السعودية تبيع النفط في يناير لآسيا بتخفيض هو الأعلى منذ عام 2000

تخفيضات أرامكو واتفاق حكومة العراق وإقليم كردستان على تصدير النفط تضغط على الأسعار

TT

أعلنت أرامكو السعودية يوم أمس عن تقديمها تخفيضا على الخام العربي الخفيف الذي ستبيعه إلى آسيا في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، مقداره دولاران على كل برميل، هو أعلى تخفيض قدمته منذ يونيو (حزيران) عام 2000 أي قبل 14 عاما.

وأدى إعلان تخفيضات أرامكو إلى بقاء الضغوط نزولا على أسعار النفط، خاصة أن الإعلان جاء عقب إعلان الحكومة المركزية للعراق بالتوصل مع اتفاق مع حكومة إقليم كردستان شبه المستقل بموجبه ستتم إعادة تصدير نفط كركوك من خلال كردستان إلى ميناء جيهان في تركيا، وهو ما يعني أن هناك كميات إضافية من النفط لا تقل عن 300 ألف برميل ستدخل السوق بداية العام المقبل، وتتجه إلى أوروبا في المقام الأول.

وهبطت أسعار نفط برنت في لندن أمس إلى 69 دولارا للبرميل، فيما هبطت أسعار نفط خام غرب تكساس في نيويورك إلى 66 دولارا متأثرة بأخبار تخفيضات أرامكو والفائض المتوقع في السوق.

وأظهرت قائمة أسعار شركة أرامكو التي أعلنت عنها أمس أنها قدمت تخفيضات على جميع أنواع النفط الخام الذي تبيعه إلى آسيا والولايات المتحدة في يناير، بينما رفعت الأسعار على النفط المتجه إلى أوروبا والزبائن في منطقة البحر المتوسط.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت أمس نتائج مسح لوكالتي «بلاتس» و«بلومبيرغ» تظهر أن التجار في آسيا كانوا يتوقعون أن يصل التخفيض إلى دولارين وقد يصل إلى 3 دولارات لو أن أرامكو احتسبت أمورا أخرى في حساب السعر مثل الكونتانقو الشديد الذي مر به سعر نفط عمان.

وجاءت هذه الأرقام مفاجئة، مما جعل بعض المحللين يعتقدون أن السعودية تريد إرسال رسالة صريحة وواضحة مفادها أنها ستحافظ على حصتها السوقية في آسيا مهما كلف الأمر، أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة فإن السعودية مرغمة على أن تعطي تخفيضات نظرا لأن الواردات من النفط السعودي هبطت خلال أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) بصورة كبيرة مقارنة بالفترة نفسها من السنة التي قبلها.

وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن واردات البلاد من النفط السعودي كانت 995 ألف برميل يوميا في سبتمبر و893 ألف برميل يوميا في أغسطس، وهي أقل بكثير مقارنة بنحو 1.54 مليون برميل في سبتمبر 2013 و1.33 مليون برميل يوميا في أغسطس من العام نفسه.

ويقول المحلل الكويتي المستقل والتنفيذي السابق بقطاع التكرير الكويتي لعمليات أوروبا عصام المرزوق لـ«الشرق الأوسط»: «لقد حاولت أن أجد تفسيرا آخر للتخفيضات الضخمة التي قدمتها أرامكو إلى آسيا غير تفسير أنها تحاول الحفاظ على حصتها السوقية لكني لم أجد».

وأضاف المرزوق: «لا يوجد ما يدعم هذا التخفيض الكبير؛ فالهبوط في أسعار النفط كبير وسريع، وهوامش ربح المصافي ستتحسن، كما أن الكونتانقو الذي يمر به نفط دبي ليس كبيرا جدا، إضافة إلى ذلك فإن فروقات السعر بين نفط برنت ونفط دبي قد اتسعت، مما يعني أن السعودية لا يمكن أن تقلق من النفوط الآتية من الخارج إلى آسيا».

وقال: «فروقات السعر بين دبي الذي تستخدمه السعودية لتسعير نفطها وبرنت الذي يستخدمه الكثير من المنتجين مثل المنتجين الأفارقة لا يسمح بالمنافسة الشديدة الآن ولهذا أتساءل: لماذا محاولات حماية الحصة السوقية؟ ومِن مَن؛ أميركا اللاتينية أم روسيا؟».

