أمين عام «الناتو»: حان الوقت ليتحمل الأفغان مسؤولية بلادهم الأمنية

أسبوع دبلوماسي حافل لقيادة كابل بين بروكسل ولندن

أمين عام حلف الناتو يتوسط أشرف غني وعبد الله عبد الله بمقر الحلف في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي كانت تتأهب أغلب القوات الأجنبية للرحيل عن أفغانستان نهاية العام الحالي، بعد حرب استمرت 13 عاما ضد حركة طالبان، يستعد الرئيس الأفغاني الجديد أشرف غني لبدء فصل جديد من المباحثات والتعاون الأمني مع حلف شمال الأطلسي «الناتو»، والتي تهدف لمساعدة وتدريب القوات الأمنية الأفغانية لما بعد عام 2015، وفق الاتفاقيات التي وقعتها القيادة الأفغانية الجديدة مع كل من الحلف والولايات المتحدة.

وصرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبيرغ أمس بأن هجمات طالبان في أفغانستان ستتواصل حتى خلال العام المقبل بعد انسحاب القوات الأطلسية القتالية. وقال ستولتنبيرغ في مؤتمر صحافي ببروكسل «سيكون هناك هجمات عنيفة بما في ذلك العام المقبل لكن القوات الأمنية الوطنية الأفغانية قادرة (على مواجهتها) وقد آن الأوان ليتحمل الأفغان المسؤولية الأمنية».

ويتنامى القلق في أفغانستان بسبب سلسلة هجمات نفذها المتمردون الطالبان في الأيام الأخيرة، واستهدفت تحديدا مصالح أجنبية في كابل. وأسفر هجوم انتحاري جديد أمس عن سقوط 9 قتلى أثناء مجلس عزاء في ولاية بغلان بشمال أفغانستان.

واعتبر ستولتنبيرغ أن الطالبان لا يزالون قادرين على شن هجمات إرهابية كبيرة لكنهم أقل قدرة على الاستيلاء على أراض ثم الاستمرار بالإمساك بها، لافتا إلى أن «الهجمات تحصل الآن لأنه أسبوع مهم بالنسبة لأفغانستان».

وكان من المرتقب أن يلتقي الرئيس الأفعاني الذي يرافقه رئيس وزرائه عبد الله عبد الله، بالأمين العام لحلف الأطلسي وكبار مسؤولي «الناتو» مساء أمس بمقر الحلف في بروكسل، في أول زيارة للمسؤولين الأفغانيين إلى بروكسل منذ توليهما منصبيهما في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتأتي هذه الزيارة عشية اجتماع وزراء خارجية الحلف في بروكسل يوم الثلاثاء لبحث عدة مسائل دولية وإقليمية في مقدمتها الوضع في أوكرانيا وأفغانستان ودعم التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، وقبل 4 أسابيع من إنهاء الحلف مهمة قوات الأمن الدولية «إيساف» في أفغانستان في آخر ديسمبر (كانون الأول) القادم.

ومن المقرر أن يتوجه القادة الأفغان إلى بريطانيا يوم الخميس القادم لحضور «مؤتمر لندن» للمانحين، ضمن جولة أوروبية لعرض مشاريعهم الإصلاحية من أجل تحفيز الاقتصاد واستشراق المستقبل وتعزيز فرص عودة السلام.

من جهته، اعتبر سفير بريطانيا في أفغانستان ريتشارد ستيغ في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية أن مؤتمر لندن يشكل فرصة مهمة للحكومة الأفغانية من أجل تحديد خططها للإصلاح وللأسرة الدولية من أجل إعادة التأكيد على شراكتنا الطويلة الأمد مع أفغانستان».

ويفترض أن ترحل القوات القتالية للحلف الأطلسي بحلول 31 ديسمبر الحالي، على أن توكل المهمة الجديدة للحلف والتي أطلق عليها اسم «الدعم الحازم» المساعدة على تشكيل الجيش الأفغاني.

