الرئاسات الـ3 في العراق تدق ناقوس الخطر.. وتدعو إلى ترشيد الإنفاق الحكومي

مستشار العبادي الاقتصادي لـ («الشرق الأوسط») : هناك هدر ومشاريع وهمية بالمليارات

TT

في اجتماع مطول استمر حتى ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية عقدته الرئاسات الـ3 في قصر السلام ببغداد وترأسه الرئيس العراقي فؤاد معصوم بحضور رئيسي الوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري ونوابهم، أعربت الرئاسات الـ3 (الجمهورية والوزراء والبرلمان) عن قلقها من الانخفاض المستمر في أسعار النفط وهو ما يتطلب ضغطا فعليا في عمليات الإنفاق الحكومي وترشيد الاستهلاك.

وجاء في بيان صدر عن الرئاسة العراقية أمس أن المجتمعين ناقشوا «البرنامج الحكومي في ظل الظروف الاقتصادية والمالية التي تواجه البلد جرّاء تراجع أسعار النفط وكذلك في ظل مواصلة الحرب ضد عصابات (داعش) خلال الأشهر الـ3 التي مضت حتى الآن على تشكيل الحكومة». وأضاف البيان «وأكد الاجتماع على ضرورة العمل من أجل تجاوز الأزمة المالية الراهنة من خلال برنامج خاص تضعه الحكومة وعبر عدد من الإجراءات التي من بينها ضغط الإنفاق الحكومي».

وأوضح البيان أنه «على الصعيد الأمني والعسكري ثمّن المجتمعون دور القوات العسكرية والأمنية والحشد الشعبي والبيشمركة والعشائر في مقاتلة (داعش)، وأكدوا ضرورة منع التجاوزات التي قد تحصل من بعض المندسين ضد مواطنين مدنيين أبرياء والعمل على إيقافها، وأكدت الحكومة التزامها بمحاربة مثل هذه التجاوزات والقضاء عليها». وأشار إلى أن «الاجتماع اطلع على ما تم إنجازه من نقاط وثيقة الاتفاق السياسي واتفق المجتمعون على أهمية متابعة مواصلة التقدم الحاصل وضمن السقوف الزمنية المحددة، حيث جرى التأكيد على ضرورة التعاون بين الحكومة ومجلس النواب والقوى السياسية من أجل إتمام العمل بما مطلوب في هذا المجال».

وكان رئيس الوزراء أبلغ أول من أمس أعضاء البرلمان العراقي في جلسة مفتوحة بأن تراجع أسعار النفط أرغم العراق على إلغاء مسودة ميزانية 2015 التي كان ينوي تقديمها إلى البرلمان في اليوم نفسه. وكانت الموازنة تستند إلى توقعات بأن سعر النفط 70 دولارا لكن الأسعار تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ 4 أعوام بعد قرار الدول الأعضاء في أوبك عدم خفض الإنتاج. وأكد العبادي خلال مداخلته في البرلمان أن سعر البرميل نزل إلى 64 والفرق البسيط هذا ربما يبدو فرقا بسيطا لكن الموازنة في الأصل كانت مبنية على أساس جدا ضيق ومع هذا الهبوط أصبح غير ممكن عرض الموازنة بهذا الشكل. وأوضح العبادي أن تراجع أسعار النقط والذي اقترن بتعطيل الإنتاج في كركوك هذا العام كان له تأثيره المدمر على الإيرادات في وقت تواجه فيه الحكومة تكاليف ضخمة في قتال تنظيم داعش الذي يسيطر على أجزاء واسعة من البلاد.

وفي هذا السياق أكد الدكتور مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي كشفتها عملية الهبوط السريع لأسعار النفط وبدء المراجعة الحقيقية للحكومة لمختلف أوجه الإنفاق هي أن هناك في الجوانب التشغيلية عمليات إنفاق ما أنزل الله بها من سلطان متمثلة بالكثير من المفردات من شراء سيارات إلى نثريات زائدة عن الحاجة إلى سفريات إلى أمور كثيرة لها بل أستطيع القول إنها توقف العقل لكثرة ما تحتويه من هدر مالي».

وأضاف صالح أن «الأولوية الأولى الآن هي إعادة النظر في مثل هذه المصروفات كما يتطلب الأمر التصدي للنفقات الزائدة في ميادين مختلفة الأمر الذي من شأنه أن يوفر مبالغ كبيرة وبمليارات الدولارات»، مؤكدا أنه «كلما تهاوت أسعار النفط فإن الأولويات تتغير لكن تبقى هناك أولويات تبقى هي الأهم وهي الأمن والدفاع ورواتب الموظفين».

وكشف صالح عن «إيقاف المئات من المشاريع الوهمية والكاذبة التي خصصت لها أموال بينما هي إما غير صحيحة أو لا تتطابق مع واقع الحال وعلى سبيل المثال فإن إحدى المحافظات تروم بناء أكبر ملعب لكرة القدم في الشرق الأوسط بينما لا يوجد فريق واحد لكرة القدم في هذه المحافظة». وأوضح صالح أن «الجانب الأهم هنا هو إعادة تأهيل النفقات العامة حتى نتفادى الضخ المالي ونرفع كفاءة النفقات بشكل صحيح مع تحديد الأولويات وقطع دابر أي نفقات ليست ضرورية».