«نداء تونس» يتسلم رئاسة البرلمان التونسي الجديد

تساؤلات حول غياب المرزوقي عن الجلسة الأولى

زعيما «نداء تونس» و«النهضة» بعد انتهاء الجلسة الأولى للبرلمان التونسي الجديد أمس (رويترز)
TT

عقد أمس مجلس نواب الشعب (البرلمان التونسي) أول جلسة له بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وترأس مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي المتخلي الجلسة الافتتاحية قبل أن يسلم رئاسة الجلسة إلى النائب البرلماني علي بن سالم باعتباره أكبر النواب سنّا (نائب عن حركة نداء تونس) ومساعدين اثنين هما أمل سويد وشكيب باني باعتبارهما أصغر نواب البرلمان وكلاهما كذلك من حركة نداء تونس.

وحضر الجلسة الأولى لمجلس نواب الشعب، فؤاد المبزع رئيس الجمهورية السابق وكل رؤساء الحكومات التونسية المتعاقبة بعد الثورة. وأثار غياب المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الحالي والمرشح للانتخابات الرئاسية في دورها الثاني تساؤلات في الأوساط السياسية والإعلامية. وتلقي المنافسة الحادة مع الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس الفائزة في الانتخابات البرلمانية الماضية، بظلالها على هذا الغياب الذي يحمل جذور الخلاف بين المتنافسين على الرئاسة.

وعلق عدنان منصر رئيس الحملة الانتخابية للرئيس المنصف المرزوقي على هذا الغياب بقوله: «لم تتم دعوة رئس الجمهورة لحضور الجلسة الافتتاحية للبرلمان المنتخب». وأضاف قوله: «وفق التنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي لا يزال ساري المفعول، لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يذهب إلى المجلس (البرلمان) دون توجيه دعوة رسمية له». وأنكر على القيادات السياسية هذا التصرف بقوله: «كثير يعرفون ذلك ويتصرفون وكأنهم لا يعرفون» وتابع انتقاده: «يفترض أننا ندير دولة بمؤسساتها ونواميسها وليس مزرعة عائلية، ولكن منطق المزرعة العائلية العائد إلينا من الماضي الكريه يروق لكثير من الناس فيما يبدو «على حد تعبيره». وفي تعليقه على عقد أول جلسة برلمانية، قال المهدي جمعة رئيس الحكومة في تصريح إعلامي على هامش هذا الحدث السياسي، إن الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب (البرلمان) تندرج ضمن تركيز أول مؤسسة دستورية في المنظومة الديمقراطية المستقرة. ودعا النواب الجدد إلى التعجيل بتمرير قانون المالية للسنة الجديدة كما ذكر بضرورة التهدئة الاجتماعية لاستكمال المسار الانتقالي في مناخ سليم.

وفي بداية الجلسة البرلمانية، قال مصطفى بن جعفر إن «المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب تعد من أهم الأولويات التي تنتظر نواب الشعب»، ودعا البرلمان التونسي إلى «ضرورة التوافق والعمل المتضامن باعتباره السبيل الوحيد لمحاربة آفة الإرهاب التي تريد بث الفوضى في البلاد». وأضاف بن جعفر الذي لم يفز حزبه «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» بأي مقعد برلماني أن «تونس اليوم أمام امتحان جديد على درب الديمقراطية وبانتظار هذا المجلس مرحلة جديدة أشد عسرا وأكثر صعوبة نحو تحقيق الدولة العقلانية والتنفيذ العادل للقوانين وحقوق الإنسان». وقال في السياق ذاته إن «أمام المجلس الجديد تحديات كثيرة وملفات عاجلة وانتظارات شعبية كبيرة أهمها الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية».

ووفق مصادر مقربة من حركة «نداء تونس»، فإن الجلسة البرلمانية الحالية لن تفضي إلى انتخاب رئيس جديد للبرلمان، وإن الحزب صاحب أكثرية الأصوات داخل البرلمان سيعمل على تأجيل عملية انتخاب رئيس للبرلمان إلى ما بعد الإعلان النهائي عن نتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية وبالتالي وجود المزيد من الوضوح على الساحة السياسية التونسية.

وينص الفصل 59 من الدستور التونسي الجديد على ضرورة انتخاب رئيس للمجلس في أول جلسة برلمانية وتشكيل لجان قارة ولجانا خاصة تتكون وتتوزع المسؤوليات داخلها على أساس التمثيل النسبي. ولا يتفق هذا الفصل الدستوري مع دعوات لترك الجلسة البرلمانية مفتوحة أو تعليقها إلى أجل غير مسمى في انتظار التوافق على رئاسة البرلمان. وذكر خبراء في القانون أن ذلك يعد «خرقا للدستور».

ومقارنة مع المجالس النيابية السابقة، تغيرت تركيبة البرلمان التونسي بعد سنة 2011، وعرفت مشاركة عدة تيارات سياسية لم يكن موجودا في المجالس النيابية السابقة. وعلى سبيل المثال فإن آخر برلمان تونسي في عهد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي كان مكونا من 164 نائبا عن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم المنحل) مقابل 53 نائب عن المعارضة، وبذلك لا تزيد نسبة تمثيل المعارضة عن 24.4 في المائة وتقدر سيطرة التجمع على البرلمان بنسبة 75.6 في المائة.

وحافظ حزب التجمع المنحل ومن قبله الحزب الاشتراكي الدستوري الذي أسسه الحبيب بورقيبة على سيطرته على أغلبية المقاعد داخل البرلمان ولم يمنح المعارضة الموالية له إلا القليل من المقاعد البرلمانية.

ويضم مجلس نواب الشعب 5 كتل نيابية يفوق عدد أعضائها الـ10 نواب وهي، كتلة حزب حركة نداء تونس 86 مقعدا، وكتلة حزب حركة النهضة (إسلامية) 69 مقعدا، وكتلة حزب الاتحاد الوطني الحر (ليبرالي) 16 مقعدا، وكتلة الجبهة الشعبية (تكتل مكون من 11 حزبا يساريا وقوميا) 15 مقعدا بالإضافة إلى حزب فاق تونس (حزب ليبرالي) الذي فاز بـ8 مقاعد برلمانية. وتوزعت بقية مقاعد البرلمان التونسي على 23 حزبا سياسيا ولائحة مستقلة.