وزير النفط الإيراني يحذر من بيع عملة بلاده.. ويعد بزيادة الصادرات إذا رفعت العقوبات الغربية

صندوق الثروة السيادي والاتفاقات التجارية وسائل طهران للتغلب على أزمتها الاقتصادية

TT

ألقت قرارات منظمة أوبك بظلالها على العملة الإيرانية، التي شهدت تهافتا مذعورا للبيع على حد قول وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، مما دعاه للتحذير من بيع الريال بعدما أقبل الإيرانيون على البيع لشراء عملات أجنبية.

وارتفع الدولار بنسبة 9 في المائة أمام الريال الإيراني منذ بداية العام ليصل خلال تداولات الأول من ديسمبر (كانون الأول) إلى 27027.3 ريال مقابل 24795.44 ريال في نهاية العام الماضي.

وترى إيران أن الريال تضرر جراء عاملين الأول وهو هبوط النفط العمود الفقري لاقتصاد إيران والثاني احتمال استمرار العقوبات التي تقيد تعاملات إيران التجارية لعدة أشهر مقبلة.

وكانت أوبك قد قررت الخميس الماضي، مد العمل بسقف الإنتاج البالغ 30 مليون برميل يوميا، وهو ما يزيد بمقدار مليون برميل يوميا على الأقل عن تقديرات أوبك نفسها لحجم الطلب على نفطها خلال العام المقبل.

واعتبر وزير النفط الإيراني قرار أوبك بالحفاظ على سقف الإنتاج الحالي غير مفيد لكل الدول الأعضاء، رافضا الاعتراض عليه من أجل الحفاظ على وحدة وتضامن الدول الأعضاء بمنظمة أوبك وذلك حسبما جاء موقع وزارة النفط الإيرانية.

وتحاول إيران الخروج من الأزمة الحالية عن طريق السحب من صندوق الثروة السيادية لسداد مستحقات المقاولين العاملين في مجال النفط، مع إبرام عدد من الاتفاقات السلعية مع روسيا والهند وغيرها من الدول.

ولم تنتظر أسواق النفط لتتفاعل مع قرارات «أوبك» كثيرا، حيث فقدت أسعار العقود الآجلة لخام «ويست تكساس» تسليم يناير (كانون الثاني) عند إقفال يوم الجمعة الماضي بمقدار 7.54 دولار لتغلق عند 66.15 دولار للبرميل، وهو المستوى الأدنى منذ 25 سبتمبر (أيلول) عام 2009.

وسجل الخام الأميركي خسائر في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) بنسبة 18 في المائة، وهي أكبر وتيرة للخسائر في شهر واحد منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2008، بينما سجل خسائر الأسبوع الماضي بنسبة 14 في المائة تقريبا.

وعلى الجانب الآخر، هبطت أسعار العقود الآجلة لخام «برنت» القياسي تسليم يناير عند تسوية يوم الجمعة بنسبة 3.47 في المائة لتغلق عند 70.15 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ 25 مايو (أيار) عام 2010. وانخفض هذا الشهر بنسبة 18 في المائة.

وألقت تلك التراجعات بظلالها على أداء سوق الأسهم الإيرانية حيث فقد مؤشر السوق الرئيسي يوم السبت بعد قرار منظمة أوبك قرابة 831 نقطة منخفضا عن تداولات الأربعاء بنسبة 1.12 في المائة، وخسر المؤشر على مدار العام 15.3 ألف نقطة، حيث أغلق الاثنين في الأول من ديسمبر (كانون الأول) عند 72120.7 نقطة منخفضا عن العام الماضي بنسبة 17.5 في المائة.

ويتجه الاقتصاد الإيراني لدورة من الانكماش الشديد، فبحسب التقرير الأخير الصادر من صندوق النقد الدولي أن العقوبات التجارية والمالية الدولية منذ أوائل عام 2012، تسببت في صدمة للاقتصاد الإيراني.

