خلافات بين عشائر الأنبار بشأن تسليحها من قبل واشنطن

قيادات لـ («الشرق الأوسط»): لجأنا إلى المجتمع الدولي لعدم وفاء بغداد بوعودها

TT

بينما تشتد الخلافات بين العشائر السنية في المحافظات الغربية من العراق وبين مقاتلي الحشد الشعبي الذين تحاول بغداد زجهم في المعارك الدائرة هناك ضد تنظيم داعش، تؤكد العشائر السنية أنها ليست بحاجة إلى الرجال بقدر حاجتها إلى السلاح والمال لكنها أيضا مختلفة حول فكرة تسليحها من قبل الولايات المتحدة.

وأكد كل من الشيخ نعيم الكعود، أحد شيوخ عشيرة البونمر في الأنبار، والشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، شيخ عشيرة البوفهد، في حديثين منفصلين لـ«الشرق الأوسط» رفضهما ما وصفاه بالمتاجرة بدماء أهالي الأنبار من قبل شخصيات حتى وإن كانت عشائرية إلا أن غالبيتها تقطن خارج المحافظة وتحديدا في أربيل بإقليم كردستان أو في العاصمة الأردنية عمان.

وقال الكعود الذي قتل تنظيم داعش أكثر من 650 شخصا من أبناء عشيرته في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة التي نواجهها هي أن الحكومة ليست جادة حتى الآن في تسليحنا علما بأنها قادرة على ذلك وهذه واحدة من مشكلاتنا معها فعلى الرغم من أن مقاتلينا يتمتعون بمعنويات عالية لكن ينقصهم السلاح»، مشيرا إلى أن «قبيلته اضطرت إلى شراء الأسلحة على نفقتها لاضطرارها إلى ذلك لأن المسألة بينها وبين «داعش» أصبحت في جانب منها ثأري بالإضافة إلى أنها عملية دفاع عن الأرض والوطن لا سيما أن العشيرة تعرضت في هيت إلى مجزرة من قبل «داعش» ومن معه من أفراد العشائر بالمنطقة الذين نعرفهم وهم الذين ذبحوا أبناءنا.

وردا على سؤال بشأن التنسيق مع الولايات المتحدة لغرض تسليح العشائر، قال الكعود إن «الأفضل بالنسبة لنا نحن أبناء الأنبار أن تتولى الدولة العراقية تسليحنا وفي حال لم تتمكن لأي سبب فإنني أدعو من هذا المنبر الدول العربية وأخص منها بالذكر دول الخليج العربي وفي المقدمة منها المملكة العربية السعودية والإمارات وكذلك الأردن تسليحنا قبل أن تقوم الولايات المتحدة بذلك لا سيما أننا لا نعرف طبيعة ما سوف يتم الاتفاق بشأنه وما هو موقف الحكومة العراقية لأننا حتى في حال تسليحنا عربيا فإننا نريده من خلال الحكومة العراقية لأننا في النهاية نريد طرد المحتل من أرضنا».

من جهته، أكد الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي أن «الأهم بالنسبة لنا هو من يقاتل على الأرض وليس من هو خارج نطاق المحافظة مع كامل احترامنا للجهود التي تبذل من أجل إنقاذ المحافظة غير أن مسألة كهذه يفترض أن يؤخذ رأي أهل الأرض فيها وبالتنسيق معهم ومع الحكومة المحلية وهو ما لم نعلمه حتى الآن». وأضاف الفهداوي أن «عملية تسليح العشائر مسألة في غاية الأهمية لكن ما نخشاه هو أن يكون هذا التسابق في الذهاب إلى أميركا لغايات وحسابات أخرى وهو ما يضر مصلحة أهالي الأنبار الذين دفعوا ثمنا باهظا خلال السنوات الماضية».

وكان المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء سعد الحديثي أبلغ «الشرق الأوسط» أن «رئيس الوزراء حيدر العبادي لديه الرغبة والنية لتسليح عشائر الأنبار وقد بدأت عملية التسلح الضرورية لكن العبادي يريد في المرحلة المقبلة ضبط الآليات الخاصة في عملية التسليح»، مشيرا إلى أن «هناك أموالا وأسلحة كانت قد قدمت في الفترة الماضية إلى العشائر هناك لكنها لم توضع في مكانها الصحيح».

في السياق ذاته، يرى الخبير الأمني المتخصص والباحث في مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية الدكتور هشام الهاشمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الإشكالية القائمة حاليا أن العشائر السنية متفقة على محاربة تنظيم داعش ولكنها مختلفة في قبول مشاركتها للقوات الحكومية وقوات الحشد الشعبي في مدنها»، مبينا أنه «في الوقت الذي يريد فيه الجميع هزيمة (داعش) الذي وحد المختلفين لكن معظم الشخصيات التي تشارك في هذه الجهود مع واشنطن غير موثوق بها حكوميا وعشائريا». وأوضح الهاشمي أن «واشنطن تريد أن تجعل الحرس الوطني المناطقي أمرا واقعا حتى قبل أن يشرع بقانون برلماني». ويؤكد الهاشمي أن «مشكلات الحراك الشعبي السني مع حكومة بغداد ليست بسيطة، بدءا من قانون العفو والمهجرين إلى مشروع الإقليم إلى قانون الإرهاب والتدخل الإيراني».

