ضابط عراقي سابق: مقر البغدادي في الرقة.. وجاء سرا للموصل مرة واحدة

قيادات «داعش» ليسوا من العراقيين ولا يثقون بأهالي نينوى

أبو بكر البغدادي يعلن خلافته في جامع النوري وسط الموصل، و عناصر من تنظيم «داعش» لدى دخولهم مدينة الموصل في يونيو الماضي (أ.ب)
TT

على الرغم من اتخاذ تنظيم داعش مدينة الموصل مركزا لما يطلقون عليه دولتهم الإسلامية، فإنهم لا يثقون كثيرا بأهالي هذه المدينة التي عرفت بولائها لمحافظتهم ولعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية المتزمتة أكثر مما هي محافظة، وانطلاقا من هذا المبدأ فإن التنظيم الإرهابي لم يودع أسراره السكان المحليين حتى وإن كان أحدهم قياديا في التنظيم.

ويؤكد ضابط كان يحمل رتبة عقيد في الجيش العراقي السابق، ومن أهالي الموصل، أن «القيادات العسكرية والأمنية والاستخباراتية في تنظيم داعش ليسوا من العراقيين عامة، وليسوا من أهالي الموصل خاصة، بل غالبيتهم من العرب (غير العراقيين)»، مشيرا إلى أنه «باستثناء والي الموصل، فهو من أهالي المدينة، كونه يعرف عوائل وكبار شخصيات الموصل، ويستطيع تدبير إدارتها، فالدواعش لا يعتمدون على أي من الأهالي لشغل مناصب قيادية عليا».

الضابط السابق تحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الإنترنت، أمس، مكتفيا باسم (العقيد الجبوري) لأسباب تتعلق بأمنه وأمن عائلته، أكد أنه «منذ أن أعلن أبو بكر البغدادي خلافته وطلب مبايعته في يونيو (حزيران) الماضي، لم يلتقه أحد في الموصل على الإطلاق»، مشيرا إلى أن «الخطبة كانت قد تمت بجامع النوري الكبير الذي تعلوه منارة الحدباء التاريخية»، والذي يقع في الساحل الأيمن (الغربي) للموصل. وتسمى المنطقة المحيطة بالجامع محلة الجامع الكبير، بناه نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري، أي أن عمره يناهز الـ9 قرون، ويعتبر الجامع ثاني جامع يبنى في الموصل بعد الجامع الأموي، وأعيد إعماره عدة مرات كانت آخرها عام 1944.

وقال الجبوري: «كنت ضابطا في الاستخبارات العسكرية، ومعلوماتي الاستخباراتية التي استخلصتها حتى من بعض الأصدقاء المناصرين لتنظيم داعش، فإن مقر البغدادي في مدينة الرقة وليس في الموصل، وهو (البغدادي) جاء للموصل لإلقاء خطبته الشهيرة وتركها مباشرة»، مشيرا إلى أن «المعلومات شبه الموثوقة تؤكد زيارته لمرة واحدة وبطريقة سرية للموصل قبل أقل من شهر التقى خلالها بعض قيادات التنظيم خارج المدينة».

وأوضح الجبوري، أن «لتنظيم داعش جهاز استخبارات دقيقا في معلوماته، فهم حصلوا على جميع المعلومات من حاسبات الجيش والشرطة العراقية التي تركوها خلفهم، وكذلك ممن يعمل معهم من أهالي المدينة».

الجبوري قال إنه يعمل ومنذ تقاعده بعد 2003 في التجارة، مضيفا: «إنني لم أعمل في السياسة على الرغم من معارضتي وبشدة لحكومة نوري المالكي التي أدت إلى سيطرة (داعش) على مدينتنا، وكانت خطة من رئيس الوزراء السابق للانتقام من أهالي الموصل»، نافيا أن «يكون جميع ضباط الجيش العراقي السابق أو البعثيون متعاونين مع داعش، لكنهم قد لا يكونون ضد التنظيم».

وقال إن «البغدادي لا يتحرك ضمن رتل عسكري يجذب الانتباه، بل بطرق تمويهية ذكية، وهو يعرف جيدا أنه مستهدف لهذا هناك من يضع له خطط حركته ولقاءاته، فهو يخشى من الوشاية به للأكراد وقوات البيشمركة المتعاونة مع القوات الأميركية، ولا يخشى الأجهزة الأمنية العراقية كونه يعرف ضعفها وتفككها وأراهن بأنه يستطيع الوصول إلى بغداد والعودة إذا أراد ذلك».

من جهته، أكد الناشط غانم العابد، وهو من أهالي الموصل ومقيم في أربيل لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، أمس، أن «كل معلوماتنا تشير إلى أن البغدادي في الرقة ولا يوجد في الموصل بسبب القصف الجوي للتحالف الدولي»، مشيرا إلى أن «قيادات تنظيم داعش لا تتخذ من الدوائر الحكومية مقرات لهم لمعرفتهم بأنهم مستهدفون».

وأشار العابد إلى أن «هناك الكثير من أهالي الموصل ممن يعملون مع تنظيم داعش أو ينتمون للتنظيم وهم معروفون ولا ندري كيف سيتم التصرف مع هؤلاء عند تحرير الموصل من (داعش)»، موضحا أن «غالبية المناصب المهمة تسند للعرب وليس لأهالي الموصل، فمسؤول ديوان التعليم مثلا مصري ويدعى (ذو القرنين)». وقال إن «أهالي الموصل لا يلتقون بالدواعش، فهم لا يختلطون مع الناس وباستثناء وجودهم في نقاط التفتيش، وكعناصر للشرطة، وغالبيتهم من العراقيين، يكاد يكون وجودهم خفيا».

في السياق ذاته، عثرت قوات الجيش العراقي على جثة القيادي في تنظيم داعش أبو يحيى المغربي في ناحية جلولاء التي حررتها قوات الأمن الأسبوع الماضي من سيطرة التنظيم المتطرف.

وقال مقدم في الجيش العراقي لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إن «قواتنا عثرت على جثة الإرهابي أبو يحيى المغربي المسؤول عن خلية تجنيد الانتحاريين في جلولاء والسعدية».

وكانت قوات الأمن بمساندة الحشد الشعبي وقوات البيشمركة تمكنت من تحرير البلدتين بعد نحو شهرين من احتلالهما من قبل تنظيم داعش.

والمغربي مسؤول عن تجنيد وتدريب وتوزيع الانتحاريين على قواطع العمليات التي يسيطر عليها التنظيم، بحسب الجيش.

وأوضح المسؤول الأمني، أن «المغربي عثر عليه في أحد أحياء المدينة ميتا، ويبدو أنه قتل خلال الاشتباكات التي وقعت خلال عملية التحرير».

من جهة أخرى، أفاد عقيد في الجيش العراقي بتفكيك نحو 200 عبوة ناسفة في البلدتين خلال عملية المسح الحالية فيها إلى جانب تفكيك 4 سيارات مفخخة.

يشار إلى أن عناصر «داعش» يعملون على مسك الأرض من خلال تفخيخ الشوارع والمنازل في المناطق التي يسيطرون عليها من أجل منع تقدم قوات الأمن ونصبها كمائن. وبعد طرد عناصر التنظيم في السعدية وجلولاء في محافظة ديالي شمال شرقي بغداد، لم يبقَ للتنظيم أي سيطرة على مدينة أو بلدة هناك، وعاد إلى معاقله في سلسلة جبال حمرين.