المعارضة السورية المسلحة المعتدلة تنتظر الدعم.. والبنتاغون لم يحسم أمره

التدريبات التي تلقاها «جيش المجاهدين» انعكست على أدائه ضد «داعش» والنظام

TT

قال عبد العزيز، أحد قادة كتائب المعارضة السورية المسلحة، إن التدريب العسكري الأميركي لرجاله ساعدهم على قتل 15 مقاتلا متشددا على الأقل من تنظيم داعش، في معركة جرت أخيرا على مقربة من مدينة حلب بشمال البلاد، مشيرا إلى أن مواجهة مماثلة قبل ثلاثة أشهر اتخذت منحى عكسيا وانتهت بمقتل اثنين من رجاله.

غير أن جيش المجاهدين الذي يقوده عبد العزيز لا يعرف بعد ما إذا كان سيرسل المزيد من أفراده لتلقي التدريب العسكري أم لا، إذ تحيط الشكوك بخطط توسيع نطاق المساعدات للمعارضين «المعتدلين» الذين تأمل الولايات المتحدة أن يخوضوا القتال ضد تنظيم داعش.

وشكل خمسون مقاتلا أول مجموعة من «جيش المجاهدين» تحضر الدورة التدريبية العسكرية بقطر، في إطار برنامج سري لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، بغية تقديم الدعم العسكري لمجموعات مسلحة منتقاة بعناية من المعارضة السورية المسلحة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقال عبد العزيز (32 عاما)، الذي كشف فقط عن اسمه الأول، لـ«رويترز»، في وصف معارك استمرت يوما كاملا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إنهم شعروا بالفرق أثناء سير المعارك، وكذلك مقاتلو التنظيم، مشيرا إلى أنه أدرك هذا الأمر عندما اختار خصومهم الانسحاب هذه المرة. وأضاف أن أسلوب قتال العناصر الخمسين الذين شاركوا في الدورة التدريبية شهد تحسنا.

وشملت الدورة التدريبية التي استمرت شهرا كاملا في سبتمبر (أيلول) الماضي التدريب على كيفية إطلاق القذائف الصاروخية واستخدام الرشاشات الثقيلة والصواريخ الأميركية الصنع المضادة للدروع، بالإضافة إلى أساليب القتال. كما خضع المقاتلون لمقابلات تهدف في جزء منها إلى تلمس أي ميول متطرفة لديهم. وقال عبد العزيز في مكتب «جيش المجاهدين» في مدينة غازي عنتاب جنوب شرقي تركيا التي تبعد مسافة قصيرة عن الحدود مع سوريا، إن مجموعة الخمسين عادت من التدريب كتيبة موحدة يشعر أفرادها بأنهم على الأقل مقاتلون حقيقيون وأن معنوياتهم باتت أعلى. لكن على الرغم من فوائد الدعم العسكري لـ«جيش المجاهدين»، فإنه لا يزال بعيدا عن تلبية حاجة المجموعة للتقدم في جبهات القتال، حيث تفوقه القوات الحكومية ومقاتلو «داعش» تسليحا. ونقل المقاتلون في «جيش المجاهدين» معهم لدى عودتهم صواريخ «تاو» المضادة للدروع، وهي السمة المميزة للمجموعات المسلحة التي انتقتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية للمشاركة في برنامج تدريبي أطلقته قبل عام، لكنهم كما المجموعات الأخرى التي شاركت في البرنامج يقولون إن الدعم غير كاف. وقال عبد العزيز إن الرسالة التي يريد أن يبعث بها هي ضرورة دعم المقاتلين بشكل مناسب عبر تزويدهم بالذخيرة ودفع مرتباتهم. وأضاف أنه إذا حصل المقاتلون على الدعم كما ينبغي فلن يحتاج الغرب للمقاتلات، في إشارة منه إلى الغارات التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا. وتعزو المجموعات الرئيسية في المعارضة السورية المسلحة المعتدلة نجاح تنظيمات متشددة مثل «داعش» في الهيمنة على الوضع الميداني بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من الحرب إلى فشل الولايات المتحدة وحلفائها في دعمهم كما ينبغي. وتكبدت هذه المجموعات المنضوية ضمن إطار فضفاض معروف بـ«الجيش السوري الحر» خسائر كبيرة أثناء قتالها القوات الحكومية والجماعات الجهادية المتشددة. ويعتبر «جيش المجاهدين» واحدا من أكبر مجموعات المعارضة السورية المسلحة الرئيسية الموجودة في شمال سوري، ويقول إن نحو ستة آلاف مقاتل ينضوون تحت رايته. لكن بعد أكثر من شهرين من بدء التحالف بقيادة واشنطن غاراته الجوية على تنظيم داعش في سوريا، لا تعرف المجموعات المسلحة من المعارضة المعتدلة ما إذا كانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ستختارها لتكون جزءا من خطط التدريب الجديدة التي تعدها أم لا. ويقول الجيش الأميركي إن استعادة شرق البلاد من التنظيم تحتاج لقوة تتراوح بين 12 ألفا و15 ألف مقاتل من المعارضة السورية المعتدلة.

وقال متحدث باسم البنتاغون في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن هناك تقدما في وضع برنامج التدريب وتحضير الموقع وتأمين المدربين من الولايات المتحدة وغيرها من الدول. غير أن عملية التدقيق في المجموعات التي ستشارك في البرنامج لم تبدأ بعد، مما يعني أنها قد تستغرق عدة شهور أخرى. ويدار البرنامج الجديد بشكل منفصل عن برنامج وكالة المخابرات المركزية الأميركية الذي سبق له اختيار وتدريب عدد من المجموعات. ورفضت الوكالة التعليق على هذا البرنامج.

وتقدم عدة دول غربية وعربية معادية للأسد لمجموعات المعارضة المعتدلة التي لا تتبع النهج الجهادي ما يصفه مقاتلوها بـ«مساعدات عسكرية ومالية صغيرة». وأشارت هذه المجموعات إلى أن أفرادها خضعوا لعملية التدقيق التي تسبق التدريب. وقال عبد العزيز واصفا الأحاديث التي خاضها مع المدربين الأميركيين في قطر إنهم سألوا عن حياة المقاتلين وأماكن عملهم السابقة وكل شيء عن حياتهم. وأضاف أن المدربين يحاولون من خلال هذه الأسئلة أن يفهموا عقلية هؤلاء الشبان. وأشار إلى أنهم قالوا للمدربين إنهم ينظرون إلى الإسلام وكأنه يتمثل فقط في تنظيم داعش، وأكدوا لهم أن التنظيم لا يمثل الإسلام وإلا ما كانوا ليقاتلوه. لكن السؤال الأكبر الذي يشغل بال المعارضة المعتدلة حاليا، هو ما إذا كان الأميركيون سيختارونهم ليكونوا جزءا من البرنامج الجديد، أو سيلقون الدعم عبر القنوات الموجودة أصلا، أم لا. وفي هذا الشأن، قال أحد أفراد المكتب السياسي لـ«جيش المجاهدين» إنهم لا يعرفون شيئا على الإطلاق عن هذا الموضوع. وتساءل عما إذا كان الأميركيون سينهون عملية التحري عن المرشحين للتدريب من بين مقاتلي «جيش المجاهدين»، أم سيتبعون برنامج تدقيق جديدا، مشيرا إلى أن المسألة يحيطها الكثير من الغموض.