على الصعيد نفسه، أكد مجلس محافظة الأنبار أن «تنظيم داعش الإرهابي يسيطر على 85 في المائة من مدن الأنبار، والوضع الأمني في الرمادي والمناطق الغربية خطير وبحاجة لإرسال تعزيزات قتالية وبشكل عاجل لتطهير مدن المحافظة من فلول (داعش)». وقال عضو مجلس المحافظة عذال الفهداوي في تصريح إن «القوات الأمنية ومقاتلي العشائر يعملون على صد هجمات تنظيم داعش الذي يتمركز بمناطق واسعة من الرمادي ومدن غرب الأنبار، وهذا الأمر الخطير يجعلنا نطالب حكومة بغداد بضرورة تسليح العشائر وتجهيز قوات الجيش بما يصد قدرة (داعش)».

وبينما تؤكد الحكومة العراقية أنها ترفض أي سلاح خارج سيطرة الدولة وأنها عازمة على تسليح أبناء الأنبار فقد أكد ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي رفضه تسليح مقاتلي العشائر من قبل الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى خارج إطار موافقة الحكومة. وقال عضو البرلمان العراقي عن الائتلاف، عبود العيساوي، في بيان إن «مسألة تسليح العشائر أمر مهم جدا»، مشيرا إلى أن «العشائر هي من تمسك الأرض وتدعم القوات الأمنية». وأضاف العيساوي أن «تسليح العشائر من قبل أميركا أو أي دولة أخرى يعتبر خرقا للسيادة ويساعد على خلق مشكلات داخل النسيج العشائري»، محذرا من «جر البلاد إلى مرحلة تشكيل فصائل مسلحة والتصادم مع المحافظات الأخرى وبالتالي خلق مشكلات بينها». وشدد العيساوي على «ضرورة دعم العشائر بالسلاح من خلال الدولة وفق آليات يتم من خلالها ضمان عدم استخدام هذا السلاح ضد الحكومة من قبل المتسلقين على العشائر وإرجاعه بعد تحسن الأوضاع الأمنية وسيطرة القوات الأمنية على المناطق المستهدفة من قبل (داعش)».

ويأتي ذلك فيما تواصل قيادات سنية مشاوراتها مع الإدارة الأميركية في واشنطن لتشكيل قوات سنية على غرار قوات البيشمركة الكردية. وقال محمد طه حمدون، الناطق الرسمي باسم الحراك الشعبي السني في العراق، لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بقوات رسمية من أبناء المحافظات السنية في العراق، ولا بد أن يكون لأهالي هذه المحافظات دور فعال في تأسيس هذه القوات شرط ألا تكون إعادة لتجربة الصحوات». وتابع: «الآن، هناك حاجة لتشكيل قوات رسمية من هذه المناطق، على غرار قوات البيشمركة الكردية، لتطرد (داعش) من مناطقها وتتولى حماية الأمن فيها». وأضاف حمدون أن «الحكومة الاتحادية وعدت قبل 3 أشهر بأن تشكل قوات خاصة بمناطقنا لكنها لم تكن عند وعدها، ومن ثم نجد أنفسنا اليوم ملزمين مخاطبة المجتمع الدولي، لتنفيذ هذا المطلب».

وتابع حمدون: «القوة التي ستشكل عبارة عن جيش رسمي من أبناء هذه المحافظات، يتولى المجتمع الدولي دعمه وتسليحه. ما تم الاتفاق عليه بخصوص عدد هذه القوات هو أن تكون كافية لقتال (داعش)، لكن العدد الأولي سيكون 100 ألف مقاتل، الآن أثيل النجيفي ورافع العيساوي وعدد من شيوخ العشائر السنية موجودون في واشنطن لوضع آلية لتجنيد 100 ألف مقاتل من أبناء هذه المناطق والإعداد لتنفيذ هذا المشروع، وقد أعرب عدد من العشائر استعدادها للانخراط في هذه القوات».

من جانبه، قال العقيد مازن السامرائي، الضابط في الجيش العراقي السابق الناطق الرسمي باسم حركة الخلاص الوطني، لـ«الشرق الأوسط»: «أكدنا مرارا تكرارا على تشريع قانون الحرس الوطني، لتكون لكل محافظة قوات خاصة بها على غرار قوات البيشمركة في إقليم كردستان، ولا بأس أن ترتبط هذه القوات بوزارة الدفاع الاتحادية». وأشار السامرائي: «(الائتلاف الوطني) يتمادى في تشريع قانون الحرس الوطني، فالحكومة والسياسيون الشيعة يماطلون في تطبيق الورقة التي قدمها السنة للحكومة الجديدة، لذا تم اللجوء إلى الإدارة الأميركية لتفرض هذا الأمر».