الملك محمد السادس يدعو إلى مصالحات عربية وتجاوز أسباب الفرقة

العاهل المغربي: الموارد الطبيعية في منطقتنا يجب أن تشكل عاملا لتوطيد الوحدة والوئام

TT

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى مقاربة جديدة للتكامل العربي باعتباره ضرورة حيوية واستراتيجية للعالم العربي. وقال العاهل المغربي في رسالة وجهها إلى مؤتمر الفكر العربي الـ13 المنعقد في الصخيرات (جنوب الرباط) تلاها مستشاره عبد اللطيف المانوني إن التكامل العربي «لم يعد خيارا للنهوض بالتنمية فقط، بل أصبح حتمية ترتبط بالبقاء أمام سطوة التكتلات القوية، فإما أن نكون متحدين، وإما أننا لن نكون، أو سنبقى مجرد كيانات لا وزن لها على الساحة الدولية».

وقال العاهل المغربي: «إن الدول العربية اليوم في مفترق الطرق، بل هناك تحديات تنموية وأمنية وتطلعات شعبية ملحة إلى المزيد من الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ولا سبيل للاستجابة لها إلا عبر التكامل والوحدة والاندماج»، مشيرا إلى «ما يجمع الدول العربية أكثر مما يفرقها، فهي موحدة بقوة التاريخ والحضارة وهي متواصلة جغرافيا ومنسجمة إنسانيا ومتكاملة طبيعيا، بفضل ما تزخر به من موارد بشرية طبيعية هائلة، أما الشعوب العربية فتجمعها وحدة العقيدة ووالغة والثقافة وروابط الدم والأخوة والمصير المشترك».

وأضاف الملك محمد السادس: «لقد آن الأوان للانكباب على كيفية إعادة اللحمة للوطن العربي وتوحيد الكلمة بنية صادقة وإرادة قوية لرفع التحديات الحقيقية لشعوبه، من منظور شامل ومتعدد الأبعاد. ولن يتأتى ذلك إلا بإجراء مصالحات عربية بينية وتجاوز أسباب الفرقة والتجزئة وتوحيد المواقف وتعزيز العمل العربي المشترك في نطاق احترام سيادة الدول ووحدتها الوطنية والترابية كما ينبغي العمل على إصلاح جامعة الدول العربية باعتبارها بيتنا المشترك والإطار المناسب لمعالجة القضايا العربية ووضع مخططاتنا التنموية والوحدوية».

وأشار العاهل المغربي في رسالته إلى أهمية البعد الاقتصادي في التكامل العربي، وعده «ركيزة أساسية لتوطيد الوحدة وتحقيق الاندماج التنموي. باعتباره أساس قيام تكتل عربي وازن في محيطه الإقليمي والعالمي». وأوضح أن تحقيق التكامل العربي المنشود «يقتضي العمل على استثمار التكامل الاقتصادي بين الدول العربية والتوجه نحو تحقيق اندماج اقتصادي حقيقي يقوم على تشجيع الاستثمارات المتبادلة في أفق إحداث سوق عربية مشتركة، لا سيما من خلال تفعيل اتفاقية أغادير للتبادل الحر، مع مراعاة فضائل التضامن وبما يعود بالنفع على كل الشعوب العربية».

وشدد العاهل المغربي على أن «الموارد الطبيعية التي تزخر بها المنطقة العربية يجب أن تشكل عاملا لتوطيد الوحدة والوئام لا سببا للتفرقة والانقسام». وقال إن «ما يبعث على الحسرة والأسف هو واقع التجزئة والانقسام الذي يطبع العلاقات بين معظم الدول العربية التي تعيش على خلافات بينية مزمنة وصراعات داخلية عقيمة فضلا عن تنامي النعرات الطائفية والتطرف والإرهاب. كما أن بعض الدول تهدر طاقات شعوبها في قضايا وهمية ونزاعات مفتعلة تغذي نزعات التفرقة والانفصال»، مشيرا إلى أنه «أمام هذا الوضع الذي ترفضه الشعوب العربية أصبح التكامل ضرورة ملحة، غير أنه في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها العالم العربي والعالم من حوله ينبغي التعاطي مع هذا الموضوع بمنظور واقعي جديد».

وأضاف: «فرغم توجه الدول العربية منذ عقود لإرساء البنية الأساسية للتكامل كمحطة أولى على طريق الوحدة بإبرام كثير من الاتفاقيات والإعلان عن قرارات جريئة خلال مؤتمرات كثيرة، فإن النتائج كانت مخيبة للأمل ومن دون مستوى التطلعات الشعبية والرسمية غير أن الوحدة العربية ليست حلما صعب المنال أو سرابا لا فائدة من الجري وراءه، بل هي تطلع مشروع قابل للتحقيق وضرورة استراتيجية على الجميع أن يسهم في تجسيدها، كما أن التكامل العربي لا يعني الانغلاق والانعزال عن العالم، بل ينبغي أن يشكل حافزا لتوطيد العمق الأفريقي والآسيوي للعالم العربي وتوسيع علاقاته مع مختلف القوى والتكتلات الجهوية».

وأشاد العاهل المغربي في هذا الصدد بتجربة مجلس التعاون الخليجي، الذي «يسير بخطى حثيثة لتعزيز الوحدة الخليجية»، في الوقت الذي عبر فيه عن أسفه لواقع اتحاد المغرب العربي.