العبادي أمام مؤتمر بروكسل: نحارب «داعش» نيابة عن العالم ونحتاج لمساعدتكم

توجه عراقي لطلب دعم عسكري من «الناتو» .. وكيري يؤكد إحداث تقدم في مواجهة التنظيم

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتوسط مسؤولين ووزراء شاركوا في مؤتمر بروكسل أمس (رويترز)
TT

أعلن التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، الذي يضم نحو 60 دولة، في ختام اجتماع وزاري ببروكسل أمس، أن الحملة ضد التنظيم بدأت توقف تقدمه في العراق وسوريا، إلا أنه حذر من أن هزيمته ستستغرق سنوات.

وفي كلمته أمام المؤتمر، حدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي استراتيجيته لمواجهة «داعش» ولتعزيز الجبهة الداخلية، وقال: «إن حضورنا يبين أن لنا هدفا مشتركا بهزيمة (داعش)، وذلك يتطلب جهودا جماعية إقليمية ودولية، وأنا هنا أؤكد أن حكومة العراق وشعبه ملتزمان بتأدية ما علينا في هذا السياق». وتابع: «نحن نعمل على المصالحة الوطنية في جبهات متعددة، إذ نقوم بصياغة علاقات تعاون مع العشائر في صلاح الدين والأنبار ونينوى، وهي مناطق تقع معظمها تحت سيطرة (داعش)، حيث يتم تجهيز هذه العشائر بالسلاح وهي تقاتل حاليا جنبا إلى جنب القوات الأمنية العراقية. نعمل كذلك على تعديل قانون المساءلة والعدالة الذي يشير إلى اجتثاث البعث، لتسهيل إعادة دمج أعداد كبيرة من الموظفين الحكوميين السابقين الذين لم يرتكبوا جرائم ضد الشعب العراقي، إذ نهدف إلى معالجة مشاكل كل مكونات الشعب العراقي». كما أشار العبادي إلى توقيعه «أمرا يلزم القوات الأمنية ووزارة العدل بحماية حقوق الإنسان التي نص عليها الدستور للمعتقلين في السجون العراقية، ويشمل هذا تأسيس سجل مركزي لكل المعتقلين يتم فيه بيان سبب اعتقالهم ويتضمن جدولا زمنيا لعرضهم على المحاكم». وتطرق أيضا إلى الاتفاق الذي أبرمه أول من أمس مع حكومة إقليم كردستان وقال إنه «سيمهد الطريق أمام اتفاق طويل الأمد حول موارد العراق الطبيعية، وتعد هذه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح؛ إذ نلتزم مع إخوتنا الكرد العراقيين على أن نضع كل خلافات الماضي جانبا».

وفيما يتعلق بالقوات الأمنية، قال العبادي: «لقد بدأنا بناء قواتنا الأمنية على نحو مهني، حيث أقلنا أكثر من 24 قائدا عسكريا كجزء من جهودنا لاجتثاث الفساد وإعادة تنشيط القيادة العسكرية، ولغرض ضم عدد أكبر من العراقيين في الدفاع المشترك، فقد أحرزنا تقدما في تأسيس قوات الحرس الوطني، كما نعمل مع الأمم المتحدة للاستفادة من خبرات الدول الأخرى التي تبنت مثل هذا النظام لنضمن إيجاد الحل الصحيح للعراق». وتابع: «ولنضمن احترام تطبيق القانون، نعمل على أن تكون كل الجماعات المسلحة تحت سيطرة الدولة، إذ سيتم دمج بعض العناصر في هذه الجماعات، حيثما كان ذلك ممكنا، ضمن القوات الأمنية العراقية والحرس الوطني، ونؤكد على التزامنا الدستوري بعدم السماح لأي جماعة مسلحة أو ميليشيا بالعمل خارج أو بموازاة القوات الأمنية العراقية. ولن يسمح باستخدام أي أسلحة خارج سيطرة الحكومة العراقية». ورحب «بشدة بالجهود التي تهدف إلى تدريب القوات الكردية وتسليحها لضمان أدائها السلس إلى جانب القوات الأمنية العراقية، وسوف نواصل عملنا لضمان عدم حدوث أي تأخير أو تعطيل في هذه المسألة، ومن جانبنا لم يحدث يوما أي تأخير متعمد أو تعطيل إجرائي بهذا الخصوص». واستطرد قائلا: «علاوة على ذلك، فإننا نعمل مع الولايات المتحدة وشركائنا الدوليين لتدريب وتجهيز مقاتلي العشائر في الوقت الذي نقوم فيه بضم وحدات الحشد الشعبي إلى القوات الأمنية العراقية».

