مؤتمر «مواجهة الإرهاب» يوصي في ختام أعماله بالقاهرة بالأخذ بيد شباب الأمة

أعلن أن جماعات العنف الإرهابية المسلحة آثمة فكرا وعاصية سلوكا

جانب من مؤتمر الأزهر لدى اختتام أعماله («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن مؤتمر «مواجهة التطرف والإرهاب» بالقاهرة، أن كل الفرق والجماعات المسلحة و«الميليشيات» الطائفية التي استعملت العنف والإرهاب في وجه أبناء الأمة رافعة زورا وبهتانا رايات دينية، جماعات آثمة فكرا وعاصية سلوكا، وليست من الإسلام الصحيح في شيء. وطالب المشاركون في المؤتمر بالأخذ بيد شباب الأمة «المغرر بهم» والذين تعرضوا لـ«غسل الأدمغة».

واختتم المؤتمر أمس فعالياته، بعد يومين من انعقاده في رحاب الأزهر وبدعوة من شيخه الدكتور أحمد الطيب، وبحضور علماء من 120 دولة عربية وغربية، بمجموعة من التوصيات في بيانه الختامي، أكد فيها المشاركون في المؤتمر، أن «المسلمين والمسيحيين في الشرق إخوة ينتمون معا إلى حضارة واحدة وأمة واحدة، وهم عازمون على مواصلة العيش معا في دول وطنية سيدة حرة، تحقق المساواة بين المواطنين جميعا، وتحترم الحريات، وأن تعدد الأديان والمذاهب ليس ظاهرة طارئة في تاريخنا المشترك؛ فقد كان هذا التعدد وسيبقى مصدر غنى لهم وللعالم، يشهد على ذلك التاريخ». كما أكد البيان أن «علاقات المسلمين مع المسيحيين تاريخية وتجربة عيش مشترك ومثمر، ومن هنا فإن التعرض للمسيحيين ولأهل الأديان والعقائد الأخرى باصطناع أسباب دينية هو خروج على صحيح الدين وتوجيهات النبي، صلى الله عليه وسلم، وتنكر لحقوق الوطن والمواطن»، لافتين إلى أن «تهجير المسيحيين وغيرهم من الجماعات الدينية والعرقية الأخرى جريمة مستنكرة، لذلك نناشد أهلنا المسيحيين التجذر في أوطانهم، حتى تزول موجة التطرف التي نعاني منها جميعا».

وأضاف البيان أن «بعض المسؤولين في الغرب وبعض مفكريه وإعلامييه يستثمرون هذه الجماعات المخالفة لصحيح الدين لتقديم صور نمطية يفترون فيها على الإسلام شرعة ومنهاجا، ولمواجهة هذه الظاهرة السلبية يطالب المؤتمر المنصفين من مفكري الغرب ومسؤوليه بتصحيح هذه الصور الشريرة وإعادة النظر في المواقف السلبية؛ حتى لا يتهم الإسلام بما هو براء منه، وحتى لا يحاكم بأفعال جماعات يرفضها الدين رفضا قاطعا».

وطالب المؤتمر بقوةٍ العلماءَ والمراجعَ الدينيةَ في العالم العربي والإسلامي بأن يتحملوا مسؤولياتهم أمام الله والتاريخ في إطفاء كل الحرائق المذهبية والعرقية، وبخاصة في البحرين والعراق واليمن وسوريا.

وحول بيان المؤتمر وفعالياته قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن «العالم العربي يواجه حالة غير مسبوقة من التوتر والاضطراب نتيجة ظهور حركات متطرفة تعتمد الإرهاب أداة لتنفيذ مآربها؛ فقد تعرض مواطنون آمنون للاعتداء على كرامتهم الإنسانية، وعلى حقوقهم الوطنية، وعلى مقدساتهم الدينية، وجرت هذه الاعتداءات باسم الدين، والدين منها براء».

وأضاف وكيل الأزهر: «من أجل ذلك كان لا بد للأزهر بما يمثله من مرجعية دينية للمسلمين جميعا أن يأخذ المبادرة لتحديد المفاهيم وتحرير المقولات التي أساء المتطرفون توظيفها في عملياتهم الإرهابية، وأن يرفع الصوت الإسلامي عاليا ضد التطرف والغلو وضد الإرهاب بأشكاله وأنواعه كافة».

وتابع شومان: «إن المؤتمر دعا إلى لقاء حواري عالمي للتعاون على صناعة السلام وإشاعة العدل في إطار احترام التعدد العقدي والمذهبي والاختلاف العنصري، والعمل بجد وإخلاص على إطفاء الحرائق المتعمدة بدلا من إذكائها»، مضيفا: «لقد تعرض عدد من شباب الأمة - ولا يزال يتعرض - لعملية (غسل الأدمغة) من خلال الترويج لمفاهيم مغلوطة لنصوص القرآن والسنة واجتهادات العلماء أفضت إلى الإرهاب، مما يوجب على العلماء وأهل الفكر مسؤولية الأخذ بأيدي هؤلاء المغرر بهم من خلال برامج توجيه، ودورات تثقيف، تكشف عن الفهم الصحيح للنصوص والمفاهيم؛ حتى لا يبقوا نهبا لدعاة العنف، ومروجي التكفير».

وأكد شومان، أن «المؤتمر وجّه دعوة دول العالم العربي إلى تنظيم تعاونها وإلى تطوير آليات هذا التعاون بما يحقق الاستقرار والأمن والازدهار». ودعا الدول العربية إلى إقامة سوق اقتصادية واتحاد جمركي، لافتا إلى أنه سوف يتحقق وقتها مقومات التضامن والتكامل في إطار دائرة واحدة تجمع الدول الوطنية المتعددة في استراتيجية موحدة تحميها وتحتمي بها.

في السياق ذاته، أدان المشاركون في مؤتمر الإرهاب، الاعتداءات الإرهابية التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وخصوصا في القدس الشريف، والتي تستهدف الإنسان الفلسطيني المسلم والمسيحي على حد سواء، كما تستهدف المساجد والكنائس، وبخاصة المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وناشد المجتمعون المجتمع الدولي التدخل بفاعلية ومسؤولية لوضع حد لهذه الاعتداءات الآثمة.