مصر تستهجن استمرار إردوغان بالتدخل

امتعاض في القاهرة بعد رفض البيت الأبيض إدراج «الإخوان» في لائحة الجماعات الإرهابية

TT

أبدت القاهرة أمس انزعاجها واستهجانها التدخل والتعليق المتكرر للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على شؤونها الداخلية، واصفة تصريحاته بـ«الهوجاء»، وأنها تنطوي على «جهل ورعونة»، و«تغليب للنظرة الآيديولوجية الضيقة للأمور»، وذلك بالتزامن مع امتعاض أبداه مراقبون وسياسيون مصريون عقب رد فعل «سلبي» للبيت الأبيض الأميركي حول عريضة تطالب بإدراج جماعة «الإخوان المسلمين» في لائحة التنظيمات الإرهابية في الولايات المتحدة.

وانتقدت الخارجية المصرية أمس ما وصفته بأنه «استمرار للأكاذيب التي يرددها الرئيس التركي حول الأوضاع في مصر»، معلقة في بيان لها: «تستهجن وزارة الخارجية ما جاء في كلمته (إردوغان) خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده (مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنقرة) يوم 1 ديسمبر (كانون الأول) 2014، وتستغرب استمرار تدخله السافر في الشأن الداخلي المصري واستهانته بإرادة المصريين كما تجسدت في ثورة شعبية وانتخابات رئاسية شهدت بنزاهتها المنظمات الدولية والإقليمية التي شاركت في متابعتها».

وتابعت الخارجية المصرية: «ورغم العزوف والتجاهل عن التعقيب على هذه التصريحات الهوجاء، فإن دأب الرئيس التركي على إطلاقها إنما يحتم التذكير بما تنطوي عليه من جهل ورعونة وعدم إدراك من جانبه لحقائق الأمور، وإصرار على العيش في أوهام مرتبطة بتغليب مواقفه الشخصية ونظرته الآيديولوجية الضيقة للأمور».

وكان إردوغان قد فاجأ بوتين، بحسب مراقبين، خلال المؤتمر الصحافي المشترك بانتقاد الإدارة المصرية الحالية ومهاجمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وطريقة إدارة الانتخابات في مصر، معلنا معارضته وجهة النظر الروسية بشأن مصر.

وتشهد العلاقات بين مصر وتركيا توترا ملحوظا منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، حيث تدعم أنقرة جماعة الإخوان المسلمين وتهاجم خريطة الطريق المصرية، وهو توتر بلغ ذروته الدبلوماسية بإعلان القاهرة السفير التركي لديها «شخصا غير مرغوب فيه» في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وهو ما ردت عليه تركيا بالمثل. فيما كان انتقاد إردوغان للرئيس المصري في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي خلال جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة هو أبرز خروج من نوعه عن الأعراف الدولية.

ويشير مراقبون ودبلوماسيون مصريون تحدثت معهم «الشرق الأوسط» إلى أن «التجاوزات التركية فاقت حدودها وصارت ممجوجة، ووصلت إلى حد تأليب الدول التي تحافظ على علاقة قوية بالقاهرة عليها ومحاولة إحراجها بشكل أو آخر»، مطالبين القيادة المصرية بـ«ردود فعل حاسمة، نظرا لأن الردود الدبلوماسية المعتادة والمتحفظة المتكررة لم تؤتِ أكلها».

وعلى صعيد ذي صلة، أبدى سياسيون مصريون امتعاضهم الشديد من رد الفعل السلبي لواشنطن على العريضة الموجودة على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض الأميركي المخصص لتلقي المقترحات والعرائض منذ أكثر من عام، التي وقع عليها عشرات الآلاف من الأشخاص للمطالبة بإدراج جماعة الإخوان المسلمين في لائحة التنظيمات الإرهابية بالولايات المتحدة، وذلك نظرا لممارسات الجماعة ذاتها، وعلاقاتها الواضحة بأغلب التنظيمات الإرهابية، بحسب ما ورد في العريضة.

وجاء تعليق البيت الأبيض على العريضة بأن «جماعة الإخوان المسلمين ملتزمة بنبذ العنف منذ عقود طويلة، ولا توجد أي أدلة يمكن الوثوق بها على أن الجماعة تخلت عن هذا الالتزام»، متجاوزا التعليق على علاقات الجماعة بتنظيمات إرهابية. لكنه شدد أيضا على أن واشنطن لن تتغاضى عن مرتكبي العنف السياسي من أي نوع، وكذلك على التزام الولايات المتحدة بالعمل على إجهاض أعمال الجماعات الإرهابية، التي تشكل خطرا على مصالح واشنطن وشركائها.

وقال مراقبون مصريون لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف الأميركي غير صادم؛ رغم أنه أصبح يواجه خارطة الطريق المصرية بوجه مكشوف ودون مواربة فيما يخص جماعة (الإخوان)، وهو أمر صار موضعا لتساؤل واجب ومشروع من القاهرة إلى واشنطن بجدوى مساندة الجماعة في وقت تقود فيه الولايات المتحدة حلفا للحرب على الإرهاب».

وأشار المراقبون إلى أنه «لو وضعنا في الاعتبار وجود خلاف في وجهات النظر بين القاهرة وواشنطن فيما يخص (الإخوان)، وسلمنا جدلا بفشل القاهرة في إقناع واشنطن بأن الجماعة إرهابية، فإن تبريرات الولايات المتحدة المعلنة في دفاعها عن (الإخوان) لا ترتقي إلى درجة الإقناع كذلك، لأن العلاقة واضحة لمن يرى بين الجماعة وتنظيمات الإرهاب، ولا تحتمل تأويلا أو وجهات نظر أو تحتاج لدلائل أكثر من المعلومات التي تعلمها كل دول العالم».

وفي حين طالب المراقبون القاهرة بعدم الالتفات إلى ردود فعل واشنطن حول هذا الأمر والمضي قدما في طريقها، تصاعدت ردود فعل القوى السياسية المصرية، وطالب عدد من السياسيين الدولة بإعداد ملف دولي شامل وعلى مستوى أكثر إقناعا، على أن تقوم بإعداده مكاتب دولية مختصة، كما طالبوا الدولة باللجوء إلى صيغ أكثر حدة في التعامل الدبلوماسي مع واشنطن ردا على مواقفها المتضاربة.