مخاوف من «تعسف» الشرطة التركية بعد صدور قانون يوسع سلطاتها

«الاشتباه المقبول» يعوض «الأدلة الملموسة» في عمليات التفتيش

TT

توسعت سلطات الشرطة التركية للقيام بعمليات تفتيش، وستحظى الحكومة بمزيد من السيطرة على السلطة القضائية، بموجب مشروع قانون أجازه البرلمان في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي. ويسمح القانون الجديد للشرطة بالحصول على أوامر تفتيش استنادا إلى مجرد «الاشتباه المقبول»، بدلا من معيار سابق كان يشترط وجود «شكوك قوية تستند إلى أدلة ملموسة». وستحصل المحاكم في البلاد على صلاحيات أوسع تجيز مصادرة ممتلكات الأشخاص الذين يخضعون للتحقيق، بمن فيهم الذين يخضعون للتحقيق في اتهامات «تعطيل النظام الدستوري». ويقول منتقدون لهذا القانون، إن الحكومة قد تستغله بسهولة لاضطهاد معارضيها السياسيين. ويخفف مشروع القانون من القيود التي كانت مفروضة على الشرطة هذا العام كجزء من مساعي تركيا لمواءمة قوانينها مع قوانين الاتحاد الأوروبي، الذي تأمل الانضمام إليه.

من جانبها، قالت إيما سنكلير ويب، باحث أول في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في بيان: «يبدو أن الحكومة عازمة على النكوص على إصلاحاتها التي كانت في أمس الحاجة إليها للسيطرة على سلطات البحث والتنصت». وأضافت قائلة: «يهدد هذا القانون الجديد بالعودة إلى الممارسات التعسفية للشرطة في الماضي».

ويتضمن التشريع الجديد إصلاحا شاملا للنظام القضائي، يرى محللون أنه سيقلص من بعض صلاحيات أعلى محكمتين بالبلاد، وهما محكمة الاستئناف ومجلس الدولة. فلم يعد من مشمولات سلطة محكمة الاستئناف، مثلا، الاعتراض على قرارات يحدد القاضي بمقتضاها أي قضية ينظر. وتتكون الهيئة التي تحيل القضايا، وهو المجلس الأعلى للقضاة وممثلو الادعاء العام، بشكل أساسي من قضاة يعتبرون من المقربين للحكومة.

ويقول محللون إن التشريع الجديد يثير مخاوف بشأن مستقبل سيادة القانون في تركيا. ومن جانبه، قال سيركان أولكو، الباحث المساعد في جامعة جلال بايار، إن «المشكلة الكبرى هي التشكيك في السلطة القضائية، واللعب مع مؤسساتها ولوائحها مثل الأحجية».

من ناحية أخرى، قال مؤيدون لمشروع القانون إنه ضروري من أجل الحفاظ على النظام بعد اندلاع أحداث عنف في مظاهرات سياسية جرت في خريف العام الحالي، مما أسفر عن سقوط نحو 40 قتيلا.

ولكن منتقدي الحكومة يقولون إنه أحدث خطوة في صراع الرئيس رجب طيب إردوغان على السلطة مع فتح الله غولن، الداعية الإسلامي البارز الذي يعيش في منفاه الاختياري في ولاية بنسلفانيا. ولدى كولن كثير من الأتباع والمتعاطفين الذين يتولون مناصب مهمة في دوائر الشرطة والقضاء. وكان إردوغان اتهم، العام الماضي، غولن وأتباعه بتدبير تحقيقات في قضايا كسب غير مشروع تورط فيها أعضاء من المقربين للرئيس. أما حزب الشعب الجمهوري التركي، وهو أكبر أحزاب المعارضة، فقد وصف مشروع القانون بأنه يمثل انتهاكا للحقوق الأساسية وقال إنه سيقدم التماسا أمام المحكمة الدستورية في البلاد من أجل إلغائه.

من جانبه، قال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري عاكف حمزة جبي: «لا علاقة لمشروع القانون بمواجهة العنف». وأضاف قائلا: «على العكس من ذلك، إنه يقمع الديمقراطية والحقوق والحريات، ويحرم المجتمع من الحق في المعارضة».

* خدمة «نيويورك تايمز»