مهرجان صندانس المقبل يجمع ما بين الروائي والتسجيلي في 4 مسابقات

الكوميديا والأوجاع الاجتماعية يغلبان على الاختيارات

من «استوكهولم.. بنسلفانيا»
TT

في مؤتمره الصحافي الذي أقامه قبل أيام، أشار المدير العام لمهرجان صندانس، جون كوبر، إلى وجود «موجة كبيرة من الأفلام المتطرّفة عالميا». فالمهرجان الذي سينطلق في الثاني والعشرين من الشهر المقبل ويستمر حتى الأول من فبراير (شباط) يحتوي على 118 فيلما طويلا في مجمل أقسامه الطموحة من بينها 32 فيلما أميركيا لم يسبق أن عُرضت في أي مناسبة أخرى حول العالم.

جون كوبر يستطيع أن يقول ما يريد من باب الجذب لمهرجان مستمر بتألّق مشهود منذ 31 سنة. لكن الحقيقة هي أن صندانس هو بالفعل مهرجان جاذب وأساسي بين مهرجانات العالم. وفي حين أننا نستطيع أن نضع المهرجانات الأولى الـ3 (برلين وكان وفينيسيا) في سلّة واحدة كونها متشابهة الكيانات والأهداف، ونستطيع أن نعتبر أن تورونتو ولندن وروتردام على قدر من المحاكاة كونها تقف في الصف الثاني وتوفر، لجانب ما يتيسر لها من أفلام «وورلد برميير»، عددا كبيرا من الأفلام التي سبق عرضها، إلا أن صندانس يقف وحيدا في نوعيّته لا يقترب منه عالميا إلا مهرجان لوكارنو السويسري وفي بعض الجوانب وليس فيها جميعا.

صندانس يطرح نفسه كقاعدة عريضة للأفلام المستقلة، إنتاجيا، عن هوليوود أو عن أي مؤسسة سينمائية كبيرة، وهو إذ يفعل، يعرض عددا كبيرا من الأفلام الأولى لمخرجيها وهذا ما يقوم لوكارنو عليه إذ ينبري لاستقبال الأفلام الأولى والثانية لمخرجيها ولو أن هذا ليس كل ما يعرضه إذ تتيح تظاهراته الجانبية عرض أعمال مختلفة أخرى.

شيء آخر عادة ما يميّز دورات صندانس المقام في مدينة بارك سيتي في ولاية يوتاه (منتجع جميل بحد ذاته خصوصا إذا ما كان الثلج وفيرا، الأمر الذي يدفع رهطا من السينمائيين ترك الأفلام والانطلاق إلى أعالي الجبال المحيطة للتزلّج) هو أن الكثير من الأفلام المشتركة ذات طابع سياسي واجتماعي مستلهم مما يدور في الولايات المتحدة وحول العالم من أحداث.

هذا العام، ومن بين أفلام أخرى تطرح الحاصل، نجد فيلمين تسجيليين يبحثان في الحادث العنصري الذي وقع في مدينة فيرغسون عندما أطلق رجل بوليس أبيض النار على شاب أسود أعزل من السلاح. الفيلم الأول هو «3 دقائق ونصف» لمارك سيلفر والثاني (الذي يتعاطى وسياسة مناوئة الإرهاب في الوقت ذاته) هو «خوف» أو (Terror) كما يرد في العنوان تماما وهو من إخراج ديفيد فيليكس سوتكليف وليريك كابرال.

وحال الأفلام الروائية هو ذاته من حيث سعيها الدؤوب لتقديم المشاكل الاجتماعية العميقة بالرواية والدراما وعلى نحو يستشف منه المشاهد محاكاة كثيرة مع الواقع ذاته. في أكثر من فيلم سنلاحظ تداول مشاكل الإدمان على المخدّرات، حتى ولو كان بعض هذه الأفلام، مثل «مفكرة مراهقة» لمارييل هَلر (مع بل باولي وألكسندر سكارسغارد في البطولة)، يتناول بداية الموجة العامّة لاستهلاك الممنوعات في أواخر الستينات والسبعينات. في «أنا أرد مبتسمة» I Smile Back لأدام سالكي ننتقل إلى الحاضر حيث يروي الفيلم حكاية أم (تؤديها سارا سيلفرمان) تدمن المخدرات وتهوى في حضيض يترك تأثيره المفجع على باقي أفراد العائلة.

ومشكلة المخدّرات ذاتها يتطرّق إليها الفيلم التسجيلي «كارتل لاند» لماثيو هاينمان حول حرب العصابات المكسيكية للسيطرة على منافذ التهريب الحدودية مع الولايات المتحدة.