وسيبقى 12500 جندي تقريبا، من بينهم 9800 أميركي، بعد أن كان عدد قوات الأطلسي في 2010 يقارب 130 ألف عنصر في أفغانستان.

وتولت قوات الأمن الأفغانية القسم الأكبر من المهام القتالية لكن لا يزال ينقصها التدريب والمعدات كما أنها تعرضت لخسائر كبيرة في الأشهر الماضية مع مقتل أكثر من 4600 جندي وشرطي في معارك هذا العام، بحسب إحصائيات وزارة الدفاع الأميركية.

وكانت الولايات المتحدة التي تمثل وحداتها الجانب الأكبر من قوات حلف الأطلسي في أفغانستان قد أغدقت 61 مليار دولار على برامج لتدريب قوات الأمن التي يبلغ قوامها 350 ألف جندي باعتبارها أساس خطة للانسحاب من أطول حرب شهدتها البلاد.

وفي الآونة الأخيرة قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما إفساح المجال أمام بضعة آلاف من الجنود الأميركيين للبقاء بعد عام 2014 في إطار قوة من حلف شمال الأطلسي قوامها 12 ألف جندي للاشتباك مع طالبان إذا اقتضى الأمر.

وتصور الحوادث التي وقعت في الأيام الأخيرة مدى الصعوبات التي ستواجهها القوات الأفغانية مع تقلص الدعم الغربي خاصة من الجو مهما حققت من تقدم.

كما أنها تؤكد مدى هشاشة الاستقرار في أفغانستان حيث يسعى الغرب لمنع حركة طالبان الإسلامية المتشددة من العودة إلى الحكم بعد 13 عاما من الإطاحة بها لإيوائها تنظيم القاعدة.

وعندما هاجم مسلحون بيت ضيافة أجنبيا في وسط كابل الخميس الماضي قتل رجال الكوماندوز الأفغان المهاجمين. لكن طائرات هليكوبتر تابعة للقوات الدولية وقوات خاصة ساعدت في عملية التمشيط التي استمرت لساعات. كما دخل مقاتلو طالبان معسكر الحصن، القاعدة الكبيرة في إقليم هلمند الجنوبي سلمتها الشهر الماضي للقوات الأفغانية القوات الأميركية والبريطانية المنسحبة. واستغرق إخراج المتمردين من القاعدة 3 أيام من القتال.

وذكر ستولتنبيرغ أمس أن جنود الجيش الوطني الأفغاني البالغ عددهم 350 ألفا هم في الواقع مسؤولون عن الأمن في البلاد منذ أشهر عدة (...) وقد وقعت هجمات وأيضا ضحايا لكن في الوقت نفسه رأينا قوات وطنية أفغانية قوية ومقتدرة، مضيفا «أنني على يقين بأنها ستكون مقتدرة».

ونقلت وكالة «رويترز» عن الجنرال جون كامبل قائد القوات الدولية في أفغانستان قوله، إن «الولايات المتحدة ستقدم دعما جويا محدودا العام المقبل وطائرات جديدة للسماح للقوات الجوية الأفغانية بمهاجمة العدو وإخلاء الجرحى. لكن ذلك يستغرق وقتا». وقال الميجر جنرال جون مكمالين المسؤول عن تطوير القدرات الجوية الأفغانية إن 3 أو 4 أعوام على الأقل ستمر قبل أن يمكن لقوة جوية محلية أن تحل محل الطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر الأميركية.

من ناحية أخرى بدأت الخسائر ترتفع في صفوف المدنيين إذ قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 1500 أفغاني لقوا مصرعهم في الأشهر الـ6 الأولى من العام الحالي بزيادة 17 في المائة عن النصف الأول من العام الماضي.

ولقي ما يقرب من 3500 جندي أجنبي مصرعهم منذ عام 2001 منهم نحو 2200 أميركي. ويقول التحالف إن «هجمات المتمردين تراجعت هذا العام رغم أن العدد الذي ذكره أندرسون وهو 18 ألفا يعني أن أكثر من 50 هجوما يحدث كل يوم».