أحمد مبلغي لـ «الشرق الأوسط» : نرحب بأي حوار مع السعودية.. ونؤكد على قولها إن «داعش» خطر على الأمة

ممثل إيران بمؤتمر القاهرة وصف دعوة الأزهر لطهران بـ«الذكية والطيبة»

أحمد مبلغي
TT

شدد رئيس جامعة المذاهب الإسلامية في إيران الدكتور أحمد مبلغي، الممثل الرسمي عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب والتطرف بالقاهرة، على أهمية المؤتمر، خاصة أن الداعي له مؤسسة عريقة لها ثقلها الديني في قلب العالم الإسلامي. وقال إن إقامته في هذا التوقيت مهمة جدا وموفقة، خاصة في ظل الأحداث الجارية التي تمر بها الدول الإسلامية والعربية.

وتوقع مبلغي في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر، أمس، أن تشهد «الفترة المقبلة القريبة تعاونا بين القاهرة وطهران للقضاء على الإرهاب والعنف، وأن تكون الأيام المقبلة شاهدة على مقابلات وفهم مشترك بين مصر وإيران سواء على الصعيد السياسي والديني». مضيفا «علينا أن نفهم أن مقاومة الإرهاب ليست سهلة، لأن الإرهاب له جذور متجذرة في المنطقة، ويجب على المجتمع أن يتكاتف ويتوحد لمواجهته».

وأكد الدكتور مبلغي أن «إيران لا تدعم فصيلا معينا مطلقا، بل تدعم السلم والأمن للجميع، ونحن ندعم ما تختاره الشعوب العربية، ولا ندعم فصيلا معينا ولا نظاما معينا مطلقا»، لافتا إلى أن طهران ترحب بكل أوجه التقارب بين السنة والشيعة من أجل التفاهم والتقارب لا من أجل التباعد والتنافر، مضيفا «نرحب بأي حوار بين المملكة العربية السعودية وإيران حتى نجد طريقا للتوافق.. ونؤكد على ما قالته المملكة من أن تنظيم داعش خطر على الأمة».. وإلى أهم ما جاء في الحوار:

* بداية، هذه أول دعوة توجه لإيران من الأزهر.. فكيف ترونها؟

- تلبية هذه الدعوة الكريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف جديرة بالتقدير والاحترام، وسرعة تلبيتها جاءت للخروج من النفق المظلم الذي تمر به البلاد الإسلامية، وهذه الدعوة تمثل قابلية لتوحيد الصفوف والجهود، لا أقول بشكل حاسم؛ ولكن فيها قابليات وبوادر لتوحيد الصفوف وتوحيد الجهود في الحوار المتكافئ بين الأزهر باعتباره المرجعية الإسلامية السنية وبين دولة إيران، التي تعد المرجع الشيعي. ولا بد لنا في البداية أن نثمن هذه الجهود التي يقوم بها الأزهر في فتح مجال أوسع للحوار الفعال والبناء، خاصة أنها تأتي لأول مرة، وسوف تكون هذه الدعوة أول خطوة في لم الشمل وفتح أواصر العلاقات البناءة، وسوف ندعو شيخ الأزهر لزيارة الجامعة الإسلامية بطهران من أجل توسيع العلاقات بين الجامعات الإسلامية والأزهر، ودعوة الأزهر لدولة إيران في هذا التوقيت تعتبر دعوة ذكية وطيبة لرأب الصدع بين الدول الإسلامية مع بعضها البعض، بجانب الدور المهم لدولة إيران في المنطقة العربية والعالمية، وكما أن لإيران دورا كبيرا ومهما، فإن لمصر أيضا دورا كبيرا مهما في العالمين العربي والإسلامي، والتواصل بين الدولتين في هذا التوقيت له دلالات كبيرة ومهمة. ويجب على حضور ممثلي الدول الإسلامية اغتنام فرصة انعقاد هذا المؤتمر والتوحد نحو وحدة فكرية واحدة ضد التكفير الذي أصاب الأمة الإسلامية.

