شاشة الناقد: الحرب العالمية في دبابة

طاقم الدبابة في «فيوري»
TT

أدوار أولى: براد بت، لوغان لرمان، شايا لابوف، مايكل بينا، جون برنثول.

النوع: حربي | الولايات المتحدة (2014) هناك، قبل نحو نصف ساعة من نهاية الفيلم، مشهد يعبّر عن كل ما جسّده الفيلم من رسالة: 3 دبابات أميركية تتقدّم على الطريق داخل الخطوط الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تدور أحداث «فيوري». فجأة تُصاب إحداها بقذيفة تطيح بها. الدبابات الـ3 تشكل، تحت إدارة السيرجنت «ووردادي» (براد بت) صفّا واحدا وتتقدّم صوب مصدر النار الذي هو دبابة ألمانية معادية تقف وحدها لتردع هذا التقدّم. الدبابات تتواجه والقذائف تنطلق من وإلى كل دبابة. الدبابة الألمانية تكسب الجولة أولا بتدميرها دبابتين أخريين من تلك الأميركية، هذا قبل أن يتمكّن منها ووردادي وفريقه.

في هذه المنازلة (التي تشبه منازلة أفلام الوسترن كمبدأ) يضعها المخرج ديفيد آير أمام شتّى الاحتمالات. من يعيش ومن يموت هو واحد منها، لكن الأهم منها جميعا ذلك المفاد بأن الدبابة التي يُخشى أمرها والتي تعد من أساسيات الحرب البرية، قد تتحوّل سريعا إلى فرن ملتهب يحرق من فيه. إلى تابوت صالح للاستخدام وسريع الإصابة. وهناك مشاهد سابقة لمعارك مماثلة، وإن كان بجغرافية وتصميم مختلفين، نجد ذلك مطبّقا. ها هو أحد الجنود الألمان يخرج من الدبابة مشتعلا قبل أن يموت بإطلاق النار عليه. وجندي أميركي يشتعل فيطلق النار على نفسه. وفي المعركة المذكورة أساسا تصيب القذيفة قائد إحدى الدبابات فتقطع رأسه.

إنها الحرب وفيها هنا كل ما تحتويه من وحشية وعنف. المخرج الذي كان بدأ السينما بكتابة سيناريو فيلم عن حرب الغواصات بعنوان U - 571 الذي أخرجه الجيد جوناثان ماستو سنة 2000. ينبري في فيلمه الرابع كمخرج (وأفضلها) إلى تصويرها كما هي ما يجعل كل الأفلام الحربية التي تم إطلاقها في فترة ما بعد «سفر الرؤيا الآن» لفرنسيس فورد كوبولا (1979) و«الخيط الأحمر النحيف» لترنس مالك (1998) و«إنقاذ المجنّد رايان» لستيفن سبيلبرغ (1998) مجرد نزهات ترفيهية.

براد بت هنا جندي محنّك يقود فريقا من العسكريين المحنّكين باستثناء فرخ جديد تم إرساله إلى الجبهة الألمانية سنة 1945. أي قبل أشهر قليلة من نهاية الحرب. إنه نورمان (لوغان لرمان) الذي يرفض إطاعة الأوامر وقتل الأعداء إذا ما استسلموا، لكنه بعد أن أجبره ووردادي على ذلك عمد إلى الزناد مدافعا عن نفسه وباقي رفاقه حتى المشهد الأخير. طاقم الدبابة (5) متباينون بطبيعة الحال، ولدى الكاتب والمخرج آير الوقت لكي يسهب في مشاهد توضح اختلافاتهم، من بينها نحو ثلث ساعة من أحداث تقع في بيت فيه امرأتان ألمانيّتان. على بعض الضعف في المدلول الذي يصر المخرج على استحواذه كونه مفهوما منذ البداية، إلا أنه ينأى بنفسه بعيدا عن المعارك. صحيح أن طاقم الدبابة بعيدون، ولحين عن القتال ضد العدو، لكنهم في قتال داخلي.

التمثيل من قبل الجميع جيّد وإن يتفاوت بعد ذلك المستوى. براد أبرزهم مكانة وإثارة للاهتمام كممثل وشاي لابوف أقلّهم خصوصا عندما ينبري لتقليد لكنة جنوب أميركية. والفيلم لا يجعل من الألمان أعداء فقط، بل ضحايا أيضا. في الساعة الأولى من هذا الفيلم تكاد تشعر بأن «فيوري» يتحدّث عن الأميركيين كجناة.