ونقلت وكالة بلومبيرغ أمس تصريحا لمايكل ويتنر رئيس أبحاث النفط في نيويورك في مصرف سوسيتيه جنرال الفرنسي قال فيه: «إنهم (السعوديين) يريدون إبقاء نفطهم منافسا. هذه هي سياستهم».

وبحسب المعلومات التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» فإن الفرق السعري بين دبي وبرنت يقف الآن عند 3.2 دولار، أي أن برنت أعلى بنحو 3.2 دولار من دبي، ولهذا فإن النفط السعودي يبدو أرخص وأكثر ربحية من استخدام النفوط الأخرى المسعرة على أساس برنت والمتجهة إلى آسيا. وكانت أسعار نفط دبي قد تحسنت أخيرا بسبب موجة الشراء الكبيرة التي شهدها بعد إقبال الصينيين على شرائه من السوق الفورية بهدف ملء صهاريج التخزين الاستراتيجية. واستغل الصينيون هبوط الأسعار أخيرا في شراء كل ما يقدرون عليه لملء مخازنهم الاستراتيجية.

وبالعودة إلى قائمة الأسعار الصادرة أمس فستبيع أرامكو لزبائنها في آسيا النفط على أساس دولارين أقل من متوسط سعر دبي وعمان اللذين يتم على أساسهما تسعير النفط السعودي المتجه إلى آسيا. وتحتسب أرامكو متوسط دبي - عمان سعرا أساسيا للزبائن في آسيا نظرا لأنهما يبيعان في السوق الفورية. وبصورة شهرية تبيع أرامكو النفط لآسيا إما بزيادة أو نقصان عن سعر دبي - عمان.

وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) قلصت أرامكو قيمة التخفيضات التي ستقدمها لكل عملائها في آسيا لشهر ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث سيحصل كل عميل على تخفيض قدره 0.10 دولار لكل برميل يتم تحميله خلال الشهر المقبل، وهو أقل بكثير من التخفيض الذي حصلوا عليه في نوفمبر البالغ دولارا كاملا لكل برميل. وبما أن أرامكو قدمت تخفيضا قدره 0.10 دولار في ديسمبر ودولاران في يناير فإن الفرق بين الشهرين بلغ 1.9 دولار، وهذه هي قيمة التخفيض الشهرية. وتتراوح قيمة التخفيضات الشهرية على جميع أنواع النفوط الـ5 التي تبيعها أرامكو إلى آسيا بين 1.5 دولار للعربي الخفيف سوبر و1.9 للعربي الخفيف.

وتعاني السوق النفطية تخمة كبيرة في المعروض النفطي تقدر بنحو مليوني برميل يوميا أثرت في أسعار النفط في نيويورك ولندن لدرجة جعلتها تدخل في مرحلة الكونتانقو منذ شهرين. والكونتانقو هو تعريف يعبر عن الحالة التي يكون فيها سعر النفط مستقبلا أقل من سعر النفط اليوم. وكانت السعودية ودول الخليج قد رفضت أن تقوم بتخفيض إنتاجها خلال اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يوم 27 نوفمبر حتى تدعم أسعار النفط التي فقدت نحو 35 في المائة من قيمتها قبل الاجتماع. وتسبب هذا الرفض في هبوط أسعار النفط بصورة أكبر نظرا لأن السوق أساسا تعاني فائضا في المعروض.

وتسببت أرامكو أمس في لبس في السوق حيث أرسلت في البداية قائمة الأسعار التي قالت فيها إنها خفضت أسعار بيع النفط الرسمية لشهر يناير خفضا حادا للمشترين في آسيا والولايات المتحدة، ثم عادت وسحبتها.

وقالت أرامكو في بيان أرسلته إن رسالة سابقة بعنوان «سحب» كانت تشير إلى رسالة مكررة مما جعل البعض يعتقدون أن الأسعار السابقة لم تكن صحيحة، ولكنها عادت وأوضحت أن الأرقام صحيحة، ولكنها أرسلت رسالتين بدلا من واحدة فاضطرت لسحب واحدة منها. وقالت: «بعضكم تسلم إخطارنا عن أسعار البيع الرسمية بالبريد الإلكتروني مرتين اليوم بسبب خلل فني. سحبنا إحدى الرسالتين الإلكترونيتين المتطابقتين تفاديا للتكرار».