* في رأيك.. هل سيكون هناك تعاون بين مصر وإيران في الفترة المقبلة؟

- أرى أن الفترة المقبلة القريبة ستشهد تعاونا بين القاهرة وطهران للقضاء على الإرهاب والعنف، كما يمكن أن تكون الأيام المقبلة شاهدة على مقابلات وفهم مشترك بين مصر وإيران سواء على الصعيد السياسي أو الديني، مما سينعكس على باقي الأمة وسيساعد على حل كثير من القضايا والمشاكل المطروحة على الساحة، كما أتمنى أن يحدث هذا قريبا مع تذويب الخلافات التي بيننا، واحترام كل منا لمعتقداته المذهبية، ويجب أن يعلم القائمون على الأمر أن قوى الاستكبار العالمية (العالم الغربي) لن تسعدها وحدة الأمة الإسلامية، وستسعى جاهدة لإفشال مثل هذه المؤتمرات والتقريب في ما بيننا، ويجب علينا أن نتوحد من أجل شعوبنا وبلادنا، ومؤتمر مثل هذا يجب أن تُفعّل توصياته وقراراته في جميع بلدان العالم الإسلامي.

* بصراحة.. هل السلطات الإيرانية رحبت بدعوة القاهرة للمؤتمر؟

- لا أخفيك سرا أن القائمين على الأمر في إيران رحبوا بدعوة الأزهر لهذا المؤتمر خاصة أن المؤتمر يحمل مثل هذا العنوان، وقد شاركنا بورقة عمل تحمل إيجابيات تصب في مصلحة العالم الإسلامي، وننتظر أن يكون هذا المؤتمر باكورة عمل مشترك في ما بيننا وبين دولة مصر الشقيق في المستقبل القريب.

* يرى الأزهر أن العالم الإسلامي بحاجة إلى التوحد من أجل محاربة الإرهاب.. في وجهة نظرك هل هذه الدعوة ستجمع صف الأمة، بسنيها وشيعيها؟

- كما قلت، فإن الدعوة التي وجهها الأزهر تمثل قابلية جيدة لالتقاء وحدة الصف، فهذه الدعوة تأتي في توقيت مهم جدا، وفي توقيت تحتاج فيه الأمة الإسلامية أن تتكاتف وأن تفتح مجالات عديدة للحوار لتوطيد العلاقات والتركيز في الأمور التي عليها اتفاق، وهذا هو الأهم، خاصة في هذه الظروف الطارئة التي اشتدت فيها الحركات المتطرفة والمخربة وانتشرت في المجتمعات الإسلامية والعربية بصفة خاصة، وعلينا أن نفهم أن مقاومة الإرهاب ليست سهلة، لأن الإرهاب له جذور متجذرة في المنطقة، ويجب على المجتمع أن يتكاتف ويتوحد لمواجهته؛ وإلا لن نتمكن من مقاومة هذا الفكر المتطرف.. وأرى أن مصر وإيران كدولتين عريقتين تمثلان مرجعيتين إسلاميتين كبيرتين هما المرجعية السنية والشيعية.. وهما مرجعيتان عميقتان، لا سيما أن الأزهر بعلمائه له باع طويل في تصحيح المفاهيم الإسلامية العميقة، وقد ترجمت كتب هؤلاء العلماء حتى للإيرانية، وكذلك للإيرانيين علماؤهم ولهم مثل هذا الدور.. فلو اقترب بعضنا من بعض في هذه المناطق التي بها تفاهم ومصالح مشتركة سنصل إلى التوحد في الصفوف، وأرى أنه لا بد أن ننتهز هذه الدعوة في أن تكون نقطة انطلاق لنا جميعا.

* من وجهة نظرك.. كيف يمكن أن نفعل أوجه التقارب بين السنة والشيعة؟

- لا بد أن نركز على المفاهيم المشتركة ونبتعد عن أوجه الخلاف، فمثلا من جملة الأساليب المفيدة في التفاهم المشترك الارتباطات العلمية، فالجامعات بؤرة العلم وفوق كل اختلاف، فيمكن أن يكون هناك تبادل ثقافي وتبادل علمي بين الأزهر والجامعة الإسلامية بطهران، وهذا مدخل مهم يسهل أمر التفاهم المشترك والتفاهم المثمر، وعلينا أن نقبل بهذه الأمور لأنها ستكون بناءة في إيجاد بقعة للتفاهم والتقارب.

