السعودية: موجة البرد تنعش تجارة الحطب.. ووزارة الزراعة تروج لـ«المستورد»

وكيل الوزارة لـ «الشرق الأوسط»: سنجتمع بالمختصين منتصف الشهر الحالي لوضع الحلول اللازمة

يرى السعوديون أن الحطب هو الوسيلة المثلى للتدفئة في الأماكن المفتوحة (تصوير: خالد الخميس)
TT

على الرغم من القيود والتحذيرات المشددة التي وضعتها وزارة الزراعة السعودية لإيقاف عمليات الاحتطاب العشوائي، فإن ذلك لم يحد من انتعاش تجارة الحطب بصورة لافتة خلال هذه الأيام، تزامنا مع الانخفاض الكبير في درجات الحرارة الذي تشهده معظم المناطق السعودية، إذ وصل ثمن الشحنة الواحدة من الحطب إلى نحو 2500 ريال، مما يغري الحطابين بممارسة عملية الاحتطاب العشوائي، لمواجهة تزايد الطلب من المواطنين الذين يرون الحطب هو الوسيلة المثلى للتدفئة في الأماكن المفتوحة.

وفي حين اتخذت وزارة الزراعة سياسة جديدة من خلال الترويج لاستخدام الحطب المستورد، الذي لا يجد قبولا بين السعوديين بحكم اعتيادهم على الحطب المحلي، كثفت نشاطها اللافت خلال الأيام الأخيرة في عدد من الضبطيات التي تمت بالتعاون بين مديريات الزراعة والجهات الأمنية لإيقاف شحنات الحطب المخالفة في عدة مدن، وهو ما يأتي في إطار وقف من وجدوا في الاحتطاب الجائر تجارة رائجة رغم عدم مشروعيته.

وأوضح الدكتور خالد الفهيد، وكيل وزارة الزراعة لشؤون الزراعة، أنه «من المتوقع أن يزداد نشاط مخالفي الاحتطاب مع دخول فصل الشتاء»، قائلا «وزارة الزراعة تدرك ذلك ولم تغفل هذا الجانب، بل اتخذت الكثير من الإجراءات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وهي تعمل ضمن منظومة من الجهات الحكومية، سواء الجهات الأمنية أو البلديات، لمواجهة ظاهرة الاحتطاب التي لها آثار سلبية على البيئة».

وأشار الفهيد، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الإجراءات التي جرى اتخاذها - أخيرا - تمثلت في رفع غرامة المخالفة من 2000 ريال للطن إلى 10 آلاف ريال، ويضيف: «كما أن تلك الجهات تشدد الرقابة، وفي الوقت نفسه يجري تشجيع استيراد الحطب والفحم وإعفاؤه من الرسوم الجمركية، والوزارة تقدر دور الشركاء في مجال المحافظة وتنمية الغطاء النباتي، ومن هذا المنطلق ستقيم الوزارة لقاء مفتوحا مع الشركاء في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص أو الأفراد، لتبادل الآراء حول كل ما يخدم هذا التوجه وللتعرف على المعوقات إن وجدت لتحقيق ذلك».

من ناحيته، يرى الدكتور خالد الرضيمان، خبير زراعي عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم، أن هناك ضرورة قصوى لتنظيم المتنزهات والمسطحات الخضراء في السعودية، بحيث تخضع لإشراف جهة محددة بصورة تنفيذية وإشرافية وفنية، كما هو معمول به في روضة خريم وروضة نورة، قائلا: «هذه الرياض تحظى بالاهتمام، ومن ثم نلاحظ أن جميع النباتات موجودة فيها، وكذلك الأماكن الخاصة التي تكون محاطة بأسوار، نلاحظ أنها تتمتع بالنماء والاخضرار، بعكس الأماكن المتروكة التي تواجه الفوضى وكثرة الاحتطاب الذي أفقر مناطقنا وأضعف طبيعتنا».

وبسؤال الرضيمان عن أسباب عدم قدرة الحطب المستورد على اقتحام السوق السعودية للتقليل من استهلاك الحطب المحلي الذي تقوم عليه عمليات الاحتطاب، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الجودة هي السبب، قائلا: «الحطب المستورد مهما يكن لن يصل إلى جودة الحطب المحلي، بل إنه حتى بين الحطب المحلي ذاته هناك جودة متفاوتة، فبعض الناس تفضل (السمر) عن (الأرطي)، فما بالنا بالأنواع الأخرى التي يندر استخدامها مثل ما يتبقى من الأثل، الذي لا يستخدمه إلا محدودو الدخل»، مضيفا: «المتصدر في السوق هما السمر والأرطي، بسبب جودتهما».

وتشير دراسة أجرتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية إلى أن أكثر الأنواع الشجرية المحتطبة في السعودية هي السمر والغضى والأرطي. ويقدر حجم التدهور السنوي للغطاء النباتي الشجري نتيجة لاحتطاب أشجار السمر بنحو 3376 هكتارا عام 1423هـ، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 13712 هكتارا عام 1444ه، كما قدرت كمية حطب الغضى المعروضة في الأسواق المحلية سنويا بنحو ‏4623 طنا، أما كمية حطب الأرطي المعروضة في الأسواق، فقد قدرت بنحو ‏4188 طنا سنويا، مؤكدة أن حجم المشكلة على مستوى المملكة كبير، وأن هناك عملية استنزاف مستمرة لهذه الأنواع.

وبحساب متوسط تكلفة إعادة زراعة أشجار السمر المدمرة على مدى 5 سنوات، فإن فإن التكلفة الناتجة عن تدمير هذه المساحة تزيد على 12 مليون ريال، مما يوضح حجم الخسارة التي يسببها الاحتطاب في نوع واحد من الأشجار المحتطبة محليا، مع الإشارة إلى كون السعودية تستورد احتياجها من الحطب والفحم عن طريق عدد من الشركات العالمية المصدرة للحطب، وتعتبر الدول الأوروبية، خاصة الشرقية منها، بالإضافة إلى دول جنوب شرقي آسيا وأميركا الجنوبية مصادر لتزويد السوق المحلية بحاجتها من تلك السلع.