البنتاغون: نحن واعون تماما لدور إيران المزعزع لاستقرار العراق

نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي أكد لـ «الشرق الأوسط» عدم وجود خطط لإرسال قوات قتالية إلى بغداد.. والضربات الجوية تكلف 8 ملايين دولار

TT

بينما تستعد وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» لاستقبال وزير دفاع جديد بعد استقالة تشاك هيغل من منصبه نهاية الشهر الماضي، تبقى التطورات في الشرق الأوسط وخصوصا الجهود الرامية إلى مواجهة تنظيم «داعش» متصدرة أولويات وزارة الدفاع الأميركية، وتؤكد واشنطن على «استراتيجية شاملة» لمواجهة «داعش»، من المتوقع بحثها في اجتماع بروكسل للدول المشاركة في التحالف الدولي غدا.

ويتمسك المسؤولون الأميركيون، وخصوصا العاملين في وزارتي الدفاع والخارجية، بعدم التصريح علنا عن الخلافات داخل الإدارة الأميركية حول الاستراتيجية في مواجهة «داعش» وفي ما يخص سوريا، مع تزايد حساسية الأوضاع داخل الولايات المتحدة. واستقالة هيغل، الذي يعتبر من أكثر المسؤولين في واشنطن الملمين بشؤون الشرق الأوسط بعد أن فاز بمعقد في مجلس الشيوخ الأميركي عام 1995 وانضم إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، تشير إلى تعقيدات السياسة الأميركية في المنطقة. ولكن نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لسياسة الشرق الأوسط ماثيو سبنس شدد في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لا يوجد اختلاف بين البيت الأبيض والبنتاغون حول سياستنا في الشرق الأوسط»، مضيفا: «الرئيس مركز بشدة على أسلوب شامل لمواجهة (داعش)». وهنا يأتي التركيز على «أسلوب شامل» ليس فقط على الجهود العسكرية، بل يشمل «بناء التحالفات الدولية» مع حلفاء واشنطن في المنطقة وحول العالم. واعتبر سبنس أن «من أهم النجاحات بناء تحالف حقيقي ضد (داعش) في المنطقة».

ولكن تثار أسئلة كثيرة حول طبيعة هذا التحالف، وخصوصا حول التواصل الأميركي مع إيران حول مواجهة «داعش». مع ازدياد التكهنات حول التنسيق بين الولايات المتحدة وإيران، يحرص المسؤولون الأميركيون على التأكيد بأن واشنطن لا تنسق مع طهران في التصدي لتنظيم «داعش» في العراق أو سوريا. كما أن هناك وعيا أميركيا حول الدور الإيراني في العراق، الذي يشمل دعم ميليشيات مسلحة نبهت منظمات دولية مثل «منظمة العفو الدولية» إلى انتهاكها لحقوق الإنسان. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى من وزارة الدفاع الأميركية: «نحن نأخذ هذه الادعاءات على محمل الجد وسنعمل مع العراقيين في التحقيق كليا في حقيقة ما يدور وسنتخذ الخطوات الملائمة». وأضاف المسؤول: «الولايات المتحدة لا تنسق مع إيران في مواجهة (داعش) وفي نشاطنا في العراق». وأضاف المسؤول طالبا من «الشرق الأوسط» عدم نشر اسمه: «نحن واعون جدا لدور إيران المزعزع لاستقرار العراق»، لافتا إلى أن التعاون الأميركي يأتي ضمن التركيز مع عناصر «تعمل في العراق تحت إطار الحكومة العراقية».

وبدوره أوضح سبنس في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «دور وزارة الدفاع في مواجهة (داعش) هو منع التنظيم من الحصول على ملاذ آمن وبناء قدرات شركائنا لمقاتلة عناصر التنظيم»، مؤكدا: «لا توجد خطط الآن لإرسال قوات قتالية إلى العراق».

وترتكز الاستراتيجية الأميركية في العراق حاليا على الضربات الجوية وتدريب القوات العراقية، وهي مهمة يقوم بها نحو 3 آلاف جندي أميركي في العراق «غير قتالي». وتفيد إحصاءات وزارة الدفاع الأميركية بأن التكلفة اليومية للعمليات ضد تنظيم «داعش» فاقت 776 مليون دولار خلال 4 أشهر، وهي تكلف نحو 8 ملايين دولار يوميا. ومنذ أن بدأت الضربات الجوية على العراق يوم 8 أغسطس (آب) الماضي تتزايد الأصوات المطالبة بإعداد الجيش العراقي وقوات مسلحة لمواجهة «داعش». ولكن هناك مخاوف أميركية من تسريب الأسلحة التي توزع على القوات العراقية، وقوات المعارضة السورية أيضا، إلى مقاتلين متشددين. وأفاد مسؤول رفيع المستوى من وزارة الدفاع الأميركية بأن البنتاغون على علم بالتقارير حول بيع بعض الأسلحة، «وذلك جعلنا نقر بأننا نحارب حربا طويلة هنا، أشهر وسنوات أمامنا، وعلينا التأكد بان الأسلحة تبقى في الأيدي السليمة وأن نضمن المجموعات التي ندعمها». وأضاف أن حالات بيع السلاح أو تسريبه من مجموعات عراقية «لن تغير ما نقوم به، ولكنها تشدد على ضرورة تقييمنا لهذه الأمور».

وأضاف المسؤول الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن هويته أن تدريب القوات العراقية قد بدأ ولكن «النتائج لا تظهر بين ليلة وضحاها»، مشددا على «عملية طويلة الأمد». وأشار إلى أن «إقالة بعض الجنرالات من عهد (رئيس الوزراء السابق نوري) المالكي كان إيجابيا، فهؤلاء كانوا جنرالات سياسيين».

وبينما التصريحات الأميركية أكثر ثقة عند الحديث عن الاستراتيجية في العراق، هناك ضبابية في الموقف تجاه سوريا. وشرح سبنس: «نحن بحاجة إلى معالجة موضوع (داعش) في كل من سوريا والعراق، ولكن السياق في البلدين مختلف جدا.. الولايات المتحدة دعيت من قبل قيادة العراق للقيام بهذا الدور، في العراق لدينا شريك حكومي ملتزم، والأمر ليس هكذا في سوريا».

وحرص المسؤول الأميركي الرفيع المستوى من وزارة الدفاع على التأكيد بأن «الولايات المتحدة لا تنسق مع نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، بل نحن نؤمن بأن (النظام) جزء من زعزعة الاستقرار». ومنذ أن بدأت الضربات الأميركية الجوية على المناطق التي يسيطر عليها مسلحون من «داعش»، يسعى النظام السوري بأن يقول إن واشنطن تنسق معه. ولكن المسؤول الأميركي المطلع على ملف العمليات العسكرية ضد داعش شدد على عدم وجود أي تنسيق، لكنه نبه إلى أن «نظام الأسد بالطبع يريد أن يروّج لمثل هذا التصور حول التنسيق مع الولايات المتحدة».