* وهل يمكن أن تقبل الجامعات الإيرانية أساتذة أزهريين بها لتدريس المذهب السني؟

- الحقيقة أن هذه الجامعات الإيرانية أنشئت للغرض العلمي للطلاب الإيرانيين ولم نفتح المجال فيها للتدريس من الخارج، لكن لدينا مجلة بحثية ينشر فيها أساتذة مصريون، لكن نحن في هذه الجامعة الإسلامية بإيران نقوم بتدريس المذهب السني، فليست الجامعة مقتصرة على الطلاب الشيعة فقط؛ لكن مقتصرة على الإيرانيين فقط.

* على الجانب السياسي.. هل إيران تدعم فصيلا ونظاما معينا في المنطقة؟

- لا.. إيران لا تدعم فصيلا معينا مطلقا؛ بل تدعم السلم والأمن للجميع، ولا يمكن أن ندعم فصيلا دون آخر، لأن معنى أن ندعم يعني أننا نعطي أولوية لهذا الفصيل حتى وإن كان الفصيل هذا عدوا للدولة.. فهنا ستصبح إيران في عداء مع هذه الدولة؛ لكننا ندعم السلم لكل الدول ولا ندعم أي فصيل سياسي على حساب آخر أو على حساب دولة ما، وهذا من وجهة نظري لأن المجتمع العربي بحاجة إلى سلام وأمن، وأي اضطراب يحدث في المنطقة يؤثر علينا بشكل عام وكذلك الأنظمة، ولذلك نحن ندعم ما تختاره الشعوب العربية لا ندعم فصيلا معينا ولا نظاما معينا مطلقا.

* يشار إلى أن إيران تسعى لتمديد ونشر التشيع بالمنطقة خاصة دول الخليج العربي ومصر..

- هذا القول غير حقيقي.. نحن نسعى لأن نكون على وفاق لا على خلاف، ومن ثم نرحب بكل أوجه التقارب بين السنة والشيعة من أجل التفاهم والتقارب لا من أجل التباعد والتنافر.. فما يقال عن هذا غير صحيح، فالعلاقات بين دول المنطقة بصفة عامة وإيران جيدة في هذا التوقيت تحديدا؛ وإلا ما كان للأزهر أن يرسل دعوته لأجل حوار بناء مثل هذا.

* وماذا عن العلاقات الإيرانية بالمملكة العربية السعودية؟

- العلاقات السعودية الإيرانية فيها اختلافات عديدة مرتبطة بسياسة المنطقة ولا يمكن إنكارها، وأنا في هذا الجانب تحديدا لي رأي يتفق معه الكثيرون من كبار مسؤولي إيران، بأنه يمكن أن نتحاور مع المملكة العربية السعودية، فنحن نمد يدنا للجميع ونرحب بأي حوار بين المملكة وإيران حتى نجد طريقا للتوافق، فالمملكة العربية السعودية ارتأت مؤخرا أن تنظيم داعش خطر على الأمة ونحن كذلك.. فيمكن توحيد هذه المساحة المشتركة لنتفاهم فيها، والحقيقة أن الأزهر طرح هذه الجزئية المهمة في إيجاد صيغة للتفاهم بين المملكة وإيران.

* وهل يعني هذا أن الأزهر يلعب دورا وسيطا بين إيران والسعودية؟

- نعم.. فالأزهر يسعى إلى هذا الأمر جاهدا.. وتأتي هذه الدعوة لحضور المؤتمر بوجود المملكة العربية السعودية من أجل هذا الغرض أيضا، فنحن نرحب بأي تفاهم مشترك.

* في رأيك.. هل الخلاف بين المملكة وإيران خلاف سياسي أم آيديولوجي؟

- الخلاف بالطبع سياسي وليس آيديولوجيا بالمعنى الظاهر، ولهذا نحن نرحب ولا نزال نرحب بأي مبادرات يمكن أن توجد مساحة من التفاهم بيننا وبين المملكة العربية السعودية.