الفلسطينيون يعتبرون الاعتراف الأوروبي بدولتهم «معركة» مفتوحة للضغط على إسرائيل

جهود متواصلة للحصول على اعترافات البرتغال وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا وآيرلندا

TT

لا يخلط الفلسطينيون بين عملية السلام وما يترتب عليها من مفاوضات أو مواجهات، أو اللجوء إلى المنظمات الدولية، وبين جلب المزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية التي لم تقم بعد، ويرون أن الحصول على مزيد من الدعم الدولي يزيد من عزلة إسرائيل.

وحسب عدد من المراقبين والمحللين السياسيين، فإن الفلسطينيين يصرون على جلب مزيد من هذه الاعترافات، وتجنيد كل الطاقات في هذه «المعركة» المفتوحة، والتي يكسب فيها الفلسطينيون بالتدريج نقاطا إضافية مع مرور الوقت.

ومن هذا المنطلق، يواصل دبلوماسيون فلسطينيون زيارة الدول الغربية، التي لم تعترف بفلسطين حتى الآن، لحثها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن فشلوا في ذلك، فعلى الأقل سيحاولون الحصول على تأييد برلماني بذلك، قصد وضع مزيد من الضغط على الحكومات الرافضة.

وبهذا الشأن، قال القيادي الفلسطيني عبد الله عبد الله، نائب مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح: «هذه الاعترافات تعني توسيع قاعدة تجسيد دولة فلسطين»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» بأن «هذا الدعم الدولي يزيد من عزلة إسرائيل، ويؤكد رفض العالم للسياسات الإسرائيلية المجافية للسلام.. وأهمية هذه الاعترافات أنها تؤسس لمرحلة نصل فيها إلى معاقبة إسرائيل إذا لم تلتزم بالقانون الدولي، وبإقامة الدولة المعترف بها».

وتعترف بالدولة الفلسطينية حتى الآن 138 دولة، ليس بينهم الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ودول الاتحاد الأوروبي، باستثناء السويد التي اعترفت بدولة فلسطين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأصبحت أبرز دولة غربية أوروبية تعترف بالدولة الفلسطينية. وقد كانت الخطوة السويدية مفصلية بالنسبة للفلسطينيين الذين يتوقعون خطوات مماثلة في وقت قريب.

وفي هذا الصدد قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن التركيز الفلسطيني منصب الآن على دول يتوقع أن تنضم إلى السويد، وهي البرتغال وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا وآيرلندا.

وكانت البرلمانات في إسبانيا وبريطانيا وآيرلندا قد أجرت تصويتا دعمت فيها قرارات غير ملزمة لصالح الاعتراف بدولة فلسطينية.

وخلال الأسبوع الماضي أجرى نبيل شعث، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض العلاقات الدولية، جولة أوروبية شملت بريطانيا، وفنلندا، والنمسا، لحشد مزيد من الاعترافات بدولة فلسطين، ودعم الحراك في مجلس الأمن. وفي هذا الشأن قالت مصادر حكومية إن معركة الاعترافات لا تقتصر على دور السفارات فقط، وإنما تشارك فيها مفوضيات حركة فتح، والجاليات الفلسطينية، مؤكدة «أنها معركة الجميع».

وأمس، أعربت الحكومة الفلسطينية عن تقديرها لمواقف الشعوب والبرلمانات والدول التي وقفت إلى جانب العدالة والتاريخ، وصوتت لصالح الحق الفلسطيني، وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه. وقالت الحكومة في بيان إنها تعبر عن الأمل «بأن يتكلل عام التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني بالمزيد من تجسيد هذا التضامن مع حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف، وذلك من خلال إعلان دعم دول العالم كافة لمطلب فلسطين القانوني والسياسي العادل في مجلس الأمن، لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال عن فلسطين، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس، ومحاسبة إسرائيل على جميع الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني وجميع انتهاكاتها للمواثيق والأعراف الدولية». ودعت الحكومة البرلمان الفرنسي إلى اعتماد توصية بدعوة الحكومة الفرنسية للاعتراف بدولة فلسطين.

وعارضت إسرائيل بشدة مثل هذه التحركات، حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التصويت الفرنسي بأنه «خطأ جسيم». وقال الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن التحركات الفرنسية تغضب إسرائيل. كما أن الولايات المتحدة ترفض جميع التحركات الأوروبية على هذا الصعيد، إذ قال السيناتور الأميركي الجمهوري جون ماكين إن الولايات المتحدة لن تعترف بالدولة الفلسطينية من طرف واحد، موضحا أن هذا الاعتراف لم ولن يكون على الإطلاق سياسة بلاده.

وفي رده على قرار عدد من الدول الأوروبية الاعتراف رسميا بهذه الدولة، قال ماكين إن «هذه لن تكون أبدا سياسة الولايات المتحدة التي لن تعترف بفلسطين من طرف واحد».

لكن بغض النظر عن موقف الولايات المتحدة وإسرائيل فإن عددا من رجال السياسة والقانون في فلسطين يرون أن الاعترافات حق غير قابل للنقاش.

وحول هذه النقطة تحديدا يقول الدكتور صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين ورئيس دائرة شؤون المفاوضات، في دراسة مستفيضة حول الأمر، إن اعتراف الأسرة الدولية، ممثلة بالأمم المتحدة، بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره هو موقف دولي رسخ في قرارات عدة، من ضمنها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة (3236) و(2649) و(65 / 455)، والتي أكدت أن حق الفلسطينيين في تقرير المصير هو حق غير قابل للتصرف، وأن من حق الشعب الفلسطيني إقامة دولة مستقلة وذات سيادة». كما أكد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (2672) على أن احترام حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف يشكل جزءا حيويا من التوصل إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. وفضلا عن ذلك، أقرت محكمة العدل الدولية في فتواها الاستشارية الصادرة في عام 2004 بشأن تشييد جدار الفصل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بعدم قانونية تقويض حق الفلسطينيين في تقرير المصير.

ويرى عريقات أن الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 هو استثمار في السلام، وقرار سيادي لكل دولة بعينها. كما أنه يرسخ عدم أحقية إسرائيل في أي جزء من الأرض التي احتلتها عام 1967، وهذا يتفق مع قرار مجلس الأمن 242 الذي أكد على عدم أحقية الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة. مضيفا أن «تأييد فلسطين في طلبها يمثل خطوة سلمية تسهم في تطبيق القانون الدولي، وتعيد التأكيد على التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين».