك» قدرها 1.36 مليون برميل يوميا.

ويعلق المحلل النفطي الكويتي والرئيس التنفيذي السابق بشركة بترول الكويت الدولية كامل الحرمي على بيان مجلس الوزراء في حديثه إلى «الشرق الأوسط» قائلا: «هناك رسالة واضحة في البيان وهي أن السعودية لن تمشي الطريق بمفردها، وإذا أراد أحد موازنة السوق في خارج السوق فيجب أن ينضم لها ولباقي دول (أوبك) ويخفض هو كذلك إنتاجه».

وأضاف الحرمي: «ما قامت به السعودية لإقناع باقي (أوبك) بعدم تخفيض الإنتاج هو عين الصواب. نحن نتوقع زيادة في العام القادم من خارج (أوبك) وأي تخفيض من داخل (أوبك) يعني ذهاب حصتها إلى هذه الدول وستظل الأسعار تنخفض لأن الإنتاج من خارج (أوبك) سيستمر ولن يتوقف وعندها نكون قد خسرنا حصتنا في السوق بلا فائدة».

وساد اعتقاد كبير عقب اجتماع «أوبك» أن السعودية تسعى لإضعاف بعض المنتجين خارج المنظمة بهدف الحفاظ على حصتها السوقية ولأهداف يراها البعض سياسية لا علاقة لها بالاقتصاد.

لكن مجلس الوزراء السعودي أكد في بيانه أمس أن سياسة المملكة البترولية «تنطلق من أسس اقتصادية، وبما يحقق مصالح المملكة الاقتصادية على المديين القصير والطويل، ومصالح المنتجين والمستهلكين».

وأوضح الحرمي: «هذا البيان مليء بالكلمات القوية التي تمت صياغتها بعناية، بعيدا عن الإنشاء. لأول مرة أسمع دولة في (أوبك) تتكلم عن قرار طويل الأجل. هذا أمر لم نعهده وأتمنى أن تصدر بيانات أخرى من مجالس وزراء دول (أوبك) تتبنى نفس هذا النهج».

وجاء إعلان مجلس الوزراء أمس متماشيا مع موقف قادة مجموعة دول العشرين والتي اتفقت منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في اجتماعها في أستراليا أن تترك مسألة أسعار النفط إلى السوق، بحسب ما أوضحه حينها وزير المالية السعودي إبراهيم العساف.

وأدى تراكم الفائض إلى هبوط الأسعار إلى أدنى مستوى في 4 سنوات قبيل اجتماع «أوبك»، إلا أن الذعر بسبب عدم تخفيض «أوبك» لسقف إنتاجها أرسل أسعار برنت إلى نحو 71 دولارا وخام غرب تكساس إلى نحو 67 دولارا وهو أقل مستوى له في 5 سنوات.

وفي تعليق لـ«الشرق الأوسط» قالت أمريتا سين كبيرة محللي النفط في شركة «إنرجي أسبكتس» للاستشارات والتي تتخذ من لندن مقرا لها: «إن تراجع سعر النفط في السوق كان مبالغا فيه، فالسوق ما زالت مصابة بالذعر، وفور أن نتخطى حالة الفزع، من المرجح أن تستقر أسعار برنت في حدود 65 إلى 80 دولارا للبرميل في المدى القصير».

وعادت المملكة لتختم حديثها في البيان بالتذكير والتنبيه إلى أهمية مقاومة أمر آخر يهدد استقرار السوق البترولية ألا وهو مسألة المضاربة، حيث قال مجلس الوزراء: «وتنبه المملكة إلى مضار المضاربين في السوق وتدعو إلى التعاون لمواجهة هذه الظاهرة».