وأقر العبادي بأن القوات الأمنية العراقية «تفتقر إلى التدريب والتسليح الشامل»، مضيفا: «سوف نحتاج إلى دعم واسع من أشقائنا وشركائنا في هذا الجانب، ويمكنني طمأنتكم إلى أن مساعدتكم بهذا المجال لن تذهب سدى، لأننا عندما نحارب داعش، فإننا لا نحارب من أجل شعب العراق فحسب، بل نحارب من أجل جميع شعوب العالم». وتابع: «رسالتي لكم جميعا هي أننا نؤدي ما علينا، ونحن بحاجة إلى مساعدتكم».

وعلى الصعيد الدبلوماسي، قال العبادي: «نقوم بتعزيز علاقاتنا مع جميع دول الجوار، لكي نتمكن معا من محاربة عدونا المشترك (داعش) بفعالية أكبر... ومن خلال عملنا مع هذه البلدان ودول أخرى في الجوار، فإننا بصدد تشكيل واجهة دفاعية مشتركة تقف بوجه (داعش)، وبصدد بلورة استراتيجية جديدة لمعالجة المشاكل الإقليمية التي تؤدي إلى تفشي الإرهاب الدولي». وحصل رئيس الوزراء العراقي على دعم دولي جديد أمس، حيث أشاد به عدد من المشاركين في المؤتمر، وعلى رأسهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قال: «رئيس الوزراء اتخذ خطوات لتوحيد البلاد، بما في ذلك التواصل مع العشائر السنية، ولقد اتخذ خطوات لضرب الفساد ولإصلاح القوات الأمنية العراقية، بالإضافة إلى مواجهة التهديد الذي يمثله (داعش). وأعتقد أنه من العدل القول إن كل وزراء الخارجية والسفراء والممثلين الموجودين هنا خرجوا بإعجاب برئيس الوزراء وما حققه حتى الآن، وهو عربون لخريطة طريق وضعها للمستقبل». وشدد كيري الذي التقى العبادي على هامش اجتماع أمس، على أن «النجاح الطويل الأمد للجهود في العراق هو مفتاح نجاح التحالف» الدولي لمواجهة «داعش».

وصرح كيري بأن الحملة التي اشتملت على نحو 1000 غارة أثرت على تنظيم داعش «بشكل كبير». وقال في الاجتماع الذي عقد في مقر الحلف الأطلسي في العاصمة البلجيكية: «على الأرجح، فإن التزامنا سيستمر سنوات»، مضيفا: «سنواصل شن هذه الحملة ما دام الأمر لازما من أجل الانتصار».

وأصدر التحالف بيانا ختاميا قال فيه إن الحملة ضد التنظيم «بدأت تعطي نتائج» وإنه «بصدد وقف» تقدمه. وشرح كيري أن النجاح يتعلق بوحدة مصالح وقيم الدول حول العالم، مضيفا أن تنظيم داعش ظهر بشكل سريع، ولكنه أيضا تلقى خسائر جسيمة بشكل سريع وحاسم، معتبرا أن التحالف الدولي تمكن من تحجيمه ووقف انتشاره. وأكد البيان: «نحن بصدد وقف تقدم تنظيم داعش عبر سوريا وداخل العراق»، مستخدما التسمية المختصرة المتداولة للتنظيم. وتابع أن الوزراء وافقوا على استراتيجية من 5 محاور في مكافحة التنظيم الجهادي، وهي: «زيادة المجهود العسكري، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب، وقطع طرق الوصول إلى التمويلات، ومعالجة مشكلة المساعدة الإنسانية، ونزع الشرعية» عن تنظيم داعش الذي يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بفعالية.

