بوادر حلحلة لخلافات الائتلاف السوري بموازاة اجتماعات مكثفة بين مكوناته السياسية

توقعات بأن تحل النقاط الخلافية وتشكل الحكومة المؤقتة خلال يومين

TT

قالت مصادر في الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن بوادر حلحلة لأزمة تشكيل الحكومة بدأت تظهر بعد اجتماعات جانبية عقدت بين ممثلين عن «الكتلة الديمقراطية» التي ينتمي إليها رئيس الائتلاف هادي البحرة، وبين الكتلة التي يرأسها المعارض السوري ميشال كيلو وتدعم رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة، بهدف التوصل إلى تسوية للأزمة الممتدة منذ مطلع الأسبوع الماضي.

وأكدت المصادر أن اجتماعات مكثفة «تُعقد في إسطنبول بين ممثلي الكتل بهدف وضع خطة واضحة للتوافق على قضية الحكومة المنتخبة» التي اتخذ رئيس الائتلاف الأسبوع الماضي قرارا بتجميدها، وتكليف رئيسها بتصريف الأعمال وفق التشكيلة الوزارية السابقة، إضافة إلى «التوافق على قضية المجلس العسكري» التي فجرت الخلافات في الاجتماعات الأخيرة للهيئة العامة للائتلاف. وأشارت المصادر إلى أن هذه الاجتماعات «دفعت إلى إرجاء تحديد موعد الاجتماع الطارئ للهيئة العامة للائتلاف» التي كان البحرة، حددها غدا الأربعاء، ضمن القرار الذي اتخذه لإلغاء نتائج تصويت حصلت في وقت متأخر من ليل الأحد - الاثنين على التشكيلة الحكومية التي قدمها طعمة لأعضاء الائتلاف.

وقال رئيس «الكتلة الديمقراطية» فايز سارة لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماعات يشارك فيها ممثلون عن الكتل الرئيسية في الائتلاف للبحث في التفاصيل وإيجاد ومعالجات للمسائل العالقة، مشددا على أن «الأجواء إيجابية»، إذ «تبذل جهود في هذا الإطار، كما تُبنى توافقات للتوصل إلى حلول»، معربا عن اعتقاده أن الحلول «ستتحقق خلال يومين ونتوصل إلى اتفاق على القضايا محل الاختلاف مثل النظام الداخلي والمالي وتشكيل الائتلاف الوطني ومعالجة وحدة تنسيق الدعم، إضافة إلى التوافق حول الحكومة قضية المجلس العسكري».

وكانت الأزمة بدأت خلال اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف التي انعقدت في إسطنبول في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأصدر البحرة قراره في ظل الخلافات على انتخاب الحكومة السورية المؤقتة بإلغاء نتائج التصويت على التشكيلة الحكومية التي قدمها طعمة لأعضاء الائتلاف. لكن المكتب القانوني في الائتلاف، اعتبر أن نتائج التصويت قانونية وتستوجب الاعتراف بها. وفي ظل عزم رئيس الحكومة على المضي في التشكيلة الحكومية، أتبع البحرة قراره الأول بقرار آخر في 26 أكتوبر، قضى بتسيير الأعمال الحكومية وفق التشكيلة الحكومية السابقة، ما يعني «تجميد وضع الحكومة المنتخبة إلى حين التوصل إلى حل بشأنها».

بدوره، أرجع سارة الخلافات إلى إطارها «السياسي» حول «طريقة الوصول إلى الأهداف المشتركة، وهي طبيعية في واقع أي تحالف أو حزب أو مؤسسة»، مشيرا إلى «إننا نعمل على أن تكون وجهات النظر متوافقة وليس متطابقة خصوصا في وضع القضية السياسية من صعوبات إقليمية انحسار الدعم الدولي والانعكاسات على الوضع الداخلي». وقال: «الآن لا نملك إمكانات المواجهة، ففي الأشهر الـ6 الأخيرة لم نتلق مساعدة من أي طرف إقليمي أو دولي في ظل زيادة الكوارث والمسؤوليات أمام الحكومة، وهذا ينعكس سلبيا على الناس». وأشار إلى أن جزءا من المشكلة «ليس في الائتلاف أو الحكومة المؤقتة، بل في البيئة المحلية نتيجة سياسات النظام والتطرف والجماعات الإرهابية والتدخلات الخارجية التي تأخذ منحى سلبيا في الموضوع السوري مثل تدخل إيران وحزب الله، أو تدخلات يمكن القول إنها من أشخاص يقوّون طرفا ضد طرف ويفتحون الباب أمام مشاكل المعارضة في قضايا كثيرة، بينها التشكيلات العسكرية». ورأى أن «هذه التدخلات يجب أن تخف لأننا لا نقبل أن تكون هناك تدخلات»، مطالبا بتقديم الدعم للسوريين «الذين يعيشون في أعماق الكارثة كشعب وكيان».

وتركت تلك الخلافات انطباعات عن خلافات كبيرة لدى مكونات الائتلاف تهدد وحدته، إذ انقسمت الكتل بين معارضة لقرارات البحرة، ومؤيدة لها، ومتحفظة عليها. وذهب آخرون إلى اعتبار الأزمة مرتبطة بجهود آيلة إلى «تقليص نفوذ الإخوان في المعارضة السورية».

وقال عضو الائتلاف هشام مروة، الذي يعد من الوسطيين في الائتلاف، إن مسألة هيمنة الإخوان «تضخيم للخلافات، ودعاية كبرى ولا محل لها في الأزمة»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الكتلة الديمقراطية» كانت متحالفة مع الإخوان، قبل أن يُفض التحالف إثر ترشيح المعارض السوري ميشال كيلو ومعه الإخوان لعضو الائتلاف موفق النيربية لرئاسة الائتلاف في الانتخابات الماضية، في مقابل البحرة.

ونفى مروة أن يكون الإخوان يسيطرون على الائتلاف، مشيرا إلى «إننا كمستقلين لا نرضى أن يتحكم أحد بالائتلاف، لا الإخوان ولا غيرهم». وأضاف: «رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة كان أمين سر إعلان دمشق وهو مناضل سوري ومعتقل سابق، وعلى هذا الأساس تم دعمه في رئاسة الحكومة، لذلك لا يمكن احتسابه على الإخوان، بل تم تأييده لشخصيته وتاريخه النضالي». وإذ أشار إلى حلحلة يجري العمل عليها لتخطي المشاكل والعقبات، أعرب عن أمنيته أن «تبتعد عن الاختلافات، ونواجه العقبة الرئيسية وهي كيف نؤمن الدعم لأهلنا ولأولادنا وشعبنا في الداخل».