مباحثات بوتين وإردوغان تكشف عن تباين المواقف حول سوريا

توقيع عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات النوايا في مجال الطاقة

الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين يستعرضان حرس الشرف أمام القصر الرئاسي بأنقرة أمس (إ.ب.أ)
TT

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان محادثات في أنقرة أمس مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تهدف إلى دعم التجارة بين البلدين وتعزيز العلاقات بينهما رغم الخلافات حول سوريا وأوكرانيا.

واستقبل إردوغان بوتين في مستهل زيارته الرسمية التي تستغرق يوما واحدا عند بوابة قصره الرئاسي المثير للجدل بسبب ارتفاع تكلفته في أنقرة. وبهذا يكون بوتين الشخصية العالمية الثانية التي يستقبلها إردوغان في هذا القصر بعد البابا فرنسيس الذي زار القصر الجمعة الماضي.

وأعلنت المصادر الرسمية الروسية عن تباين مواقف موسكو وأنقرة تجاه عدد من القضايا الدولية والإقليمية، وإن أكدت أن ذلك لا يحول دون استمرار التعاون الثنائي بين البلدين. وكشفت المصادر الروسية عن أن المباحثات بين بوتين وإردوغان طالت أكثر من الوقت المخصص لها، موضحة أن اللقاء الانفرادي بينهما طال لما يقرب من 3 ساعات أي بمقدار 3 أضعاف الوقت الذي كان مخصصا لهذا اللقاء.

وكان يوري أوشاكوف مساعد الرئيس بوتين للشؤون الخارجية استبق مباحثات أمس بتأكيد أن اللقاء سيتناول بالدرجة الأولى القضايا الدولية ولا سيما الأوضاع حول سوريا. وقالت وكالة «إيتار تاس» إن الجانبين تناولا في معرض المباحثات الموسعة في إطار الدورة الخامسة للمجلس الأعلى للتعاون بين البلدين، قضايا إمداد تركيا بالغاز وبناء محطات الطاقة، والتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، والتحول إلى العملتين الوطنيتين في التعامل التجاري بين تركيا وروسيا، والتعاون الحقوقي وتبادل تسليم المجرمين.

وأشارت الوكالة إلى أن الجانب التركي طلب الحصول على تخفيضات في أسعار الغاز إلى جانب بحث قضايا التسهيلات الضريبية، واستمرار التعاون في مجال السياحة والثقافة.

وفي معرض المؤتمر الصحافي الذي عقده الزعيمان في ختام المباحثات وفي أعقاب التوقيع على الوثائق المشتركة، كشف إردوغان عن اهتمام بلاده بزيارة نظيره الروسي، مؤكدا ارتياحه لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين حتى ما يزيد على 30 مليار دولار، وأعرب عن الأمل في رفع هذا الرقم حتى مائة مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة. وقال إردوغان إن المباحثات مع نظيره الروسي تناولت الموقف من التنظيمات الإرهابية والأوضاع في سوريا والعراق، وكذلك الموقف من «تتار القرم». وقال إن الجانب الروسي أبدى تفهما لقضايا تتار القرم والاهتمام بحقوقهم وقضاياهم الوطنية. وقال إن المباحثات تطرقت أيضا إلى بحث مجريات الأزمة الأوكرانية، مشيرا إلى الموقف المشترك من ضرورة حلها في إطار القانون الدولي وتنفيذ اتفاقيات مينسك.

من جانبه، قال الرئيس بوتين إن تركيا من أهم الشركاء التجاريين لروسيا، وإن روسيا تشغل المرتبة الثانية في قائمة الشركاء التجاريين لتركيا بعد ألمانيا، مشيرا إلى زيادة الاستثمارات المشتركة والتعاون في مجال الطاقة، وفي بناء خطوط أنابيب «السيل الأزرق»، و«السيل الجنوبي» في قاع البحر الأسود، وإن أشار إلى وجود المشاكل من جانب بلغاريا التي لم تعلن موافقتها بعد، على بعض جوانب المشروع. وأشار بوتين إلى عدم استقلالية القرار البلغاري وانصياعها لضغط الاتحاد الأوروبي. ولفت إلى التعاون بين روسيا وتركيا في مجال بناء المحطات النووية وإعداد الكوادر العلمية في هذا المجال، إلى جانب مساهمات الشركات التركية في مجال البناء وتشييد المنشآت الأولمبية. وقال إن السياحة الروسية تشغل المرتبة الأولى في قائمة شركاء تركيا السياحيين، مشيرا إلى أن عدد السائحين الروس يزيد على الـ4 ملايين ونصف المليون سائح وردا على سؤال حول الأوضاع في سوريا وتباين المواقف تجاه هذه القضية، قال الرئيس التركي إن المباحثات تمتد لـ4 سنوات حول هذه القضية، واتهم القيادة السورية بتدمير مواطنيها، وأن بوتين كشف عن رأي مغاير، وأن الجانبين لم يستطيعا التوصل إلى اتفاق حول سبل حل هذه المشكلة. وحول تنظيم داعش، أشار إردوغان إلى أن البلدين يتفقان حول التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، واتهم النظام السوري بدعم وتأييد «داعش»، داعيا إلى ضرورة التعاون بين روسيا وتركيا وكذلك إيران لمواجهة هذه الأخطار. وقال إنه من غير الصحيح تأييد نظام الأسد. وأضاف أن نظام الأسد بالتحديد هو المسؤول عن تدمير سوريا، وإلحاق الدمار بالآثار التاريخية، وتشريد ما يزيد على 7 ملايين سوري لجأت أعداد كبيرة منهم إلى تركيا. وأضاف أن نحو 140 بلدا في العالم يؤيدون المعارضة السورية ويجب على الجميع التعاون في اختيار قيادة جديدة لسوريا.

وأعرب بوتين عن اتفاقه مع نظيره التركي على أن الوضع في سوريا غير طبيعي، إلى جانب اتفاق الجانبين أيضا حول عدم جواز استمرار إثارة الفوضى والدمار في سوريا. وأكد الرئيس الروسي ضرورة الحيلولة دون تحول الأوضاع في سوريا على غرار ما شهده ويشهده العراق. ودعا بوتين إلى ضرورة تمتع كل مواطني سوريا بالحقوق المتكافئة بما يكفل التوصل إلى الحل المقبول لكل المواطنين، مؤكدا أن الجانبين سيواصلان العمل والتعاون من أجل تحقيق ذلك. وحول مدى تمتع الأسد بدعم موسكو، قال الرئيس بوتين «إن هذا الموضوع يخص الشعب السوري. وقد أكدت الانتخابات في سوريا أن الأسد يتمتع بقدر كبير من تأييد الشعب السوري وذلك أمر يخص الشعب السوري ونحن لا نتدخل في خيار الشعب لقيادته». وهنا سارع الرئيس التركي إلى التدخل ثانية ليقول: «إن كل من يقوم بالانقلاب يستطيع فرض الأجواء التي تتيح له الفوز بأغلبية كبيرة تصل حتى 90 في المائة. وقد حدث عندنا أيضا شيء مماثل».

وكانت المباحثات الروسية التركية أسفرت عن توقيع عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات النوايا بين «غازبروم» الروسية ونظيرتها التركية، ومؤسسات الطاقة الكهربائية والنووية حول التعاون في مجال الطاقة وإعداد وتدريب الكوادر.