وفي تصريحات على هامش الاجتماعات في مقر حلف «الناتو»، قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «بعض الإشارات التي تلمح إلى أن العراق يسير على الطريق الصحيح، ويمكن القول إن الحكومة العراقية تقوم بمسؤولياتها»، مضيفا: «هذا أمر مهم، ومن المهم أيضا ضرورة إيجاد حل لآفة (داعش) الذي يتم القتال معه ومواجهته دون دعم خارجي وبالاعتماد على الإمكانات المحدودة المتاحة، ويجب على دول المنطقة أن يكون لها دور في إيجاد الحلول لهذا الملف، كما أن القيادات الدينية لا بد أن تستمر في ممارسة الضغوط حتى تتغير الأمور». وتابع: «الإسلام بريء من الأعمال البربرية التي تحدث في الوقت الحالي على الساحة».

بدوره، قال ديديه رايندرس، وزير الخارجية البلجيكي لـ«الشرق الأوسط» إن «دول التحالف الدولي يمكن أن تقوم بدور مهم لمساعدة العراقيين في مواجهة خطر (داعش)، ليس فقط من خلال العمليات العسكرية التي تنفذ منذ فترة، ولكن من خلال مزيج من التنسيق والتحرك المشترك وتقديم المساعدات المطلوبة للقوات الأمنية العراقية». وأضاف أنه «من المهم جدا تقوية الجيش العراقي والاعتماد عليه في عمليات كبرى».

ومن جهة اخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن الاجتماع الذي ستستضيفه مدينة مراكش المغربية يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لمناقشة قضية المقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى التنظيمات الإرهابية، سيعقد في إطار المنتدى العالمي لمحاربة الإرهاب، وقالت مصادر دبلوماسية متطابقة على علاقة بالموضوع إن «الأمر يتعلق بمبادرة مشتركة أطلقتها تركيا والولايات المتحدة قبل 4 سنوات». ونفت المصادر ذاتها أن يكون لاجتماع مراكش علاقة بتنظيم داعش أو بالتحالف الدولي المناهض لهذا التنظيم، معتبرة أن المنتدى عبارة عن فرق عمل إقليمية تشتغل على قضايا تهم منطقة الساحل وآسيا والقرن الأفريقي، كما أن المنتدى يبحث أيضا في قضايا موضوعاتية مثل الفدية واللاتسامح وغيرها من القضايا، وذلك من لدن دولتين. الأولى غربية، والثانية من المنطقة، مشيرة إلى أن ملف الساحل تبحثه كل من كندا والجزائر، بينما تبحث ملف محاربة التطرف مصر وبريطانيا.

وفيما يخص موضوع المقاتلين الأجانب، علمت «الشرق الأوسط» أن اجتماعا التأم قبل عام في المغرب صدرت عنه «وثيقة الرباط» التي دعت إلى التنسيق بين النيابات العامة في الدول المعنية بالموضوع، وحصلت الوثيقة على إجماع في اجتماع عقد في لاهاي بهولندا. وأضافت المصادر ذاتها أن اجتماعا ثانيا عقد في مراكش كان الهدف منه بحث مدونة السلوك، أطلق عليها «وثيقة لاهاي - مراكش»، التي جرى تبنيها في سبتمبر (أيلول) 2014 من لدن المنتدى، وتبعا لذلك جرى تحويل النقاش الذي عرفه المغرب إلى فريق عمل يشرف عليه المغرب وهولندا، وبالتالي فإن اجتماع مراكش يؤكد المصدر لا علاقة له بـ«داعش».ويبدو أن مسألة الحد من المقاتلين الأجانب شكلت جزءا من الاستراتيجية الأميركية، ومن ثم فإن واشنطن رأت في فريق العمل المغربي - الهولندي الإطار الوحيد الناشط في هذا المجال.