الفلسطينيون ينتظرون اعتراف بلجيكا رسميا بدولتهم في غضون أسبوعين

ترحيب فلسطيني وعربي بالتصويت الفرنسي.. وإدانة إسرائيلية شديدة اللهجة

فلسطينية تجادل أفرادا من قوات الأمن الإسرائيلية أثناء تدمير قوات الاحتلال متجرا يملكه فلسطيني في مخيم الشويفات بالقدس أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد يوم واحد فقط من دعوة البرلمان الفرنسي حكومته للاعتراف بالدولة الفلسطينية، أصبح الفلسطينيون ينتظرون تحقيق إنجازات أخرى على هذا المسار، ويتوقعون دعوات مشابهة في الأسابيع القليلة المقبلة واعترافات رسمية كذلك.

وبينما أكد مسؤولون فلسطينيون لـ«الشرق الأوسط»، أن التركيز الفلسطيني منصب الآن على جلب اعترافات من دول البرتغال وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا وآيرلندا، خصوصا بعدما اعترفت السويد بالدولة الفلسطينية في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يبدو أن الحكومة البلجيكية في طريقها لتكون ثاني دولة تعترف بفلسطين بعد السويد، حيث قالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية أمس إن الحكومة البلجيكية تتهيأ لأن تكون الدولة الثانية في الاتحاد الأوروبي التي تعترف بفلسطين كدولة ضمن حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.

وجاءت هذه الإشارات بعد أن توافقت أربعة أحزاب، تشكل الائتلاف الحكومي في بلجيكا، على اقتراح قرار يقدم للبرلمان البلجيكي، يقضي بالاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، وذلك حسبما أوردت صحيفة «لو سوار»، نقلا عن متحدث باسم ائتلاف الأحزاب الأربعة، الذي صرح بأن هناك «داخل الائتلاف الحكومي اتفاقا سياسيا على الاعتراف بفلسطين كدولة». وستطلب الأحزاب الأربعة من البرلمان البلجيكي دعوة الحكومة إلى الاعتراف بفلسطين في وقت قريب، وربما يكون ذلك خلال الأسبوع المقبل.

والأحزاب الأربعة، صاحبة مبادرة مشروع قرار الاعتراف البلجيكي بدولة فلسطين هي: «N-V» التحالف الفلمنكي الجديد، و«MR» الحركة الإصلاحية (الفرنسية)، و«VLD» الحزب الليبرالي الديمقراطي الفلمنكي و«CD & V» الحزب الديمقراطي المسيحي.

وبحسب «لو سوار»، فإن البرلمان البلجيكي سيلحق بنظيره الفرنسي، ويعترف بالدولة الفلسطينية، والذي سيسمح للحكومة البلجيكية بعد ذلك بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما حدث مع الحكومة السويدية التي كانت الدولة الأوروبية الأولى التي تعترف بالدولة الفلسطينية.

وكانت بلجيكا واحدة من الدول التي ضغط الفلسطينيون من أجل جلب اعترافها بالدولة الفلسطينية. لكن الفلسطينيون يركزون أيضا على عدد من الدول الأوروبية كونها ذات ثقل سياسي في المنطقة، وباستطاعتها التأثير على الولايات المتحدة. لكن حتى الآن لا يوجد من بين دول الاتحاد الأوروبي من يعترف بفلسطين رسميا سوى السويد.

وكانت البرلمانات في إسبانيا وبريطانيا وآيرلندا قد أجرت تصويتا دعمت فيها قرارات غير ملزمة لصالح الاعتراف بدولة فلسطينية، وانضم إليها البرلمان الفرنسي أول من أمس. ورحبت الرئاسة الفلسطينية بتصويت الجمعية الوطنية الفرنسية لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، وثمنت عاليا موقف المشرعين الفرنسيين، وقالت إنه خطوة شجاعة، ومشجعة وفي الاتجاه الصحيح، وتخدم وتعزز مستقبل مسيرة السلام في فلسطين والمنطقة لصالح حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967.

وطالب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض العلاقات الدولية فيها نبيل شعث «بتحويل القرار الرمزي إلى قرار رسمي من قبل الحكومة الفرنسية، لما لذلك من بالغ الأثر على جهود حل الصراع، خاصة بعد توالي قرارات الاعتراف من قبل السويد والبرلمان البريطاني».

وفي إسرائيل، توالت ردود الفعل الغاضبة، خاصة من اليمين المتطرف الذي أدلى بتصريحات شديدة اللهجة تعقيبا على القرار الفرنسي، كما عقبت وزارة الخارجية الإسرائيلية على قرار الجمعية الوطنية الفرنسية الاعتراف بدولة فلسطينية بقولها إن «هذا التصويت سيُبعد احتمالات التوصل لاتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين».

واختتم قائلا «التصويت على الاعتراف بفلسطين غير الموجودة خطوة سهلة وشعبية جدا وليست مكلفة. لأنها لن يكون لها أي تأثير حقيقي في الواقع على الأرض. لكنه في الوقت نفسه يشكل إشارة، أكثر من أي شيء آخر، لرفض الجمود في العملية السلمية، وهو تعبير عن خيبة الأمل وعدم الصبر الذي يزيد عند الحكومات والرأي العام حول العالم. وهذا التوجه سيستمر دون أي شك، مما سيزيد من عزلة إسرائيل، حتى يعثر الطرفان على طريق العودة إلى طاولة المفاوضات».

وتوالت ردود الفعل المؤيدة للقرار الفرنسي، حيث أعرب إياد أمين مدني، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، عن تقديره لتبني مجلس البرلمان الفرنسي قرارا لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، مشيرا إلى أن هذه الخطوة المهمة تنسجم مع الإرادة الدولية وقرارات الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ودعم الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها تجسيد سيادة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف. كما أعرب مدني «عن أمله أن تقوم الحكومة الفرنسية بالمبادرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية لأن ذلك يسهم في دعم الجهود الدولية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة». ودعا «بقية دول العالم الداعمة لرؤية حل الدولتين إلى دعم مشروع قرار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي سيقدم إلى مجلس الأمن الدولي، وأن تبادر إلى إعلان اعترافها بدولة فلسطين، انسجاما مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2012».

كما رحب نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس بقرار البرلمان الفرنسي الاعتراف بدولة فلسطين، معربا عن تقديره للدور المهم الذي تقوم به فرنسا لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. واعتبر أن «تصويت البرلمان الفرنسي لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، وإن كان غير ملزم للحكومة بعد، فهو يعد بلا شك خطوة إيجابية أولى في اتجاه إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة». كما أكد أن «اعتراف حكومة السويد بالدولة الفلسطينية، ثم الاعترافات المتتالية من قبل برلمانات أوروبية، ستشكل ضغطا على إسرائيل لتسوية النزاع في الشرق الأوسط». وقال إن ذلك يعتبر خطوة إيجابية تدعم جهود المجموعة العربية الحالية لتنفيذ قرار مجلس الجامعة بشأن التوجه إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يضع جدولا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بدولة فلسطين.