المشرعون الفرنسيون يصوتون بأغلبية لصالح اقتراح بالاعتراف بدولة فلسطين

السلطة الفلسطينية ترحب بالقرار.. وإسرائيل ترى أنه يبعد فرص السلام

TT

دوّى التصفيق الحاد في قاعة الجمعية الوطنية الفرنسية، عقب الإعلان عن نتيجة التصويت على مشروع القرار الخاص بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسط حضور كثيف وصل إلى 506 نواب. كما تجمعت داخل مبنى البرلمان وخارجه عشرات القنوات التلفزيونية والدولية، وكذلك الصحافيون من كل دول العالم. لكن مانويل فالس، رئيس الحكومة، ووزير الخارجية لوران فابيوس، غابا عن الجلسة، حيث مثل الحكومة هارلم ديزير، وزير الدولة للشؤون الأوروبية.

وقبل التصويت أعطيت لكل مجموعة من المجموعات البرلمانية الست مدة 10 دقائق لـ«شرح تصويتها»، وليس لمناقشة المشروع. ولم تخرج الكلمات عما كان منتظرا لأنها استعادت الحجج والبراهين التي لجأ إليها كل معسكر يوم الجمعة الماضي. ولذلك كان المهم هو ليس ما قاله الخطباء الـ6 أو الوزير ديزير، بل نتيجة التصويت، وخصوصا أن بعض الكتل، مثل كتلة الوسط، انقسمت على نفسها. وجاءت نتيجة التصويت الإلكتروني، الذي لم يدم أكثر من دقيقتين، لتتجاوز آمال أكثر المتفائلين بتمرير القرار. وبينما كانت التقديرات تفيد بأن المحبذين له سيحصلون على نحو 300 صوت أو أكثر بقليل، إلا أن النتيجة كانت أفضل من ذلك بكثير، إذ صوت للمشروع 339 نائبا، بينما عارضه 151 نائبا، في حين أن الأكثرية المطلقة كانت 246 نائبا. وبذلك يكون القرار قد مر بزيادة 93 نائبا عما هو مطلوب.

وهكذا، تصبح فرنسا ثالث دولة أوروبية، بعد بريطانيا وإسبانيا، يدعو برلمانها إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما أصبحت السويد في 30 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أول بلد غربي يعترف رسميا بالدولة الفلسطينية، التي تحظى اليوم باعتراف 135 بلدا. بيد أن قرار مجلس النواب الفرنسي لا يعني بالضرورة أن باريس ستعمد بدورها إلى اجتياز خطوة الاعتراف، لأن القرار بيد الحكومة، وقيمة ما حصل في مجلس النواب تعد رمزية وسياسية، لكن ليست له قيمة «إجرائية».

وحاز القرار الذي تقدمت به المجموعة الاشتراكية على الأكثرية الساحقة من أصوات نواب الحزب الاشتراكي وجبهة اليسار التي تضم الشيوعيين، والنواب الخضر وبعض الأصوات التي تمردت على قرار حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني المعارض، وعلى بعض الأصوات من حزب الوسط.

وقالت مصادر نيابية فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن النواب تغلبوا في تصويتهم على أمرين اثنين: الأول الضغوط الإسرائيلية المباشرة، سواء من قبل رئيس الحكومة نتنياهو أو سفير إسرائيل في باريس يوسي غال، أو غير المباشرة، وذلك عبر أصدقاء إسرائيل في الجمعية الوطنية والأحزاب ووسائل الإعلام التي أرادت إثناءهم عن تبني مشروع القرار. أما الأمر الثاني فهو حالة الإحباط والعجز التي تحيط بالملف الفلسطيني - الإسرائيلي وقناعة نواب الأكثرية بأن ربط الاعتراف بنتيجة المفاوضات الثنائية بين الجانبين يعني «تمكين إسرائيل من التحكم بالمفاوضات وتعطيلها وإفشالها، وفي الوقت عينه التسريع في عمليات الاستيطان»، ما يجعل حل الدولتين سرابا. ولذا، فإن النواب الفرنسيين الداعمين للقرار يرون في الاعتراف «وسيلة ضغط» على الطرف الإسرائيلي الذي يحملونه مسؤولية فشل كل محاولات الوساطة، وآخرها جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري بسبب إصراره على الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.

واعتبر كريستيان جاكوب، رئيس مجموعة نواب الاتحاد من أجل الجمهورية المعارض، أن القرار «افتئات» على الحكومة و«تكبيل» للدبلوماسية الفرنسية، كما ستكون له «عواقب سيئة» على سياسة بلاده الخارجية. بيد أن أبرز الخطباء بلا منازع كان هو فرنسوا أسانسي، النائب عن مجموعة النواب الشيوعيين واليساريين، الذي ذكر بكلمة وزير الخارجية من أن الاعتراف «حق وليس منة». وأثار هذا القرار ردود أفعال متباينة في فلسطين وإسرائيل، فعلى الجانب الفلسطيني رحبت السلطة الفلسطينية بقرار نواب فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين، إذ قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: «نرحب بقرار البرلمان الفرنسي الاعتراف بدولة فلسطين، ونقدر ونشكر البرلمان الفرنسي والشعب الفرنسي على هذا القرار»، وتمنى أن «تشكل هذه الخطوة تحفيزا لبقية البرلمانات في أوروبا للقيام بذات الخطوة الإيجابية التي قام بها برلمان فرنسا».

واعتبر أن «القرار سيعجل بالتأكيد وتيرة الاعتراف بدولة فلسطين، خاصة في أوروبا التي تأخرت في الاعتراف بدولتنا». كما أوضح أنه «رغم كل الضغوط الإسرائيلية والأميركية على البرلمان الفرنسي ومن اللوبي اليهودي، فإن هذا البرلمان عبر عن إرادة شعب فرنسا الذي يدعم حرية الشعوب وخلاصها من الاحتلال». ودعا المالكي «الحكومة الفرنسية إلى الاعتراف بدولة فلسطين في أسرع وقت ممكن وأن تلتزم بقرار البرلمان وإرادة الشعب الفرنسي الصديق».

وفي إسرائيل، اعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية مساء أمس أن تصويت البرلمان الفرنسي لصالح الاعتراف بدولة فلسطين يبعد فرص السلام. وقال بيان صادر عن الوزارة، إن تصويت البرلمان الفرنسي «سيبعد فرصة التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين».