بغداد وأربيل تتخطيان عقدة النفط.. وتشكيل لجان عمل مشتركة لحل القضايا العالقة

الإقليم يسلم 250 ألف برميل من نفطه يوميا للحكومة مقابل 17 % من الموازنة العامة وتخصيصات للبيشمركة

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لاجتماع مجلس الوزراء برئاسة حيدر العبادي أمس
TT

بعد 4 جولات من المباحثات المكثفة بين وفدي حكومة إقليم كردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة الإقليم، والحكومة المركزية برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي توصل الطرفان إلى حل للإشكال النفطي أعلن عنه أمس. وفيما بدا أن هناك خلافات برزت في اللحظة الأخيرة بين الجانبين وهو ما أدى إلى احتمال عودة الوفد الكردي إلى أربيل للتشاور فقد تم التوصل إلى الاتفاق الذي سبق أن أبرمه في أربيل بشكل أولي وزير النفط الاتحادي عادل عبد المهدي.

وأقر مجلس الوزراء العراقي في جلسته المنعقدة أمس الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل. وجاء بيان لمكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي أن المجلس قرر الموافقة على الاتفاق «الذي ينص على أن النفط العراقي هو ملك لكل العراقيين، وأن يقوم إقليم كردستان بتسليم ما لا يقل عن 250 ألف برميل نفط يوميا إلى الحكومة الاتحادية لغرض التصدير». وأضاف البيان: «كما يتضمن الاتفاق تصدير 300 ألف برميل يوميا من قبل الحكومة الاتحادية من حقول محافظة كركوك عبر خط أنبوب النفط في إقليم كردستان». وأشار البيان إلى أن «الاتفاق أيضا على تخصيص نسبة من تخصيصات القوات البرية الاتحادية للجيش العراقي إلى قوات البيشمركة حسب النسبة السكانية باعتبارها جزءا من المنظومة الأمنية العراقية».

ورحب رئيس حكومة إقليم كردستان بالتسوية وعدها «بداية جيدة»، مستدركا بالقول: «لكنها ليست نهائية لأن هناك مجموعة مشكلات يجب الاتفاق حولها، لكننا نثمن الاتفاق اليوم، ونريد خلال 6 أشهر الوصول إلى نتائج جيدة». وبشأن تخصيص أموال لقوات البيشمركة، لفت نيجيرفان بارزاني إلى أن العبادي «ثمن دور البيشمركة ونضالهم ووافق على وضع نحو تريليون و200 مليار دينار لقوات البيشمركة»، مبينا أن رئيس الحكومة الاتحادية «عدّ البيشمركة من المنظومة الدفاعية للعراق وسيضعون نسبة من موازنة الدفاع للبيشمركة».

على الصعيد نفسه، أكد وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي الذي يعد مهندس هذا الاتفاق، أنه سيتم تشكيل لجان مشتركة بين حكومتي بغداد وأربيل. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس عقده عقب جلسة مجلس الوزراء، إن «اللقاءات ستستمر بين حكومتي بغداد وأربيل وتشكيل لجان مشتركة لوضع آليات في سبيل تأسيس علاقة صحيحة تستند إلى الدستور وفق مبدأ الشراكة والعدالة».

وقوبل الاتفاق بالترحيب في الأوساط السياسية. فقد قالت نجيبة نجيب، عضو البرلمان العراقي وعضو اللجنة المالية عن كتلة التحالف الكردستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «التوصل إلى هذا الاتفاق وبالكيفية التي تم بها يفتح الباب مشرعا أمام إقرار موازنة عام 2015، وخصوصا بعد رفع النصوص العقابية التي تضمنها مشروع الموازنة بحق الشعب الكردي وهو أمر كان مصدر قلق لنا، إذ إن الحكومة السابقة أوقفت صرف الرواتب لموظفي الإقليم منذ أكثر من 7 أشهر كنوع من العقاب الجماعي للشعب الكردي». وأضافت أن «التوصل إلى هذا الاتفاق من شأنه فتح الطريق أمام إيجاد حلول لباقي المشكلات من خلال لجان مشتركة، لا سيما أن هناك نيات طيبة متوفرة بين الطرفين وهو ما من شأنه المساهمة في هذه الحلول».

من جهته، أكد وزير النفط الأسبق وعضو البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي إبراهيم بحر العلوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الاتفاق جاء في وقت هام لكل الأطراف، فمن جهة هناك انخفاض مستمر في أسعار النفط وبالتالي لا بد من إيجاد حلول حقيقية للمشكلات الداخلية من أجل مواجهة تداعيات هذه الأزمة، كما أن الإشكالية القائمة بين المركز والإقليم أثرت كثيرا على الأوضاع العامة في البلاد في مختلف المستويات ومنها الجانب الاقتصادي». وأضاف بحر العلوم، أن «هذا الاتفاق وبالصيغ التي شملها على صعيد مضاعفة الإنتاج النفطي من شأنه التخفيف من آثار الأزمة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وذلك بزيادة الصادرات النفطية، سواء من النفط المستخرج من الإقليم أو نفط كركوك».

كما رحبت الأمم المتحدة بالاتفاق وقال ممثلها في العراق، نيكولاي ملادينوف، في بيان: «إنني أتطلع لتنفيذ الاتفاق في أسرع وقت ممكن، بما في ذلك صادرات النفط من إقليم كردستان وكركوك، فضلا عن صرف ميزانية حكومة إقليم كردستان (التي يثبتها الاتفاق بـ17 في المائة) من الموازنة العامة العراقية، ودفع رواتب البيشمركة». وأضاف: «أنا أثني على كل من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس وزراء حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني لقيادتهما وروح التوافق في التوصل إلى هذا الاتفاق المشجع». وتابع ملادينوف أن «الحوار المباشر والصريح يمكن التوصل من خلاله إلى اتفاقات تخدم مصلحة العراق والشعب العراقي». واستطرد بالقول: «إنني أحث جميع الزعماء العراقيين على مواصلة العمل بنفس هذه الروح، بما في ذلك إقرار الموازنة العامة الاتحادية لعام 2015، فضلا عن التشريعات المهمة الأخرى».