ومع هذا التراجع بأسعار النفط بالإضافة لمحدودية الاستثمار بسبب العقوبات الموقعة على إيران تأثر الإنتاج، على حد قول صندوق النقد الدولي والذي أشار لحاجتها إلى استثمار أكثر من 500 مليار دولار في قطاع النفط والغاز خلال السنوات الـ15 المقبلة، للحفاظ على إنتاجها وتعزيزه، مضيفا أنه مع ذلك، لا يعكس أداء إيران في مجال إنتاج النفط والغاز، في حالته الراهنة، الإمكانات التي تتمتّع بها البلاد.

وبلغ إنتاج إيران 3.2 مليون برميل يوميا من النفط في العام 2013، منخفضا 6 في المائة عن عام 2012، وهو ما يمثل أدنى مستوى للإنتاج خلال الـ20 عاما الماضية، لتحل بذلك المركز السابع على مستوى العالم، وبلغ إنتاجها أكثر من 6 ملايين برميل يوميا في عام 1974. ومنذ ذلك الحين، تحاول أن يتجاوز الإنتاج 4 ملايين برميل يوميا. وقالت الوكالة الدولية للطاقة إن تراجع سعر البرميل يمثل إشكالا للكثير من الدول المنتجة والتي تحتاج إلى سعر مرتفع لتمويل نفقاتها المتزايدة، محذرة من حساسية الوضع بالنسبة للبلدان التي تحتاج إلى سعر توازن للموازنة أعلى من المعدل العام لسعر النفط الحالي، مما ينعكس سلبيا على الاستقرار الاجتماعي لتلك البلدان وبالتالي التأثير على الإنتاج مستقبلا.

ولاحظت الوكالة أن ميزانية إيران التي تبدأ السنة المالية فيها في مارس (آذار)، تعتمد على برميل يقدر بـ100 دولار، وعليه، فإن تقلبات الأسعار تؤثر على الميزانية العامة للدولة في إيران، مع تسجيل عجز وتراجع للإيرادات النفطية ما بين 8 و10 في المائة استنادا إلى اللجنة البرلمانية للتخطيط والميزانية في إيران. وستلجأ إيران لصندوق الثروة السيادي لمواجهة تأثير انخفاض أسعار النفط العالمية على اقتصادها، حيث قال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه في تصريحات على موقع الوزارة إنه سيقوم بالسحب من صندوق التنمية الوطنية لسداد مستحقات المقاولين العاملين لتلافي تأثير تهاوي إيرادات النفط على تلك المشروعات.

ويمكن لإيران زيادة صادراتها من النفط بواقع نصف مليون برميل إذا تم رفع العقوبات الغربية عن إيران، بحسب تصريحات وزير النفط، حيث تصدر طهران حاليا قرابة 1.3 مليون برميل نفط يوميا، وتستطيع ضخ 4 ملايين برميل يوميا في أقل من 3 أشهر بعد إلغاء العقوبات.

وتحاول إيران الخروج من أزمة العقوبات عن طريق عدد من الاتفاقيات تلتف بها على العقوبات المالية الغربية منها على سبيل المثال استيراد الصلب من مجموعة «إيسار» الهندية مقابل إيرادات النفط المجمدة بسبب العقوبات الغربية، حيث طلبت «إيسار» من الحكومة الهندية إعفاءها من دفع حصتها من المستحقات النفطية لإيران وتعويضها من اتفاق بقيمة 2.5 مليار دولار لتوريد ألواح الصلب لوحدة تابعة للشركة الإيرانية.

وفي نفس السياق، قال وزير الاقتصاد الروسي أليكسي أوليوكاييف في تصريحات صحافية إن روسيا تأمل في التوصل إلى اتفاق لتزويد إيران بالحبوب والمعدات الصناعية في المستقبل القريب.

وبحسب رويترز، فإن موسكو وطهران تبحثان إبرام اتفاق مقايضة تشتري موسكو بمقتضاه ما يصل إلى 500 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني في مقابل معدات وبضائع روسية من ضمنها الحبوب، وقد تصل الصفقة إلى 20 مليار دولار.

* الوحدة الاقتصادية