لكن هناك دراما عائلية أخرى، وإن كانت تخلو من حكايات الإدمان، نجدها في «استوكهولم.. بنسلفانيا» للمخرجة نيكول بكويذ مفادها امرأة شابّة (سوايرز رونان) تعود إلى بيت والديها بعد 17 سنة من الغياب إذ كانت قد خطفت وهي طفلة إلى أن تم الإفراج عنها.

سوء تواصل أو اختيار لكن هذه الأوجاع، وهناك سواها، لا تنفرد تماما بحصيلة الأفلام المعروضة في برامج المهرجان ومسابقاته. سنجد - على سبيل المثال - 7 أفلام كوميدية في مسابقة الفيلم الروائي الأميركي بزيادة 3 أفلام عن عدد الكوميديات الروائية التي عُرضت في الدورة الماضية. بل إن المهرجان اختار أحد هذه الأفلام لافتتاح مسابقة الفيلم الروائي الأميركي. إنه «برونز» لبرايان باكلي الذي لم يسبق له أن حقق فيلما طويلا من قبل، ولو أنه اشتغل على الأفلام الإعلانية لسنوات. القصّة التي يرويها تتحدّث عن امرأة (ميليسا راوتش) يتقدّم بها العمر سريعا لكنها لا تزال تحتفظ بهيبتها كونها من النساء الماهرات في الرياضات البدنية وهي تود أن تتذكرها بلدتها الصغيرة على هذا النحو إلى أن تموت. فجأة تكتشف وجود منافسة لها أجمل وأكثر شبابا.

في «طوال الليل» overnight لباتريك برايس تتعرّف عائلة من 3 أفراد حلت حديثا على مدينة لوس أنجليس لكي تعيش فيها، على عائلة أخرى من 3 أفراد تتميّز بالغرابة. الفيلم من بطولة أدام سكوت وجاسون شوارتزمان.

ويقدّم الكوميدي جاك بلاك فيلما من بطولته وإنتاجه بعنوان D Train يدور في إطار دعوة للقاء متجدد لخريجي إحدى الكليات وما ينتج عن ذلك من مفارقات. ويعد «نتائج» لأندرو بوجالسكي أن يكون فيلما كوميديا بمعالجة درامية خفيفة لمسألة مدرّبين رياضيين يتمتعان بثراء مدير عمليهما ولو أنهما يتنافسان كذلك على التقرّب إليه. الفيلم يجمع عددا من الأسماء المعروفة في مقدّمها غاي بيرس وجيوفاني ريبيسي.

وهناك موضوع جاد محاط بمعالجة توظّف غرابة الموضوع للتنفيث كوميديا. الفيلم هو Z for Zachariah لمخرج جديد أيضا هو كريغ زوبل. الحكاية هنا تدور حول امرأة (مارغوت روبي) تعتقد أنها آخر امرأة على وجه الأرض وهي تبحث، في عالم مستقبلي، عن من قد يكون بقي حيّا وسرعان ما تجده في شخص رجل أسود (شيوتل إيجيفور) لكن فجأة يلتقيان برجل ثان (أبيض يقوم به كريس باين) ما يجعل المرأة ساحة صراع بين الرجلين كل يحاول استمالتها لناحيته.

عالميا، هناك 12 فيلما في مسابقة الروائي الدولي آتية من البرازيل وكندا وبريطانيا ونيوزيلندا وليتوانيا وأستراليا وسواها، ولا شيء من العالم العربي. و13 فيلما أخرى تدخل مسابقة الفيلم التسجيلي العالمي مع تسجيل آخر لغياب أي فيلم عربي الإنتاج.

هذا قد يكون مردّه سوء تواصل أو سوء اختيار.. أو سوء اهتمام عربي بالوصول إلى المهرجان الأميركي الذي يعتبره البعض أفضل مهرجانات أميركا الشمالية.

رقميا

* أعلن مهرجان «صندانس» عن أنه تسلم 4105 أفلام طويلة لمعاينتها في مرحلة الاختيار الأول ما يشكل ارتفاعا قدره 50 فيلما عن عدد الأفلام التي تسلمها المهرجان في السنة الماضية. أما عدد الأفلام القصيرة التي عُرضت عليه فتبلغ 8000 فيلم. عدد الأفلام المشتركة في مسابقة الفيلم الروائي الأميركي: 18 وعدد الأفلام المشتركة في مسابقة الفيلم التسجيلي الأميركي 17.